هيفاء البشير .. امرأة من زهر


قلّة من الناس من يلظمون خيطاً مستمراً في ميدان العطاء والبذل بين نهارهم وليلهم، على مدار الساعات والدقائق وكل اللحظات، يضيؤون عتمة الليل بنور حضورهم، ودعوات مخلصة خالصة لله من الفقراء والمرضى وكبار السن ومحتاجي الرعاية والمساعدة، كنهر الأردن إذ يشقّ بلدات ومدن المملكة كشريان الدم الذي يجمع بين السلط ونابلس والخليل والكرك وطوباس واربد.

السيدة هيفاء البشير سطرت حياتها بتعب وكدّ ونسجت حكاية وفاء وتفاني، ارتبطت بالشهيد الدكتور محمد البشير لتكمل المسيرة وتفي بالعهد الذي تعاهدوا عليه الوطن اولاً وثانياً وآخيراً، من كل روحها وقلبها، كانت على مدار عقودها الثمانية كل ابناء الأردن والعروبة تراهم: مازن وعوني وعبدالرحمن وبلال وصلاح وعامر، وهي مثال للأم الرؤوم والنضال، أكملت تعليمها مع أولادها وربتهم أحسن تربية، ناشطة وتنشط من حولها بهمة عالية وعزم لا يلين، يحركها الإحساس والشعور الوطني. لقد عملت على كبار السن وقدمت خدمة الايواء لهم بأجواء الضيافة، وتعددت أعمالها الإنسانية حتى شملت بعطفها المرضى النفسيين من الإدمان، وشيّدت صرحاً كبيراً لهم شمل جميع انواع التاهيل والدعم النفسي والإجتماعي.

أم مازن أخذت بيد المرأة الأردنية، وقدمت إسهامات جليلة في تحصين الأسرة الأردنية، وليس غريبا ان تحصد جائزة الأسرة العربية المثالية... أعطت بلا حدود ومازالت، ولقد تسلمت مناصب قيادية في المجلس الوطني الاستشاري وانخرطت بالعمل السياسي الوطني، واسست أهم البرامج، ويتجلى ثمار عطائها في منتدى الرواد الكبار من خلال النشاط الاسبوعي والذي، يشكل واحدة من أهم التجارب الثقافية الفكرية في الأردن، اعادت للتراث والمنجز الثقافي الابداعي ألقه وتجدده وهي تعمل حاليا لعمل متحف للتراث النسوي الأردني المميز، والتى عبرت المنسوجات والمنتجات فيه عن النسيج المجتمعي، وتعمل على إزالة الفروق والفجوات بين المدن الاردنية والارياف، وفي خضم هذه التجربة لم تنسَ الاطفال، فكتبت لهم مجموعات قصصية تحاكي الموروث الثقافي والحضاري الأردني والعربي عموماً، لتسهم في تعزيز ثقافة الطفل، وهذا النوع من الانتاج مظلوم ومهمل، ولعلها ارادت ان تلفت النظر الى القطاع الثقافي.

بإختصار أم مازن لا تُختصر في سرد سريع، فهي مدرسة في العطاء والعمل الخيري تستحق أرفع الأوسمة، بعد أن كرست نفسها للوطن غكانت أنموذج وقدوة للأجيال في العمل الإجتماعي والثقافي والسياسي الوطني، أطال في عمرها وحفظها وجزاها الله كل خير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات