العلاقات الأردنية القطرية تعود للاتجاه الصحيح


مع مباشرة السفيران المعينان إعمالهما قبل نهاية الشهر الجاري الأردني زيد اللوز لدى الدوحة والقطري الشيخ سعود بن ناصر ال ثاني لدى عمان بعد مضي سنتان على تخفيض التمثيل الدبلوماسي الأردني مع قطر على ضوء الأزمة التي وضعت قطر في صف وثلاثا من دول لخليج الأخرى في صف مقابل وبهذا تكون العلاقات الأردنية القطرية قد حققت انفراجا واسعا ونقلة نوعية كبيرة لن تكون مقتصرة على تبادل السفراء وإنما سترتقي الى مستوى عقد قمة بين زعامة البلدين لوجود إرادة قوية من قبل جلالة الملك وأخيه سمو أمير قطر للمضي قدما والنهوض بالعلاقات الى أفضل مستوياتها نحو مزيد من التطور والحيوية في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية بعدما انقشعت سحابة الصيف العابرة .

وبعد مطالبات شعبية حثيثة تعتبر أن العلاقات التي تجمع بين الأردن وقطر أكبر من كل الخلافات حيث استطاع الأردن من خلال ذلك الزخم فتح ثغرة في الجدار العازل وبدت الاستدارة الأردنية واضحة بإتجاة الدوحة حيث دشنت بزيارات وزراء وشخصيات أردنية تجارية وبرلمانية لقطر وتنظيم معرض للاستثمارات الأردنية عدا عن التعاون الرياضي والثقافي وقد بدأت أوساط قطرية تبحث عن فرص حقيقية لتعزيز الاستثمار في الأردن وعلى صعيد الموقف السياسي أرسلت القيادة القطرية تحية تأييد علنية للملك عبد الله الثاني ودعمت موقفه من ملف مدينة القدس ومؤخرا زار عمان وزير الدولة القطري لشئون الدفاع خالد العطية والموصوف بأنه من أصدقاء الأردن وخلال الزيارة تم الإعلان عن توقيع سلسلة من الاتفاقيات الدفاعية بين المؤسستين العسكريتين في الأردن وقطر مما ساعد في تقريب وجهات النظر وإرساء تطبيع للعلاقات من طراز مختلف كان مفاجئا للمراقبين على الصعيد الإعلامي المحلي .

ومع وجود المعوقات والضغوطات التبعية والتي فرضتها حسابات إقليمية كانت تمنع عودة العلاقات بين عمان والدوحة إلى سابق عهدها إلا أن تفهم صانع القرار الأردني للواقع بان استمرار لعبة الأحلاف والاصطفاف على هذا النحو لا يخدم الأردن ويجعله الطرف الخاسر والأضعف مما عجل في اتخاذ القرار خاصة وأننا إمام تحديات مؤامرة صفقة القرن المشؤومة لتصفية القضية الفلسطينية ولا يمكن للأردن أن يكون مقنعا أو حتى جديا في معارضته لهذه الصفقة دون أن يتخذ قرارا سياديا بعودة السفير القطري الى العاصمة عمان ونظيره الأردني إلى الدوحة .

منذ اندلاع الأزمة الخليجية في الخامس من حزيران عام ٢٠١٧ اتخذت الحكومة في تموز من نفس العام قرارا بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر بعد يومين على إعلان السعودية والإمارات قطع العلاقات مع دولة قطر وألغت الأردن تصريح قناة الجزيرة وغادر السفير بندر بن محمد العطية الأردن عائدا إلى بلاده استجابة لطلب من الحكومة ما أثار استياء في الشارع الأردني وطرح سؤالا حول حجم الضغوط التي مورست على الأردن لتقدم على هذا القرار وقد كان هنالك تناقض كبير وواضح بين القرار الرسمي والمزاج الشعبي الذي لم يقتنع بالدوافع التي ساقتها الحكومة آنذاك لتبرير موقفها بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر وإقحام الأردن كطرف في الأزمة في وقت كان يتوجب عليه الحياد وان يكون على مسافة واحدة من الأشقاء العرب جميعا وألا يضع نفسه في خندق التحالف المضاد لقطر وان تكون البوصلة الأساسية للدبلوماسية الأردنية تشير دائما إلى الالتزام بالتضامن العربي وسياسة حسن الجوار سيما وان الأردن كان ولا يزال السباق في مبادرات رأب الصف العربي ويتجنب حرب الاصطفافات التي تضعه في موقف مخالف لمبادئه التي لم يتخل عنها منذ تأسيسه .

ورغم أن رد الفعل الأردني لم يتجاوز تخفيض التمثيل ولم يشارك الاردن في القطيعة الاقتصادية أو العقوبات التي فرضت على الدوحة ولم يكون طرف في الحرب الإعلامية التي اندلعت على الجبهتين بقي التعاطف الأردني مع قطر الذي وصل ذروته بعد الحصار على الدوحة وبعد وقوف قطر مع الأردن في أزمته الاقتصادية بالرغم من القرار الرسمي بتخفيض العلاقات الدبلوماسية نجح هذا المزاج المغلف بإطار سياسي وحراك شعبي نشط في المساهمة الفاعلة في كسر حالة الجفاء والجمود في العلاقات بين البلدين حيث شكل قرار الحكومة مؤخرا بإعادة السفير الأردني للدوحة حالة من الرضا العام والإشادة واعتبر خطوة بالاتجاه الصحيح جاءت في وقتها المناسب رغم ان العلاقات الأردنية القطرية لم تشهد ضررًا كبيرًا بعد التصعيد الخليجي وقد بقيت العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل الجوي مستمرة بين الطرفين وظل الأردن بابه مفتوحا للطلبة القطريين ولا يوجد خلافات أساسية أو جوهرية بين الأردن وقطر وبقيت العلاقات متجذرة وتاريخية وحميمية على المستوى الرسمي أو الشعبي وتماهت مواقف البلدين الشقيقين فإذا لم تكن متطابقة احيانا فهي متقاربة جدا حيال القضايا الهامة سواء على الصعيد العربي أو الدولي وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعراق والتضامن العربي .

ولا يمكن إغفال دور الحراك النيابي الجماعي والمؤثر في هذا المجال ( كما ننتقد الخطأ والسلبيات ينبغي تقدير النجاح والايجابيات ) حيث صدرت ثلاث عرائض برلمانية تطالب بإعادة العلاقات الأردنية القطرية إلى سابق عهدها كمصلحة وطنية ودعوة صريحة لرائب الصدع ووحدة الصف العربي وإنهاء انقسامه إضافة إلى التذكير بان قطر وقفت بحزم مع الأردن ليس في الأزمة الاقتصادية فقط والدعم السخي الذي قدمته والذي جسد معاني العروبة والسياسة القطرية الحكيمة دون اشتراطات بحسب تعبيرهم .

يذكر بان قطر كانت قد تعهدت بتقديم دعم مالي للأردن ربما يكون الأكبر خليجيا حتى الآن على الرغم من أن الدوحة لم تشارك في قمة مكة المكرمة التي انعقدت لبحث سبل دعم الاقتصاد الأردني وقد أعلنت قطر في آب 2018 عن تقديم حزمة مساعدات بقيمة 500 مليون دولار إلى الأردن تشمل استثمارات وتمويل مشاريع ونحو 10 الآف فرصة لتوظيف الأردنيين ورفعت القيود عن تأشيرات العمل للمواطنين الأردنيين .

وبالتزامن مع استمرار الأزمة القطرية تقود إسرائيل حملة دبلوماسية وإعلامية مستعرة وعلنية للتقرب من بعض دول الخليج بهدف شق الصف العربي وإذكاء نار الخلافات مستغلة في ذلك خوف دول الخليج العربي من البعبع الإيراني مما جعله في المقدمة والأولوية على الصراع العربي الإسرائيلي من هنا يتوجب على الدول العربية عامة والخليجية خاصة تفعيل العمل العربي المشترك وتعزيزه في مواجهة التحديات التي تهدد المنطقة وتوطيد العلاقات الأخوية المشتركة والتكاتف والتسيق لدعم تسوية القضية الفلسطينية وفق المبادرة العربية وحل الدولتين على أراضي 67 والتمسك بالقدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية ومساندة أحقية استمرار الولاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية .

معلوم بان الجالية الأردنية تعد ثاني أكبر جالية بدولة قطر مما يوجب ان تكون العلاقة بين الدولتين متينة وراسخة تستثمر وتستغل فيهما الطاقات والإمكانات المشتركة لا تنظمها أسوار السفارات والبعثات ولا تحكمها الضغوط الخارجية العربية أو الاملاءات الأجنبية ومن اجل ذلك فان الكثير من الأردنيين ينتظرون بفارغ الصبر عودة السفير القطري إلى عرينه في عمان مرحبين به بأحر مشاعر الإخوة واصدق معاني المحبة والتقدير ( مكانه في عبدون ينتظره ) وإننا مع الطامحين المخلصين نتطلع بشوق بالغ وأمل كبير عما قريب إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية إلى سالف عهدها الطيب وإنهاء الأزمة العارضة وحالة القطيعة والانقسام بين دولة قطر وأشقائها الخليجيين لما فيه خير وسلامة الجميع .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات