فجر الجمعة العظيمة


ورد في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنا نتحدث بحجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ولا ندري ما حجة الوداع. فالله _سبحانه _ يُلقي في قلوب عباده أمراً ما لحكمة لا يعلمها إلا هو، وكأنها تهيئ الناس لحدث جلل، فلفظ الانتفاضة لم يكن متداولاً من قبل، فأصبح يعني: مقاومة شعب مظلوم، يستخدم وسائل وأساليب سلمية للمحافظة على هويته ومقدساته وأرضه، ولعل فجر الجمعة العظيمة كذلك.

لقد أطلق مسمى الفجر العظيم والجمعة العظيمة في الأرض المقدسة لأداء صلاة الفجر في المسجد الأقصى، رداً عملياً على صفقة القرن، ثم انتقل الأمر إلى المسجد الإبراهيمي في الخليل، وإلى مسجد النصر بنابلس، وفي كل جمعة يزداد عدد المساجد والمصلين، وجاء ذلك رداً سلمياً عملياً من أهل فلسطين على صفقة القرن المعلنة بين الصهاينة لتغيير سمات فلسطين العربية والإسلامية. وقد أبدع أهل فلسطين في إستحداث أنشطة اجتماعية مرافقة لصلاة الفجر؛ لتزيد من ترابطهم وتآلفهم، فالتاريخ الإسلامي شاهد على استحداث أفكار وأنشطة متنوعة لمجابهة الغزاة، ومن بينها مثلاً زوايا الصوفية في إفريقيا والتي استحدثت لتكون منارات جهاد ورباط وعلم.

وفي عام 522هـ تنبأ أحد علماء التفسير بالأندلس أبو الحكم عَبْد السَّلام بن عَبْد الرحمن بن محمد اللخمي الإشبيلي ابن برجان والملقب بغزالي الأندلس عند تفسيره لمطلع سورة الروم (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) بتحرير المسجد الأقصى من الصليبين يوم الجمعة 27 رجب 583هـ وقد توفي ابن برجان سنة532هـ ولم يشاهد الفتح، ولكن ذلك التاريخ استوطن في قلوب المسلمين؛ فلما ذهب صلاح الدين الأيوبي _رحمه الله_ في عام 579هـ لفتح مدينة حلب، واستطاع بفضل الله تطهير المدينة من الخارجين عن الإسلام في هذه اللحظة المباركة أنشد الشيخ زكي محيي الدين قاضي دمشق بيتاً من الشعر مخاطباً صلاح الدين وفتحكم حلب الشهباء في صفر مبشر بفتح القدس في رجب، فقام عندها بعض الناس يسألونه منكرين عليه ( من أين أتيت بهذا الكلام ) إلا أنه لم يرد عليهم، وبعد أربع سنوات وفي 27 رجب عام 583 تم تحرير بيت المقدس من أيدي الصليبين، فسأل الناس القاضي زكي محيي الدين وسط ذهول عن مصدر كلامه، فأشار إلى الشيخ ابن برجان _رحمه الله تعالى_.

واليوم تسري في قلوب المسلمين موعد اقتراب تحرير المسجد الأقصى بأيدي عباد الله المؤمنين تصديقاً لقوله سبحانه: ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) الإسراء ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ )رواه مسلم، وما توافد الناس وبكثافة لصلاة فجر يوم الجمعة في الأقصى والمسجد الإبراهيمي ومسجد النصر بنابلس إلا بداية تربوية إيمانية ونهضة إمة، وليكونوا عباداً لله؛ فصلاة الفجر جماعة في المسجد عنوان الإيمان .

والمتوقع من الهيئات الإسلامية الرسمية والشعبية المبادرة لتعميم الفكرة وترسيخها في كافة المدن والقرى الفلسطينية أولاً، ثم تنفيذها أيضاً في مدن العالم الإسلامي دعماً لصمود إخوانهم في أرض الإسراء والمعراج، ولئن استجابت بعض المدن لذلك، حيث تقام صلاة فجر الجمعة العظيمة في مسجد الفاتح باسطنبول فمن المأمول إقامة صلاة فجر الجمعة العظيمة في أحد المساجد الكبرى للعواصم والمدن في ما سمي بدول الطوق _ الأردن ومصر وسوريا ولبنان _ ، كالمسجد الحسيني بعمان، والأموي بدمشق، ومسجد الأمين ببيروت، ومسجد الفتح _ عمرو بن العاص_ بالقاهرة، فهم حراس المسجد الأقصى والأقرب إليه، فصلاة الفجر أشد رهبة في نفوس الصهاينة من جيوش كبيرة ولكنها بعيدة عن ذكر الله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات