كيف يؤمن هذا الجيل الذي سيلتحق بعد شهرين بالجامعات والمدارس بان هناك حرية وحوار وديمقراطية في الأردن ،وتفهم لردود الفعل العمالية، وأن أيام الرعب وقطع الأرزاق غابت، وهم يشاهدون ما يحدث حاليا مع معلميهم، الذين شاركوا باعتصامات النهوض في كرامة المعلم وإعادة حقوقه، ولم تبدأ العطلة حتى انتقمت منهم الحكومة باجراءات الاستدعاء ، والنقل، وكيف سنصنع في هذه الأجيال الثقة بحكومة الوطن، وهم يشاهدون فصل معلميهم الذين اعتصموا سابقا والحكومة تنكر أن الأمر مقصود.

نعرف أن إنشاء نقابة للمعلمين أمر مرفوض حكوميا، وان الاعتصامات ضايقت الحكومة، وأحرجت الرئيس والوزير ، وبحسب ظني قدر غضبهم، وحققوا بعض المكاسب التي اعترف بها الرئيس ، ونالوا مكرمة ملكية، وحصر الغضب، وتنوعت ردود الفعل نحو التعبير باتجاه النقابة أو البديل، في ظل تعنت الرئيس بتحميل وزير التربية أي مسؤولية نحو تصريحه، أو ما حدث في التوجيهي، إلا أن ما فعلته الحكومة في الفترة الأخيرة، أزم الساحة الأردنية واستفز الشارع ، وتحمل الأبناء والزوجات النتيجة حينما فصل أرباب الأسر.

فماذا يفسر الوزير ومعاونيه نقل الأستاذ مهند شحادات من تربية الزرقاء الاولى إلى العقبة، هل هذا طبيعة إدارية في الوزارة، ان ينقل رب أسرة ورجل معروف رأس نادي السخنة سابقا ، وتميز في المدارس التي علم بها أو شغل منصب الوزير ، كيف سيتغرب في وطنه وذلك بجريمة المشاركة بعمل حقوفي للمعلمين ، وأسوق حالة شحادات مثلا من بين مئات دفعوا وسيدفعوا ثمن انتقام بدران.من المعلمين ، ولمن قدم الكثير من الوطن وهذا معروف أنه إعدام وظيفي فلا يمكن ان يكفيه الراتب وأسرته للعيش في العقبة ولا يمكن ان يتغرب في وطنه، أو يتوجه إلى الله مثل مئات العائلات التي ترفع يدها طالبة من الله ان يقصر من عمر حكومة الرفاعي ، فأين مخافة الله ان استقوت الحكومة بقراراتها.

دعوني أسال وزير التربية إبراهيم بدران كيف سنؤمنه على الجيل الطلابي، بعد فعلته الأخيرة، وانتقامه من المعلمين بأسلوب كان يستخدمه طلاب الصف الخامس ج ولم يكن يفعله طلاب الخامس أ ، وذلك بتعمد الطلاب تصفية حساباتهم بعد الامتحان الأخير للفصل الثاني، حيث تشتعل حروب الصغار الذين يستغلون العطلة المدرسية، وأنا اصفق للوزير الذي اعتمد على العطلة ليظهر لنا بطولاته المتأخرة واستغلاله العطلة الصيفية.

طوال اشهر كان وزير التربية يتحمل ردود الفعل التي طالته ، وجعلته أداة للتفكه بعد جملته الطاعنة في معلمي الأردن حينما طالبهم بحلق ذقونهم، ولحاهم، ويبدوا أن الوزير ظن نفسه توم كروز ، وصار ينتقد المعلمين ، بهذه الطريقة ، التي تدل على استهتار بعشرات الآلاف منهم، ومع ذلك لم يكن ليقدم على استقالته، وينهي ألازمة ، وهو الوزير الذي تلقى مئات وآلاف المطالبات بان يستقيل بعد فضيحة نتائج التوجيهي وحديثه عن الإزاحة .واستغرب الشعب الأردني عن قدرة هذا الرجل بالتحمل العجيب وعدم تأثره لما يقال، وكم كنت أتذكر وقتها موقف الرئيس عمر كرامي حينما استقال من رئاسة الحكومة اللبنانية بعد كلمة واحدة سمعها من النائب بهية الحريري.

كان بامكان الحكومة أن تستغل العطلة الصيفية لإكمال مفاوضاتها مع لجان المعلمين ، والتوصل لحل متوسط، يرضي الفئتين، لا أن تكون العطلة وجلوس الطلاب في بيوتهم أداة لاستغلال الظرف ، وتفريغ النية المبيتة ، وظهور استقواء مفاجيئ من قبل الوزير، لم يعطي الثقة بقوة الطاقم الحكومي بقدر تعزيز الرؤية التي تقول أن الحكومة لا تأبه بمشاعر الأردنيين ، ومصلحة أبنائهم بل أرزاقهم.

حكومة الرفاعي تتجه نحو الاقتراب من انتخابات برلمانية ، وترى ضعف الثقة الشعبية في النزاهة ومع ذلك فهي حريصة فقط على تقديم صورة مميزة عن اجراءات تسجيل الأصوات، ولكنها لم تنتبه إلى تعزيز الثقة بالحكومة نفسها،واليوم ما يحدث ليس استعراض ثبات الحكومة ومتانتها بقدر تجسيد سياسة الإرعاب والتخويف والانتقام.

Omar_shaheen782yahoo.com