كورونا بين العلم والدين


عندما نشتري الدواء من الصيدلية لا نسأل الصيدلي أو الطبيب عن ديانة الشخص الذي اخترع أو طور هذا الدواء. إنما نشتريه ونتوكل على الله ونطلب منه الشفاء. وطلب الشفاء من الله يأتي بحسب المعتقد الديني للشخص. إن علماء الحقول الطبية سواء أكانوا ملحدين أو عبدة أوثان أو عبدة بقر أو من مسلمين أو مسيحين، قدموا عقاقير طبية ساهمت في القضاء على الكثير من الأمراض أو سرعة الشفاء منها عبر تاريخ الإنسانية الطويل. فالطب أو علوم الادوية نَتاج جهود تراكمية إنسانية ساهم فيها بنو البشر عبر تاريخهم، ولم تقتصر على طائفة دينية بعينها فالطب ليس له هوية دينية معينة.
يرى بعض الناس الاشياء نفسها ولكن بعدة طرق، ومن المعروف أن غياب اكتشاف علاج فعال للوباء لغاية الآن( ونأمل أن لا يستمر طويلًا) قد وضع العالم في النسق الثقافي المغلق بعض الشيء خصوصًا من الذين انحازوا للقول بأن هذا الوباء هو غضب من الله وانتقام من المفاسد المنتشرة في المجتمع، وبعضهم قال أن هذا الوباء هو هجمة مصطنعة استعمارية هدفها القضاء على شعوب بعينها دون أن يقدم الدليل المنطقي. فالمطلوب من الخطاب الديني ثبيت قلوب الناس على الإيمان برحمة الله وقدرته على ازالة الوباء، كذلك التفاؤل في النقاش الديني وليس التشاؤم والقول بأن الله سيدمر هذا العالم، وأن هذا الوباء ليس له دواء ولا أمل بالقضاء علية، والتالي تنتقل هذه الأفكار بين الناس فتصاب المجتمعات بالخوف والهلع وفقدان الأمل وتنهار بذلك مجتمعات برمتها.
يظهر هنا وهناك بعض من يرون الأمور بحسب مزاجهم مثل قول البعض أن اغلاق المساجد هو غضب من الله، واغلاق المعابد للديانات الأخرى هو غضب من الله ، وأن الوباء هو انتقام من الله. الله سبحانه وتعالى أرحم بالناس من أنفسهم، وأرحم من الأم بولدها. فإجراءات الحجر الصحي المتبعة في دول العالم المسلمة وغير المسلمة متشابهة تقريبًا والهدف منها: هو الحد من أنتشار الوباء، وهذه الاجراءات الصحية ليس لها انتماء ديني أو عقائدي وإنما تنسب للإنسانية بعامتها لمواجهة هذا الوباء.
أن الحدية أو التطرف والانغلاق بالأفكار قد سبب ما لا يحمد عقباه في مجال أنتشار الوباء وأن عملية وضع الدين والعلم وعامة الناس في مواجهة كورونا بشكل ينحاز كل واحد منهم الى نظرته من زاوية ضيقة قد تسبب الكثير من المتاعب، وقد يؤخر أمل القضاء على هذا الوباء. فالدين منهج حياة للجميع سواء أكانوا علماء الحقول الطبية أو علماء أديان أو عامة الناس، فلا مواجهة بين هؤلاء في هذا المجال، وأن أية مواجهة ستكون خاسرة لا محالة، فالتعاون مطلوب بين كافة أبناء المجتمع، بغض النظر عن خلفيتهم العقائدية لأن هذا الوضع مختلف تمامًا. فالعلماء الذين يسعون لاكتشاف علاج لفيروس كورونا يقومون بذلك باسم البحث العلمي وليس باسم اية ديانة كانت، بغض النظر عن الأقاويل التي تنتشر بأن هذا الوباء من صنع البشر أو نتاج تجارب كيميائية أو غضب من الله فالنتيجة واحدة ويجب أن نقول لكل من قدم جهدًا في مواجهة ازمة كورونا شكرًا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات