الانقسامات الإسرائيلية .. والرهان الصحيح


رغم ما تعكسه انتفاضة يهود الفلاشا في كيان الاحتلال الاسرائيلي من أزمة عميقة في مجتمع الاحتلال، الذي يغرق أكثر فأكثر في اليمينية والتطرف الديني والعنصري، فإن ذلك لا يمكن الرهان عليه عربيا وفلسطينيا في صراع الوجود مع هذا الكيان الذي يسارع بدعم اميركي أعمى خطواته على الأرض لتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وبالضد وتجاهل التأمين للشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن.

أعمال الشغب والاصطدام بشرطة الاحتلال في فلسطين 48 الدائرة منذ عدة أيام من قبل اليهود الاثيوبيين “الفلاشا”، والتي يصفها البعض بأنها وصلت لمرحلة الانتفاضة المحدودة على التمييز العنصري والظلم الذي تعانيه هذه الشريحة من الاسرائيليين، ستبقى أعمالا محدودة ويمكن احتواؤها من قبل سلطات الاحتلال على الأرض، لكنها بلا شك تعكس ما هو أخطر من ظاهرها كأعمال شغب واحتجاجات، وتؤشر إلى ما يتآكل مجتمع هذا الكيان من تمييز بين اليهود من أصول أوروبية وغربية “الاشكناز” وبين اليهود الشرقيين “السفارديم”، حيث يعد يهود الفلاشا الاقرب للنوع الثاني.

الأزمة الداخلية في كيان الاحتلال لا تتوقف عند التناقضات والصراعات بين الأصول والعرقيات لليهود الاسرائيلين بل تتجاوزها اليوم إلى صراعات أعمق بين اليهود المتدينين وغير المتدينين، وبين اليمين واليسار والوسط، وهي صراعات وتناقضات قابلة بلا شك للتطور والتفاقم والنخر ببنيان هذا المجتمع الهجين، لكن أحدا لا يمكنه المراهنة اليوم على هذه الصراعات والتناقضات كعنصر قوة لصالح الشعب الفلسطيني والحقوق العربية، حيث يلتقي جميع الأضداد الاسرائيليين على رفض الاقرار بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بل وحتى الحقوق الخاصة بفلسطينيي 48 الذين يفترض انهم مواطنون بكيان الاحتلال قانونا لهم كامل الحقوق لباقي الاسرائيليين.

فالصراع مع الشعب الفلسطيني والأمة العربية والرغبة بتصفية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وابتلاع كل أراضيه يوحد مجتمع كيان الاحتلال ويخفف من أثر تفاعل الصراعات والتناقضات داخله، وبالتالي فلا يمكن الرهان على هذا الصراع الداخلي، على الأقل في المديين القصير والمتوسط، في معركة الشعب الفلسطيني بالصراع مع الاحتلال الصهيوني ومع حليفه الاستراتيجي الولايات المتحدة وادارتها المتصهينة واليمينية.

بل ومن المتوقع من حكومة كيان الاحتلال الاسرائيلي أن تستغل الصراع مع الشعب الفلسطيني وبرنامجها التصفوي للقضية الفلسطينية وتوسيع مدى نفوذ الكيان في المحيط العربي كأداة منتجة للحد من غلواء الانقسامات الداخلية والتناقضات التي تعصف بمجتمع الكيان، وتعزيز جبهتها الداخلية بالهروب من استحقاقات الأزمة الداخلية باتجاه التصعيد في العدوان ومشاريع الاستيطان والضم والترانسفير بحق الشعب الفلسطيني بالضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين.

الراهن؛ أن الشعب الفلسطيني لا يمكنه الرهان في حربه الطويلة والمستمرة مع كيان الاحتلال الصهيوني إلا على نفسه وعلى طاقاته الكبيرة التي تتمثل اليوم في القدرة على الصمود والتضحية والنضال على كل الجبهات لتحقيق حقوقه الوطنية المشروعة وافشال مخططات الاحتلال الاسرائيلي وداعمه الأميركي، أما الرهان على انفجار كيان الاحتلال من داخله وعلى اساس التناقضات والانقسامات الكبيرة فيه فهو رهان فاشل ووضع للعربة أمام الحصان!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات