أسرار الدولة الأردنية


عندما نقول أسرار الدولة لا نعني أسرار الحكومة فقط ، بل الأسرار العسكرية والأمنية ، وكذلك أسرار كبرى الشركات التي يعتمد عليها الاقتصاد الأردني ، وأسرار الأبحاث العلمية و الاختراعات وخصوصاً التي ما زالت في طور التجريب مثل بعض الأدوية وغيرها ، سأتحدث هنا عن حفظ أسرار الدولة الأردنية مستغرباً مما يحدث !

جميع الدول لديها أسرارها التي يجب أن تبقى في طيّ الكتمان سواءً عن الدول الأخرى أو حتى عن شعبها ، ولا يعني وجود أسرار لدى الدولة مخفية عن الشعب أنّ هذه الأسرار فضائح و انحرافات ، ولكن مصالح الدولة العليا - وكمكوّن رئيس منها الشعب - تفرض ألا يكون كل شيء معروض على العامة ،أو معروض في أسواق السّياسة والثقافة و الاقتصاد .

أتحدث هنا عن الدولة الأردنية على وجه الخصوص و ليس عن الدول بشكل عام - وطني هو الذي يعنيني ومن ثم أُمتي - فقد عمدت الحكومات الأردنية إلى سن القوانين التي تحافظ من خلالها على أسرار الدولة الأردنية كما فعلت أغلب دول العالم ، وليس في هذا ما يعيب حكوماتنا ، و تدرجت أهمية هذه الأسرار و شدة العقوبة على من يفشيها بحسب طبيعة الجهاز المنتسب له مفشي الأسرار ، وأشدها عقوبة في القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية ، ومن ثم تقلّ العقوبة تدريجياً في أجهزة الدولة المدنية .

قلت في بداية حديثي أنني مستغرب مما يحدث بالنسبة لأسرار الدولة الأردنية ، فالدول بشكل عام والدول المعادية لنا بشكل خاص تبذل الكثير من أجل الحصول على أسرار لدينا يستغلونها في الوقت المناسب ضدنا وخصوصاً في حالة الحرب ، ولكن نحن نريحهم من محاولة اختراقنا و نقدم لهم أسرارنا على طبق من ذهب وعلناً ! ومثال ذلك عندما يتم بين الفينة والأخرى نشر أسماء منتسبي الأجهزة الأمنية عندما يتم ترفيعهم أو نقلهم من موقع لآخر ؛ ألا يُعتبر الاسم الرباعي للضابط الأردني و رتبته من الأسرار الأمنية التي يجب أن تكون طيّ الكتمان ؟ حتى قواتنا المسلحة الباسلة فعندما تكون هناك دفعة ترفيعات - ولو أنها لم تنشر في الصحف - نجد أن لدى معظم الذين تمّت ترقيتهم أقاربَ وأصدقاء يسارعون بنشر التهاني لهم ذاكرين من خلال التهنئة اسم الضابط الأردني كاملاً و رتبته و لولا الخجل لدى المهنئين لنشروا رقمه العسكري ! الدول المعادية تعتبر الصيد الثمين هو تجنيد جاسوس يستطيع أن يزودها بقائمة أسماء ضباط الجيش والأجهزة الأمنية و رتبهم ومواقعهم و عناوينهم ، ونحن نقدم كل ذلك لهم هدية مجانية ، فهم يستطيعوا الحصول على عنوان الضابط مثلاً من خلال اسم عشيرته التي يتم نشرها إما بقائمة الترفيعات أو من خلال فيض التهاني المنشورة ، وفي الأردن اسم العشيرة يحدد العنوان لأن توزيع العشائر الجغرافي معروف للجميع ، تصوروا معي أنه لو أراد العدو بناء شبكة تجسس ألم نكن سهّلنا عليه المهمة ؟ و كأننا نقول لهم أنّ هؤلاء رجالنا ومسؤولينا وضباطنا ننشر معلوماتهم بالصّحف وعناوينهم سهل الوصول إليها وما عليك أيها العدو إلا التقدم بتقديم الإغراءات لبناء شبكتك ، نحن نعلم أن الأردني لا يخون ، ولكن لا يسلم الأمر من بعض ضعاف النفوس ، لذلك من الأسلم أن لا نسهّل مهمة العدو بنشر قوائم الترفيعات ، ومنع تهنئة من يتم ترقيتهم من قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية بأيّة وسيلة إعلامية .

في كلمة ، أستهجن أن تركز حكومتنا على التشديد على موظفيها بالمحافظة على وثائق الحكومة من أن تصل للصحافة ، وكل ما في هذه الوثائق عبارة عن معلومات عن مشاريع اقتصادية أو خدمية قد يكون حصل فيها مخالفة أو شبهة فساد ، أو مجرد وثيقة تُظهر راتب بكذا ألف دينار لمدير لا ينتج لنا بمقدار عشر راتبه وامتيازاته ، أستهجن ذلك من حكومتنا و بنفس الوقت تترك ما هو أخطر ليتم نشره في الصحف من أسرار الدولة و بمباركة من الجميع .

sameeh_nws@yahoo.com



تعليقات القراء

واحد من الناس
أحيي فيك وطنيتك القوية وأنت قدوة لنا بحب الوطن
11-07-2010 01:18 PM
ايمن بدر
رائع يا استاذ سميح واسمح لي ان اضيف ، كلنا سمعنا عن نية الحكومة في فرض ضريبة على السيارات الهجينة "الهايبر" قبل صدور تلك الضرائب باربعة اشهر تقريبا، فكيف تسربت تلك الانباء؟
موضوع اخر وهو حماية الاسرار التجاريه ومن واقع تجربتي الشخصية :
فقد تقدمت الى جهه حكوميه بعرض لاقامة مشروع معين وبعد عدة ايام تفاجئت ان مشروعي اصبح حديث المنافسين التجاريين لي بل وايظا تقدموا بعروض زعم انها منافسة لنفس الجهه الحكومية بهدف افشال مشروعي، اليس من حق الناس حماية اسرارها ؟
اما فيما يتعلق بخصوصيه الناس وبيناتها الشخصية فحدث بلى حرج، رقم التلفون العنوان، العمل، افراد العائلة واسم الروجه،
كنت في زيارة الى الوليات المتحدة منذ عدة سنوات وقد كلفني احد الاصدقاء بالسوال عن شقيقتة المتزوجه هنالك منذ سنوات والتي انقطعت اخبارها عن الاهل هنا في الاردن، وبالفعل وبكل براءة ذهبت الى احد مراكز الشرطة للسوال، ولولا محاسن الصدف بوجود احد الموظفين في قسم الشرطة من اصل لبناني الذي اوضح للمسؤول واستطاع اقناعه بالدوافع الانسانيه لسبب سوالي لكنت قد تعرضت للاعتقال، لانه ليس من حق ايا كان هناك الدخول في خصوصيات الاخرين مهما كانت درجة قرابته، ويعتبر الاسم والعنوان من الخصوصيات التي لا يفصح عنها الا من خلال طرق قانونيه معقدة، بالمقابل لا يخلو اسبوع الا بجرس الهاتف الخلوي يرن لتجد ان المتحدث ، وفي اغلب الاحيان تكون متحدثة وتسئل هل انت السيد فلان وتجيب بنعم ثم تبداء رحلة العروض التجارية لهذا المنتج او ذلك وعندما تسئل كيف حصلتي على رقم هـاتـفي الخلوي ياتي الجواب دائما "لنا طرقنا الخاصة"
11-07-2010 05:39 PM
بنت الشوبك
شو اخي الفاضل سميح انت شخص مو عادي دائما تتحفنا وتنبهنا الى امور غائبه عن بالنا وهي حساسه بجد انت كاتب كلمة رائع لاتكفيك الله يبارك فيك ويزيدك من علمه كمان وكمان انت شخص تمثل الرجل الاردني الي فعلا قلبه على وطنه باالدرجه الاولى الله يكثر من امثالك وانا فخورة بوجود كاتب مثلك يختار موضوعه بعناية جد انت اخي بلوطنيه وبدمنا الاردني الحر الله يحمي الاردن من كل مكروه
11-07-2010 08:25 PM
سميح العجارمة
أشكر من علق على المقال و أخص بالشكر الأخت ( بنت الشوبك ) التي ألبستني وساماً رائعاً بكلماتها الأخوية الدافئة ، شكراً لك و أعتز برأيك بما أكتب و بوركتي أنت و أبنائك و عائلتك الكريمة .
12-07-2010 10:37 PM
فلسطيني من الضفه الى الاخ سميح العجرمي
ابحث في جراسا عن مقال لك وقبل ما اقرا المقال اعرف ما بداخله انه ثمين وفيه شيئ مفيد للاردن وبدون عنصريه هذا هو الحب للاردن وشعبه ومليكه الى الامام يا اخ سميح يا عجرمي يا ابن الناس المحترمين
13-07-2010 12:48 PM
م ف ت ح
بدك اجاوبك عمي

الجواب: عند دار الرفاعي.
13-07-2010 09:06 PM
احييك
احييك على مقالاتك كلها ، ولكن نحن نتميز ان عندنا حكومة شفافه ولا يوجد اسرار ، فكل اسرارنا معروفة لكل العالم العدو قبل الصديق حتى يستفيد العالم من اختراعاتنا في جميع المجالات ، ومنها جباية الضرائب وسحق المواطن ولعن ابو سنسفيل جدوده
13-07-2010 11:27 PM
المحامي امين المرعي
موضوع هام جداً وحساس يدل على الأنتمأ لهذا الوطن الغالي الله يكثر من امثالك يا استاذ.
14-07-2010 02:16 PM
هشام كنعان
اشكرك يا اخ سميح على هذا المقال راجيا منك الاتصال بي للاطمأنان على صحتك وهذا رقمي 0777297925
15-07-2010 10:19 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات