الاستثمارات الفرنسية


استثمر الفرنسيون في الأردن بجرأة وبمقادير أكثر من غيرهم من الدول الصناعية. فهم يملكون الحصة الأكبر في مصانع الاسمنت (لافارج)، ويملكون الحصة الكبرى في الشركة التي بنت مطار الملكة علياء الدولي وتوسعاته. وهم أيضا من فازوا بعطاء شراء جزء كبير من أسهم مؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية (أورانج)، وشركة النفط “توتال” هي إحدى شركات تزويد المشتقات النفطية عبر محطاتها المنتشرة في الأردن. وهنالك بالطبع بنك فرنسي في عمان (سوسيتي جنرال).

وقد سعى الفرنسيون بكل جهد لكي يفوزوا بالعطاء لبناء مفاعلات نووية في الأردن، وفازت كذلك شركة فرنسية عالمية بعطاء التنقيب عن اليورانيوم واستثماره وآثرت بعدما أنفقت مبالغ كبيرة أن توقف نشاطاتها لاعتقادها أن الأمر لم يكن مجديا لها من الناحية المالية والفنية. وهنالك مساهمات في شركات عبر سوق عمان المالي.

والواقع أن الجلوس إلى المستثمرين الفرنسيين لا يعطي صورة مفرحة أو مرضية عن واقع الاستثمار في الأردن. فهنالك كلام كثير عن أن المطار قد بيع للفرنسيين. والصحيح أن هذا الكلام إثارة ودعاية، وليس صحيحا لا من بعيد ولا من قريب. فالشركة دفعت (2ر1) مليار دولار لبناء المطار الجديد والتوسع، وهم يعطون الحكومة الاردنية اكثر من نصف دخلهم السنوي، هذا عدا عن نسبة في الارباح لا تقل عن عشرة في المائة. ومتى ما انتهت مدة العقد مع الشركة (بعد حوالي 13 سنة من الآن) فسوف يؤول المطار بكل مرافقه وخدماته وأرضياته إلى الحكومة، إلا إذا قررت الحكومة تجديد العقد.

وأما بالنسبة لشركة توتال فتقول ان المنافسة في السوق الأردنية غير عادلة، وأن هنالك تمييزا في المعاملة بين مستثمر وآخر، وأن السوق وصلت فوق حد الاشباع من محطات البنزين وغيرها. ولعل الموضوع يستحق لفت نظر الحكومة.

أما الشكوى الثالثة فهي من شركة الاسمنت لافارج، والتي تفكر في الانسحاب من الأردن. ولكن يجب أن أؤكد على أن الحكومة تعطي حاليا موضوع الاسمنت اهتماما كبيرا وتسعى لتمكين الشركة من حل مشكلاتها مع بلديتي الفحيص والقادسية في محافظة الطفيلة، وإلى حل المشكلات المتعلقة مع العمال في مصنع الفحيص الذي مضى على إغلاقه أكثر من خمس سنوات. وهذا تطور حميد في السياسة الحكومية من اجل الحفاظ على الاستثمارات غير الأردنية، وتشجيع المزيد من تلك الاستثمارات المطلوبة لمعالجة مشكلتي الفقر والبطالة.

أما أرباح شركة “أورانج” فهي في تراجع، وترى الشركة أن الاوضاع التي مكنتها سابقا من تحقيق بعض الارباح قد بدأت تتراجع بشكل حاد. ولعل الجانب الحكومي صاحب العلاقة يقوم بمعالجة هذه القضية، ويعطيها نفس الاهتمام الذي يحظى به حاليا الاستثمار في شركة لافارج.

أؤيد ما يذهب إليه نائب رئيس الوزراء د. رجائي المعشر في ضرورة حل المشكلات العالقة في الشركة العاملة في الأردن، وبضرورة إزالة العوائق والمؤخرات الإدارية التي تواجهها مع مؤسسات القطاع العام ودوائره. وهذا يقتضي أن نشكل لجنة دائمة برئاسة د. المعشر وعضوية وزراء الاستثمار، والصناعة والتجارة، والتخطيط والشؤون المحلية ووزير القطاع الذي تعمل به الشركة.

يستثمر الفرنسيون أكثر من (3) مليار دينار في الأردن، وهي تخلق عشرات الألوف من فرص العمل. ونريد المزيد من الدول الاوروبية في مجال الاستثمار، وبخاصة في انتاج السلع القابلة للتصدير إلى أوروبا التي نعاني معها من عجز كبير جدا في الميزان التجاري السلعي.

وهذا الحديث يقود إلى الاستفسار عن مآلات القرارات التي اتُخذت في مؤتمري لندن الاول برعاية من جلالة الملك ورئيس الوزراء البريطاني الاسبق ديفيد كاميرون، والمؤتمر الذي عُقد هذا العام وتطوع فيه المؤتمرون بتقديم تسهيلات مالية للأردن بقيمة (2.5) مليار دولار. المهم هو أننا يجب أن نستفيد بشكل أكبر من تخفيف شروط المنشأ التي وافقت عليها دول الاتحاد الاوروبي من أجل مساعدة الأردن على زيادة صادراته إلى الاتحاد الاوروبي، وتقليل حجم العجز التجاري الهائل.

إن العلاقات مع الدول الأوروبية عامة، ودول الاتحاد بشكل خاص، مهمة إلى درجة فائقة للاقتصاد الأردني. والسبب أن العلاقات مع أوروبا تبدو دائما أكثر صمودا واستقرارا وأقل تقلبا وغموضا من غيرها. ولذلك، فإن تحسين أداء الاقتصاد الأردني، ورفع إنتاجيته بات يتطلب دخول الأسواق المتقدمة. ومن يضمن دخول تلك الأسواق، فإن قدرته على ولوج أسواق الجوار تصبح أسهل وأيسر منالا.

وانظر إلى صادراتنا إلى الولايات المتحدة سواء كانت ملابس أم مكيفات هوائية أو أدوية، أو صادراتنا إلى أوروبا من خضار وفواكه، أو ملابس، أو تحف شرقية أم صناعات منزلية، أو أطعمة، فهي تتمتع بجودة عالية وبتنافسية مرتفعة.

إن تشجيع الاستثمار، وحل مشاكله في الأردن، هما المفتاح لرحلة الانتقال من الكم إلى النوع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات