حلم ليلة قدر 


بعد أن صلّت التراويح ، جلست في الحوش ووجّهت وجهها جنوبا الى الكعبة ، ورفعت يديها ثمّ دعت ربّها أن ييسر لها في حياتها الخير ، وأن يغيّر الحال والاحوال ، ثمّ غفت . رات في المنام منادي يناديها أنّ هذه الليلة هي ليلة القدر وأنّ جميع ما تطلبه سيتحقق ، وكلّ ما تتمنّاه سيكون . لكنّها لم تعرف بماذا تبدأ ، وأيّ أمر من الأمور الكثيرة الناقصة في حياتها تطلب أن يكتمل ، وكيف لها أن تطلب شيئا وتنسى أشياء فكلّها مرتبطة ببعضها ، متشابكة حدّ صعوبة الفصل بينها . 

ربّما لأن زوجها فقير الحال ستطلب مالا ، مالا كثيرا وكنز عظيما ، يغيّر حال عائلتها ويجعلها تصبح من العائلات الغنيّة . تبدأ بصيانة البيت الذي يكاد يقع على رؤوسهم ، أو حتّى ببناء منزل كبير على الطراز الحديث ، ثمّ يفتتح زوجها دكّانا في السوق الجديد ، يضع فيه بضائع كثيرة ليست موجودة في محلّات البيع الأخرى ، فتزدهر تجارته ويصبح المال لديه كثير . فيأتي لها بخادمة تساعدها في أعمال البيت ، ولكن ، آخ منكم أيّها الرجال ، ربّما يتزوّج عليها ، فالرجال لا يؤتمن لهم . تناست فكرة طلب المال ، فهو سيغيّر حياتها نعم ولكن ربمّا الى الأسوأ . 
ستطلب أنّ يوّفق الله أولادها في حياتهم ، وأن يحصلوا على الدرجات العليا والشهادات العلميّة الرفيعة . فيصبحون من الموّظفين الكبار في الدولة ، وربّما وزراء أو أعيان ، فتتغيّر حياتهم ويتزوّجوا فتيات من عليّة القوم . جميلات ونظيفات . ولكن الفتيات المرفّهات لا يفعلن شيئا في دور آبائهنّ ولا يستطعن طهي الطعام أو غسل الملابس ، فتكثر المشاكل بينها وبينهن ، ثمّ لا تجد بدا من أن تبتعد عن أولادها الذين سيذعنون حتما لزوجاتهم وسيتركونها تعيش وحيدة ، ولا يراعوا شيبتها وحاجتها لهم . وربّما يصبح أولادها من الفاسدين بعد أن تغريهم المراكز وربّما لن ينتبهوا للناس البسطاء . عليها اذا أن تصرف النظر عن هذا الطلب . 

أفضل شيء أن تطلب الصحّة الدائمة وأن تبقى قويّة ، تخدم أسرتها وتسهر على راحة زوجها وأولادها ، ولا تحتاج الى طبيب أبدا ، فالصحّة هي أساس كلّ شيء . ماذا ينفع المال ان كان المرض يفتك في الجسم ، وما نفع الأولاد ان نفروا هم وزوجاتهم منها اذا أصابها مرض أقعدها عن القيام بواجباتها المنزليّة . لكنّ السنين تمضي وستصبح عجوزا ولا بدّ من أن يزورها مرض ما من أمراض الشيخوخة ، وهذه سنّة الحياة . 

فكّرت قليلا . ماذا لو أنّها تمّنت في ليلة القدر أمنية تسعد كلّ الناس . كأن تصبح الدولة الفقيرة التي تعيش فيها من أغنى دول العالم ، وأن يرزق الله أهلها من الثمرات والموارد التي تجعل من هذا البلد غنيّا ، فيعيش الناس جميعهم في رخاء وراحة بال . لكن ، هل سيترك الفاسدين من المسؤولين هذه الخيرات ولا يستحوذوا عليها ، بحجّة أنّهم الأقدر على ادارة موارد الدولة ، فيأخذوا كلّ شيء ولا يتبّقى للناس الّا الفتات وكأنّهم هم من يرزق الناس وليس الله . 

أفاقت على صوت زوجها يناديها ، ويسأل عن السحور . تذّكرت وصيّة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ، لمن حضرته ليلة القدر ، اللهم انّك عفو تحبّ العفو فاعفوا عنّي ، فلا شيء يعدل عفو الله في الدنيا والآخرة ، وأخذت تردد هذا الدعاء .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات