ارفعوا أيديكم عن القضاء


كل شيء توقعته في هذا الزمن الرديء، إلا العبث باستقلال القضاء لم يكن بالحسبان ولا أعتقد أن الذي جرى بإصدار قانون استقلال القضاء المؤقت مجرد عبث سطحي بالقضاء وإنما هو تطبيق واضح لمبدأ سوء استعجال السلطة التي يحاول استغلالها البعض وكأنهم مخلدون في مناصبهم.

صرح القضاء بناه الرجال الرجال بسواعدهم، أولئك الرجال الذين يذكرهم الأردنيون الذين عاصروهم والذين لم يعاصروهم يذكرونهم بالخير والإعتزاز صباح مساء، يستذكر الجميع رؤساء الحكومات السابقين الذين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً وموقفهم الصريح باحلال القضاء وبأنه خطهم الأحمر من أولئك الرؤساء الذين قضوا نحبهم توفيق أبو الهدى وإبراهيم هاشم ووصفي التل وزيد بن شاكر ومن الذين ينتظروا طويلي العمر زيد الرفاعي وأحمد عبيدات وطاهر المصري وعبد الرؤوف الروابدة ومن الذين تعاملوا معهم من وزراء العدل المرحومون هزاع المجالي وعبد الرحيم الواكد وجريس حدادين وسالم مساعدة وهشام التل وفارس النابلسي وخلف المساعدة وعبد الخشانبة.

أما من قيادات القضاء الذين نجل ونحترم فالمرحومين علي مسمار وموسى الساكت وسعيد درة وعبد الكريم معاذ وطويلي العمر نجيب الرشدان وعلي النعسان وطاهر حكمت ومحمد الرقاد واسماعيل العمري.

كانت مهمة الحكومات أن تحافظ على استقلال القضاء من بين سلطات الدولة الثلاث لتكون الملاذ الأول والأخير لإعطاء كل ذي حق حقه. وكان وزراء العدل من رحم القضاء لا دخلاء عليه يكنون التقدير والاحترام لكل من يتسلم منصب القضاء. كل ذلك كان بتوجيهات وعناية واهتمام الملك المؤسس عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه مثلما كان يتوج به الملك الباني الحسين العظيم كتب التكليف السامية لكل حكومة يعهد اليها بأمانة المسؤولية وعلى هذه السنة الحميدة سار الملك المعزز حفظه المولى ورعاه.

بعد هذه المقدمة لا أدري كيف وصلت الأمور بهذه الحكومة التي ما عهدنا منها إلا كل الخير لوطننا الغالي إلا في أهم مرفق من مرافق الدولة مرفق العدالة مصنع الرجال التقاه وشعاع الأمل لدى الاردنيين قيادة وشعباً.

استطاع وزير العدل أيمن عودة الذي لم يمارس القضاء ذات يوم والذي حصل على مؤهلاته العلمية بلغة غير لغتنا وبثقافة غير ثقافتنا ومارس المحاماة سنوات قليلة لم يشاهد بها في قضايانا اليومية جزائية كانت أم مدنية.

استطاع وزير العدل أن يطيح حتى اليوم برئيسين للسلطة القضائية أفنوا زهرة العمر في خدمة القضاء وفي اشادة هذا الصرح العظيم مثلما استطاع أن يطيح من خلال تنسيباته واتفاقه مع رئيس المجلس القضائي الذي راقب ما حدث مع غيره بنخبة من قضاتنا المسلحين كغيرهم من زملائهم بالخبرة والنزاهة والفهم القانوني.

استطاع وزير العدل ان يستصدر قانوناً جديداً معدلاً لاستقلال القضاء وعنوانه الاستقلالية والمؤسسية وموضوعه الاستغلال والدكتاتورية فكان ظاهره حلو وباطنه سم قاتل. بهذا القانون تحرك القضاة جميعهم ليعلنوا انتفاضتهم بعد أن ضاقوا ذرعاً بهذا الوزير، تحرك نصف القضاة مطالبين بمقابلة جلال الملك لانصافهم من هذا القانون العرفي الجديد ولم يكونوا أولئك القضاة من القيادات القضائية في محكمة التمييز والاستئناف وإنما كانوا من القواعد الأساسية بالقضاء، سيما أن عدد الموقعين مائة وعشرين قاضياً أما من قابلوا رئيس المجلس القضائي فكانوا أكثر من ذلك ومما يؤسف له أن يفاجئهم رئيس القضاء باختلاق المعاذير لوزير العدل وللقانون ويقول لهم على سبيل المثال "من قال لكم أن القاضي عند المقابلة من أجل الترفيع من الدرجة الرابعة إلى الثالثة إذا لم ينجح بالمقابلة أنه يحال على الاستيداع أو على التقاعد" ولا أدري إن كان معاليه لم يقرأ المادة 9/ب/2 من القانون المعدل والتي تنص على ذلك صراحة.

ولا أدري كيف استطاع وزير العدل ان يتجاوز القانون ويحصل على موافقة رئيس القضاء بالتعديل بدون الرجوع إلى المجلس القضائي حسب نص القانون.

ولا أدري كيف ربط وزير العدل بشخصه الكريم النيابة العامة والتفتيش القضائي وكيف أعطى لشخصه صلاحية تعيين وكلاء الدولة (دائرة المحامي العام المدني) واجازة نقلهم إلى سلك القضاء بتنسيب من الحكومة وبدون مؤهلات كأن يكونوا خريجي المعهد القضائي.

ولا أدري عن الضرورة الملجئة لإصدار هذا القانون المعدل المؤقت لاستقلال القضاء بغياب مجلس النواب دون انتظار أربعة أشهر على عودة الحياة النيابية!!

وأنا كواحد من رجال القانون بهذا البلد إذ مارست المحاماة ربما قبل أن يولد معاليه ولا أزال أقضي معظم أوقاتي مدافعاً ومترافعاً في أروقة المحاكم من حقي أن أكون كغيري مدافعاً عن الحق وعن سيادة القانون ولا أخشى في الحق لومة لائم مقتدياً بالحديث الشريف (إن الساكت عن الحق شيطان أخرس) من حقي أن أطالب الحكومة الرشيدة بإلغاء هذا القانون المعدل مثلما أطالب رئيسها الذي أجل وأحترم أن يبعد هذا الوزير عن مرفق العدالة ويأتينا بوزير عدل من رحم القضاء وبرئيس للقضاء يؤمن بالمؤسسية وابتعادهما عن الانفراد بالتنسيب أو بالتعيين أو بتقاسم الصلاحيات بينهما ولا أعتقد أن مطالبي هذه تختلف كثيراً عن مطالب الأكثرية وإن غداً لناظره قريب.



تعليقات القراء

مغترب
ولعت معاك يا بطاينه بكره بحبسوك علي اساس قانون هيبة الدولة وزير العدل شخصيا راح يرفع عليك قضية اطالة اللسان مثل ما سوي وزير الداخلية بالنائب العبادي الله يستر
27-06-2010 04:10 PM
محامون
يجـــب على المحاميــن الــدفـع بعــدم دستــورية قــانون العقوبــات المــؤقــت حــال نفــاذه لانتفــاء حالــة الضــرورة وفقــا لموجبـــات نـص المــادة 94 مــن الدستـــور الأردنـــي التـي جـــاء فيــا:((1 . عندما يكون مجلس الامة غير منعقد أو منحلا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة في الأمور التي تستوجـــب اتخـــاذ تدابيــــر لا تحتمـــل التأخيــــر أو تستدعــــي صــــرف نفقـــات مستعجلـــة غيـــر قابلـــة للتـــأجيــــل...)).
وكذلك ينبغـــي على قضـــاة الجـــزاء الامتنــاع عن تطبيقة كون عدم الدستوريـــة هذه من النظام العام تتصدى لها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يثره الخصــوم..
أيها القضاة: لا زال الفقه الاردني والعربي يتحدث عن قرار عطوفة وليد بك كناكرية الذي امتنع عن تطبيق المادة في قانون العقوبات المتعلقة بجنحة الظروف التي توجب الشبهة في شروحاتهم ودراساتهم..
أيها القضاة والمحامين,,ان الدستور الأردني أمانة في أعناقكــم,وقد اقسمتم بالمحافظة عليه..لان الأحكام عنوان الحقيقة .
واذا كان الطعن بعدم دستورية أي قانون من قوانين ايمن عودة المؤقتة الذي تناسى أنه اقسم مرتــين سيحافظ على الدستور,امام محكمة العدل العليا بهيئة خماسية قد يؤثر عليها ..
فان هذا الدفع أو الامتناع سيكون لدى 900 هيئة قضائية في شتى أمصار البلاد..ومــن المتعذر عليه(عودة) التأثير عليها جميعـــا..
ووفقكم الله لخدمة الحق والحقيقة قضاة عدول ومحامون فرسان العدالة ,متضامنين متكافلين..
27-06-2010 07:45 PM
محامو السلط
ان الدفع بعدم دستورية قانون الاحوال المدنيه سبق وان قررته محكمة صلح السلط باحدى هيئاتها قبل 5 سنوات وتم الامتناع عن تطبيقه واستفاد منه مجموع من الماطنين وتم تصديق هذه القرارات من محكمة استئناف عمان
27-06-2010 11:57 PM
ميثا
الف تحية للاستاذ الكبير البطاينة فقد كتبت واصبت ان مابين السطور ....
28-06-2010 02:57 AM
محامي
هنا لابد تذكر القضاة الذين كرسوا مبادىء هامة في دستورية القوانين لا زالت اذكر وانا محامي مبتدأ القرار الذي اصدره عطوفة القاضي وليد كناكرية حين اعلن عن امتناعه عن تطبيق المادة 389 عقوبات المتعلقة بظروف تجلب الشبهة لمخالفتها للدستور ، هذا القرار حقا اعطاني انطباع لا زال يؤثر على حياتي من استقلال القضاء الاردني ومن انه حامي الدستور وحامي الحريات - وكم اثير موضوع هذا القرار الذي كان ينظر اليه باعجاب واجلال - نحن في دولة قانون ولدينا قضاء قوي وللحمد لله
29-06-2010 07:56 PM
موظفة في وزترة العدل
نعتذر
29-06-2010 08:25 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات