الموظف فرج الصقور نقل الحقيقة صدقا فنقل ظلما


عندما يغيب الحلم عن عقل المسؤول ويضيق صدره بقول الحق ويقل التخطيط في الإدارات العامة ويتحكم الهوى والمزاجية في القرارات الرسمية تكون الإنتاجية اقل الاهتمامات والنفاق والتملق جل الغايات حينها يطفو على السطح التعسف وتتسيد العنجهية ويستبد سلوك الأفراد.

سعة الصدر منحة إلهية ورحمةٌ ربانية وعنوان على رجاحة العقل ودليل على كمال المروءة والرجولة لا يتخلَّق بها إلا العظماء الذين لا يغضبون لأتفه الأسباب ولا يعكر صفو حياتهم أدنى الأشياء فتثور مشاعرهم للازدراء والكراهية والانتقام.

ما سأقوله ليس من بنات أفكاري او نسج خيالي بل هو واقع الحال الأليم عن خبرة واستبصار حدث كثير من مثله في معظم وزاراتنا وإداراتنا ومؤسساتنا بعضها عاصرته متأثرا ومؤثرا والبعض الاخر علمته عن قرب من خلال شخوصه ورموزه.

معلوم تنظيميا بأن النقل الوظيفي هو أحد الإجراءات الإدارية التي تتطلبها المصلحة العامة بهدف الاستفادة من خبرات الموظف لتحقيق معدلات مرتفعة من الكفاية الإنتاجية وقد ضمن القانون حق المنقول أداريا وماديا لكن عندما يكون النقل تعسفا إداريا يضر بالمصلحة العامة والشخصية نقول بالم " مسكينة أيتها المصلحة العامة كم من المآسي والآثام ترتكب باسمك ".

بروح وطنية عارمة ثائرة تكره الظلم والتعسف والاستقواء بالباطل وتنتصر للحق والمظلوم حتى لا يبقى العدل كليل عاجز ليس لظهره سند أبدى كثير من الأردنيين غضبهم واستهجانهم واستيائهم من قرار وزير الصحة نقل الممرض وفني المختبر فرج الصقور من مستشفى أبو عبيدة في الشونة الشمالية إلى الرويشد بعد ان صارح بصورة عفويه وزير الصحة الدكتور سعد جابر بضرورة تحديث المختبر وتوسعته ودعمه بالأجهزة واللوازم والأدوات فغضب الوزير من كلامه دون مبرر ( وشعر من حضر كأنه يقول له كيف انت تتحدث مع أسيادك بهذه الطريقة ) ثم أمر بنقله على الفور وخلال ربع ساعة فقط والغريب ان كل هذا يحدث في زمن ادعاءات حكومة النهضة الموقرة بالإصلاح والشفافية فأهلا وانعم بهكذا ديمقراطية.

ما قام به وزير الصحة تصرف عقابي شخصي غير مسئول وإجراء متسرع غير مقبول ويدخل في إطار التعسف باستعمال السلطة واللجوء إلى الأسلوب الديكتاتوري العرفي المتخلف ويحيي عقلية الحقد والثأر في إدارة العمل العام والذي يعكس سوداوية الواقع الوظيفي المرير فهنالك مئات الموظفين تعرضوا للظلم بسبب قرارات مجحفة لمسؤول ( مريض بحنون العظمة ) متغطرس ومستبد ولم يجدوا حتى اليوم من ينصفهم مما جعل الكثيرين بعدهم يرفضون التحدث عن عما يجري من إهمال وسوء خدمات داخل إداراتهم خشية أو تحسباً من نتائج لا تحمد عقباها كما حدث للممرض فرج الذي تجرأ وكسر حاجز الصمت بمطالب شرعية وقانونية ووطنية ولم يسئ فيها لأحد قدمها بأدب ومن منطلق حرصه على أمانة المسؤولية ورغبة منه قي تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمرضى فهل " يعقل أن يتم نقله لمجرد أنه نقل الحقيقة " وهو صاحب قصة وسيرة كفاح مهنية مشهودة ومشرفة وله تعامل أنساني متميز مع المرضى والمراجعين وان نقله بهذه الطريقة لم يعد يحسب كمسالة إدارية أو فنية بقدر ما أصبحت قضية وطنية تتعلق بكرامة إنسان وجب تكريمه وتقديره لا نقله وأهانته بشكل تعسفي ظالم وفي حالة غضب وتسرع واستعراض ومزاجية ممجوجة.

يعلم وزير الصحة قبل غيره ان الظلم من أقبح الأمور وأعظم المعاصي واكبر معاول الهدم والخراب والإحساس به يشكل ترجمة واقعية لحياة الكثير من الشرفاء والطيبين ذوي النوايا الحسنة في مجتمعنا ومع هذه الحادثة المؤسفة لا بد ان نسأل إلى متى يبقى الموظف الصادق والمخلص يتجرع الإحساس بالظلم الشنيع والقهر المريع في مؤسساتنا وإداراتنا ونحن نرى الإهمال وسوء الإدارة والفساد يلف حياتنا ويهلك مقدراتنا وكيف للأذان صاحبة القرار ان تصم عن سماع صرخة المظلوم والعيون تعمى عن قسوة الظالم والبعض بحكم منصبه أصبح يزداد طغيانا وإعجابا بنرجسيته وغروره وساديته وتوحشه.

ولعله من الضروري هنا إن نذكر الوزير الدكتور جابر بما قاله جلالة الملك في لقائه الإعلامي مع طالبات من جامعتي واليرموك الأردنية ( لعله يأخذ من ثناياه العبرة ويتعظ ويتعلم ويقتدي برؤى ومواقف وتواضع ورفق وأخلاق سيد البلاد ) عندما سألنه الطالبات ما هي أكثر صفة تزعجك بالأشخاص وأكثر صفة تحبها فأجاب الملك ببساطة ولطف ( إن أحب وأهم القيم والصفات لديه هي الصدق وقوله مهما كلف الأمر وأن هذه القيمة أسمى الأخلاق وانه كقائد يعليها ويكبرها وكأنه دون أن يطلب يقول لأبناء وطنه عليكم بالصدق فهو أكرم وأعف وأحفظ للكرامة وقال جلالته أيضا انه لا يحب الأحاديث المجملة التي تجافي الحقيقة ولا يقبل من المسؤول أن يرسم الواقع بألوان زاهية بعيدة عن الحقيقة وانه يحترم من يعترف بالإخفاق واسبابه ويعرض إجراءاته لمنع تكراره وانه دوما نصيرا للطرح الموضوعي كضرورة للتقييم الدقيق والأساس لاتخاذ القرار الصائب ) وهذا باختصار شديد ما سار على نهجه واقتدى به الموظف فرج الصقور بصدق وصراحة لم تجد أذان صاغية ولا عقل متفهم ولا حسن معاملة.

ولا أدرى بالمناسبة هل يخجل بعض القوم من المسؤولين وهم جلوس حول جلالة الملك وهم يعلمون ان قائد البلاد يعلم بكذبهم وتقصيرهم بحق الوطن والمواطن.

منذ سنوات طويلة ولواء الشونة الشمالية يعاني من تهميش واضح وعدم اهتمام كبير ونقص وسوء في الخدمات المقدمة للمواطنين على رأسها المتطلبات الصحية حيث كانت أغلب شكاوى المواطنين تذهب أدراج الرياح وإن تُوبعت فغالباً ما يكون المواطن متجنياً ولا صحة لشكواه أو أنه غير مدرك للحقائق ومشككاً في نزاهة المسؤول وخائناً للوطن وجاحداً للنعمة.

وفي ظل سيطرة الحاشية السيئة والبطانة الفاسدة واللوبيات الطفيلية من الانتهازيين والفاشلين في كثير من الوزارات والدوائر والمؤسسات العامة على مقاليد الأمور وهي لا تنقل الحقيقية للمسؤول خوفا من غضبه وطمعا في رضاه وتسمعه ما " يحب " من تطبيل ونفاق وإطراء وقبول ورضا وتحجب عنه ما " يجب " سماعه عن معاناة المواطنين والعيوب والتقصير في الأداء والواجبات لهذا كانت غضبة ومصارحة هذا الموظف " فرج الصقور" الوطني الغيور والمخلص الشريف الأمين وهو يرى حياة الناس في خطر مستمر وصحتهم في تدهور مضطرد نتيجة التهميش واللامبالاة سوء الخدمات الصحية وقلة الإمكانات وقدم وخراب ونقص المعدات.

ومن المفيد في هذا المقام ان نستذكر الطبيب والنائب وزير الصحة الأسبق المرحوم بإذن الله تعالى الدكتور عبدالرحيم ملحس ونذكر لمن نسي أو جهل أن الراحل هو صاحب العبارة الجريئة الصادقة التي أطلقها عندما كان وزيرا للصحة عام1993( إن غذاءنا ودواءنا فاسدان والأردن تحول إلى حاوية قمامة للعالم أجمع ) ولنا ان نقيس على هذا حياته الغنية بالمواقف التي كانت مرآه ضميره ووحي لسانه الذي كانت تقطر منه الجرأة والصراحة والوضوح من اجل حماية صحة المواطنين ومتابعة همومهم ومشكلاتهم من خلال دوره الإصلاحي المتميز كوزير للصحة ونائب في البرلمان وكيف فعل ما لم يفعله غيرة من الالتزام والإحساس بالمسئولية تجاه المجتمع حيث لا زالت مواقفه الوطنية المشهودة مضربا للأمثال بكل فخر واعتزاز.

يستطيع الموظف الذي صدر قرار بنقله بحقه من مكان الى أخر بشكل تعسفي ان يطعن بذلك القرار لدى المحكمة الإدارية التي لها صلاحية النظر والفصل في الدعوى وفقا لقانون القضاء الإداري فإذا قررت المحكمة إلغاء القرار أصبح النقل كانه لم يكن من الأساس.

شكرا جزيلا لدولة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الذي عاجل إلى نزع فتيل الاحتجاجات وأطفأ شرارة الحريق في مهدها بإيعازه لإلغاء هذا القرار الظالم والمتسرع وليكن لدولته في مضامين هذه الحادثة نظرة أكثر تعمق وتدقيق في اختيار طاقم فريقه الوزاري والتخلص بسرعة من الحمولات الزائدة والمثيرة للجدل في أي تعديل قادم والشكر لأعضاء مجلس النواب الذين ساهموا في إنهاء معاناة هذا الموظف النبيل والشكر والتقدير الكبير للإخوة حماة الحق السادة المحامين الشرفاء الذين تبرعوا بالدفاع أمام القضاء عن هذه المظلمة الشنيعة والشكر لجميع المواقع الإخبارية التي تبنت القضية ونشرتها والشكرالموصول لجميع الإخوة والأخوات قادة الرأي العام أهل الفزعة نشطاء السوشيال ميديا الذين هبوا على قلب واحد لنجدة ومؤازرة ودعم الممرض فرج الصقور بشكل جماهيري لافت فهذا هو ديدن أبناء الوطن الأردنيين الأباة عبر التاريخ وعلى مر السنين في نصرة وحماية المظلومين والوقوف في وجه الظالمين والمستبدين.

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات