معجزة الإسراء والمعراج ذكرى وتطمين



إن معجزة الإسراء والمعراج من أهم احداث الدعوة الإسلامية، سبقتها البعثة، وجاءت من بعدها الهجرة، فكانت مسحاً لجراح الماضي، وتثبيتاً لقلب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتعويضاً له عن جفوة الأرض بحفاوة السماء، وعن قسوة الناس بتكريم الملأ الأعلى، واشعاراً له أن الله عزوجل معه بالرعاية والعناية، وتكريماً فريداً له من دون الأنبياء والمرسلين.
ومن الأمور المقررة في الإسلام أن من شأن أولي الألباب أن يتذكروا إذا كانت هناك موجبات للذكرى، لأن ذلك يعد علاقة من علاقات اكتمال العقل، وسمة من سمات اليقظة الإيمانية التي تنأى عن الغفلة والتبلد، والله عز وجل يوجهنا إلى ذلك في قوله تعالى :إنما يتذكر أولوا الألباب، ولن يكون التذكر تذكراً حقيقياً إلا إذا كانت من ورائه ثمار يانعة يافعة، تعيد المؤمن إلى صراط ربه المستقيم، وتجعله يتزود ويزداد من المواقف الإيجابية وينأى عن المواقف السلبية في حياته.
ومن أهم ما يجب على المسلمين تذكره في هذه المعجزة العظيمة: ما جاء من خلال المشاهد التي رآها الرسول الكريم، والتي تعد بمثابة رسائل آلهية تطمئن هذه الأمة التي أريد لها أن تكون خير أمة أخرجت للناس، ومنها: رسالة التضحية في سبيل الله تعالى التي تمثل الحراسة الدائمة لدين الله، وقد تمثلت لنا هذه الرسالة من خلال المشهد الذي رأى فيه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، أولئك القوم الذين يزرعون ويحصدون في يوم، وكلما حصدوا عاد الزرع كما كان(حديث صحيح)، وهو مشهد له دلالته الإيمانية من حيث الثواب المضاعف المباشر، وله دلالته الإستمرارية من حيث التناوب اللحظي بين الزرع والحصد المتواليين، مما يعني التلازم بين وجود الأمة ووجود الجهاد والتضحية، ومنها رسالة التوجيه الإجتماعي، وأن هذا التوجيه يجب أن يبتعد عن كل قول مثير للفتنة بين الناس، ذلك لأنه ليس هناك أسوأ من اشاعة البلبلة الفكرية التي تثير الفوضى، وتشتت شمل الأمة، وتجعلها لا تجتمع على كلمة سواء، وقد جاءت هذه الرسالة لتحذير أولئك الذين يسيئون القول، ويزينون الخروج على وحدة الأمة، بما أوتوا من فصاحة اللسان، وهؤلاء هم الذين تقرض السنتهم بمقاريض من نار.
واجب الأمة ومسؤوليتها تجاه مسرى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، إن الأمة العربية والإسلامية قد ولدت وتكونت ببعثة النبي عليه السلام، وذلك لأن الله أراد لها أن تكون قائدة ورائدة وموجهة ومرشدة للأمم والشعوب، وكيف لا يكون ذلك والله ناط بها مسؤولية الشهود الحضاري، قال تعالى:وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ، فالشهود الحضاري، معناه التوجيه والإرشاد والقيادة العامة للبشرية إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة، على أسس ربانية صحيحة المصدر، سليمة المورد، ولذلك استحقت هذه الأمة ذلكم الوصف الرباني بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى:كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، وهي مسؤولية قيادية، وعلى الأمة القيام بها وبذل الجهد الواسع والطاقة في ذلك، فلا اختيار للأمة الإسلامية في أن تقوم بذلك، فإن الهرب من هذا التكليف الآلهي الشريف، والعدول عن معصية الله تعالى، فيجب على أمتنا العربية والإسلامية موالاة المؤمنين ومعاداة أعداء الدين، ولو فقه المسلمون هذه الأصول لما استباحوا لأنفسهم أن يوالوا أعداء الدين والأمة على حساب دينهم واخوانهم المستضعفين في الأرض.
عندما ينظر بعض من المسلمين إلى حال الأمة وقد اجتمع عليها الأعداء، يتسلل إلى نفوس بعضهم نوع من اليأس وشعور بالإحباط، من حاضر الأمة ومستقبلها، لذلك لزم أن ننبه إلى بعض المبشرات من القرآن العظيم والسنة المشرفة والتاريخ وواقع الأمة المعاصر، والتي تشهد بأن المستقبل لهذا الدين إن شاء الله، وأن قيادة العالم لهذه الأمة لا لغيرها، ولنا في معجزة الإسراء والمعراج العبرة والموعظة، فقد ضاقت الأرض بما رحبت على رسولنا الكريم، ولكن جاءت ساعة الفرج والتمكين للإسلام، وفي القرآن الكريم آيات يعد فيها الله عز وجل المؤمنين بالنصر، مهما كانت محاولات التشكيك والإحباط، قال الله تعالى: يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وبشر بنصرة الإسلام وانتشاره في العالم، كما جاء في أحاديث صحيحة منها:عن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليبلغن هذا الأمر(يعني أمر الإسلام)ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر،رواه الإمام أحمد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات