نيويورك تايمز: تظاهرات العراق فاجأت الحكومة


جراسا -

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن حجم الاحتجاجات في العراق فاجأ الحكومة في بغداد. وفي تقرير أعدته أليس جي روبن، قالت إن في التظاهرات التي خرجت في المدن العراقية الأسبوع الماضي تطالب بإنهاء الفساد الحكومي والبطالة وتوفير الخدمات الأساسية وجدت الحكومة نفسها أمام وضع لم تحضر نفسها له. وردت بحجب الإنترنت وفرض منع التجول ونشر قوات الأمن ولم تتردد في فتح النار على المتظاهرين. وعلى مدى الأسبوع الماضي، قتلت الشرطة 91 متظاهرا على الأقل وجرحت حوالي 2.000.

وترى الصحيفة أن التظاهرات هذا الأسبوع، التي خرجت بالآلاف في شوارع المدن العراقية من الجنوب إلى بغداد، كشفت عن حالة اليأس التي وصل إليها العراقيون وعجز الحكومة الدائم عن تقديم الإصلاحات التي وعدت بها.

وتذكر التظاهرات الأخيرة أن العراق، الذي لم يعانِ أبدا من الربيع العربي أو تمرد شعبي، لديه شرطة دربت على التعامل مع الإرهابيين ولكنها لا تعرف التعامل مع الجماهير السلمية.

وقال إبراهيم أحمد يوسف (34 عاما) الذي أصابته رصاصة في عنقه: “لقد خرجت إلى الشوارع مطالبا بالإصلاح في بلدي والتخلص من المافيا التي سرقت البلاد لأجد نفسي أمام الشرطة التي عاملتني بوحشية”. وأضاف: “نحن متظاهرون سلميون، ولكن قوات الأمن عاملتنا بوحشية وكأننا حيوانات، وليس بشرا يطالبون بحقوقهم”.

ورفعت الحكومة حظر التجول الذي تجاهله معظم السكان، فيما اجتمع البرلمان لمناقشة الوضع، والتقى رئيس البرلمان ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي مع قادة المحتجين بدون حل للموقف، مع أن المتظاهرين عبروا عن استعدادهم لمواصلة الحوار.

وتعلق الصحيفة أن المعاملة القاسية للمتظاهرين تعطي صورة أن قوات الأمن حصلت من القيادة على مساحة لاتخاذ كل ما لديها من قدرات لوقف التظاهرات، مما يكشف عن عدم جاهزية الحكومة للرد على مطالب مواطنيها.

وشهد العراق تظاهرات أعنف من الحالية، خاصة عندما هاجم المتظاهرون البرلمان عام 2016 وطالبوا بوقف الفساد الذي يعد مطلبا رئيسيا للمحتجين. وفي هذه المرة جاء المتظاهرون بشكل أوسع وحس عميق بعقم الحكومة وجلبوا معهم الشباب والمثقفين والمتعلمين وبعض الأحزاب السياسية التي تحاول الاستفادة منها.

وزادت نسبة العاطلين عن العمل رغم الموارد النفطية ونهاية المعارك ضد تنظيم الدولة، ومع ذلك لم يتم إنفاق الأموال الكافية لخلق فرص عمل جديدة وتحسين الخدمات لمنح المواطنين فكرة أن حياتهم اليومية قد تغيرت.

وكإشارة عن يأسهم، واصل العراقيون التظاهر رغم العنف ورد القوات الأمنية عليها. وقال متظاهرون إن قوات الأمن قامت في بعض الأحيان بالتصويب على المتظاهرين بدلا من إطلاق النار في الهواء. وتقول رندا سليم، الزميلة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن: “هذا يعكس فهما واسعا بعدم قدرة النظام على إصلاح نفسه”. وتساءلت “عن الطريق للأمام؟”، مجيبة “لا أعتقد أن لدى أي طرف فكرة”. وانطلقت التظاهرات يوم الثلاثاء، وبدت كأنها خرجت من لا مكان ولكنها كانت ردا على حدث سياسي مقلق هو عزل جنرال محترم، عبد الوهاب الساعدي، من قيادة قوات مكافحة الإرهاب.

وتم عزل الساعدي الذي لعب دورا مهما في القتال بالموصل والفلوجة من منصبه بشكل قاطع وعين في وزارة الدفاع. والجنرال الساعدي شيعي ولم يرتبط بأي من الأحزاب السياسية، وعزله جعله بطلا في عين الجميع.

ويرى الشارع أن عزل الساعدي بسبب عدم فساده مقارنة مع الشخصيات البارزة الأخرى ورفضه الإذعان لقوات الحشد الشعبي. ويرى عباس خادم، من المجلس الأطلنطي، أن الناس سواء عرفوا أم لم يعرفوا، فقد كان الساعدي أقل أهمية مما دافع عنه ولكنه كان “مجرد شرارة زادت من مظالمهم”. وقال إن الكثير من المظالم لا علاقة برئيس الوزراء عادل عبد المهدي ولكن “عندما تكون رئيس الوزراء فيجب أن تدفع ثمن أخطائك وأخطاء من سبقوك”.

وفي البداية كانت التظاهرات صغيرة ثم زادت أعدادها بعد الرد الوحشي من الأمن. وفي يوم الجمعة أصدرت الشرطة الفدرالية بيانا قالت فيه إن القناصة الذين لا علاقة لهم بقوات الأمن هم من يطلقون النار على المحتجين والشرطة.

ولا يعرف إن كانت هذه كيانات ظل في داخل المؤسسة الأمنية العراقية مرتبطة بأحزاب أو دول جارة للعراق تحاول زيادة الفوضى في البلاد. ولأن الحكومة فوجئت بالتظاهرات فقد التزمت الصمت أولا، وتركت الشرطة تتصرف وأغلقت الإنترنت وأصدر عبد المهدي بيانا يدعم فيه تصرفات قوات الأمن.

وفي يوم الجمعة وبعد زيادة الانتقادات من المرجعية الدينية والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، قام رئيس البرلمان محمود الحلبوسي بمقابلة ممثلين عن المتظاهرين وقدم سلسلة من التنازلات التي لا يمكن للحكومة تنفيذها.

وفي يوم السبت، التقى عبد المهدي بالمتظاهرين. والمشكلة هي أن الأحزاب السياسية اشتمت رائحة الدم وتعتقد أنها تستطيع الإطاحة بعبد المهدي والحصول على مكاسب لنفسها، ولهذا هناك لقاءات من خلف الأضواء جارية.

وانتقد تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر وتحالف الحكمة الحكومة. وطلب الصدر من كتلته التوقف عن المشاركة في البرلمان واستقالة الحكومة. فلو قرر الصدر دعوة أتباعه للتظاهر سيجيبه سكان حي الصدر قرب بغداد وكذا مدينة البصرة في الجنوب.

وعلى خلاف تظاهرات عام 2016، حيث كان معظم المشاركين فيها من أتباع الصدر، فتظاهرات اليوم تمثل قطاعات متعددة من المجتمع، ولأن كل محافظة لديها مطالبها فليس هناك قائد واضح لها للتفاوض نيابة عن المظلومين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات