التنمر الالكتروني .. مفهوم جديد !


يستخدم مصطلح التنمر عموماً في المجال التربوي، فيما بين الأقران، في المدارس والشوارع، وهو مصطلح يدل على إيقاع الأذى من طرف يعتمد على القوة البدنية على غيره وإستضعافه، ضمن هذا المفهوم يمكن التوسع فيه ليشمل كذلك اشكال من التنمر الإلكتروني والسياسي، الذي يعتمد أيضاً على إيقاع الأذى المادي أو المعنوي على الطرف الضعيف.

التنمر الإلكتروني لا يتضمن الحالات التي تحدث بين الافراد على نطاق ضيق، بل يتعداه لحروب البروباغندا تقف وراءها دول وحكومات، تهدف للسيطرة من قبل طرف على طرف آخر وإبتزازه وإخضاعه، أو تشويه صورة الخصم، أو خدمة قضية سياسية، هناك أجهزة لبعض الحكومات والدول تملك الملايين من الحسابات الوهمية التي تستثمرها لصالح قضية ما أو موقف ما، أو لبث إشاعة أو بغرض إستعمالها لنشر فيديوهات تقلل من قيمة الخصم وتزعزع مكانته وتنتهك خصوصيته العائلية، أو بهدف الهجوم على حسابات فاعلة لأشخاص مؤثرين، ولنا أن نتخيل حجم الإنفاقات المالية الكبيرة الي تقوم بها هذه الحكومات، وجيش من خبراء الدعاية من علماء النفس والإجتماع والسياسة والإقتصاد والتكنولوجيا الذين يتعاملون مع هذه القضايا بصفة علمية، وخصوصاً ما يعرف بالهاتشاغ، الذي يسري بين المستخدمين كما تسري النار في الهشيم، يطلق على الغرف التي تدير أنشطة منظمة بالغرف السوداء.

لنا أن نتصور أن المواقع التي تتطلب بيانات شخصية لمستخدميها تتضمن كما كبيراً من المعلومات التي يجري بيعها على نطاق عالمي في إطار التعاون بين الحكومات والدول، وهذا يندرج ضمن المفهوم العريض للتنمر الإلكتروني، ينبغي للمستخدمين العاديين توخي الحيطة في نقل وإرسال معلوماتهم عبر المواقع التي يستخدموها، وخصوصاً تلك البيانات التي تتضمن خصوصيات لديهم، وفي الحالات التي ينشأ عنها مشاكل تواجه المستخدمين عليهم الإستعانة بذوي الخبرة للتخلص منها، وقبل ذلك ينبغي التعرف على سياسة وقوانين المواقع والبرمجيات والتطبيقات التي يتم إستخدامها، والإحاطة بالتشريعات القانونية التي تعالج المشاكل التي تنتج عن حالات التنمر الإلكتروني.

ما يحكم العالم اليوم هو الصورة، سواء بصفتها الثابتة الفوتوغرافية أو المتحركة، أو بالكلمة المكتوبة، كل هذا يجري برعاية أطراف تمارس تنمراً من نوع غير تقليدي، حتى الحروب التقليدية تسبقها موجات من إستباحة العقول وحملات التشويه والتشويش، وليست المعادلة فيما إذا كانت القضية عادلة أو غير عادلة، كالقضية الفلسطينية مثلاً، المهم هو تحصين قدرة المجتمعات والجماعات على مواجهة أنماط من التنمر تفضي إلى زعزعة الإستقرار الوطني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات