رحلوا ورحلت معهم قذاراتهم


كثيرة هي النماذج الوضيعة التي رحلت عن هذه الدنيا حاملة معها أوزارها وأوزار من ساندها وأفادها واستفاد من وضاعتها ... رحلت وتركت خلفها ثروة من المخازي 

والتاريخ الأسود الذي طالما انطلى علينا .... فآه ما أروعك أيها الموت
وأنت آية من آيات الله العظمى تقصم ظهور المتجبرين وتطفيء بريق النجوم المتلألئة وتذل الحكّام المتسلطين ..
أيها الموت أه كم أحببتك وسعدت بك
وأنت ترفرف بجناحيك وتحوم حول من كنّا نظنهم كبارا لتقبض ارواحهم الشرّيرة وتخّلصنا منهم .
كثيرة هي النماذج التي طالما أرعبت البشر ورحلت دون ان يأسف عليها أحد وانقلعت دون ان يترحّم عليها احد دفنت في قبور ضيّقة وكفّنت في مترين من القماش وسدّت كل منافذها وفتحات أجسادها بقطنة باهتة اللون لتقابل ربها خالقها وحيدة بعد أن تركها أقرب الأقربين لتحاسب على
أموالها من أين أتت ومن أي مصدر كانت ... ستسأل عن أمجادها الدنيوية وعن جبروتها وظلمها وجرائمها ومآسيها وستبكي داخل قبورها كثيرا كثيرا ولن تجد من يواسيها وستصرخ وتصرخ ولن يسمع أحد صراخها ...
كثيرة هي النماذج التي سرقت ونهبت وبنت الفلل والقصور ثم رحلت لتعيش في قبور مظلمة فيها من الأهوال المرعبة ما لا يخطر على بال أحد ... وكثيرة هي النماذج التي حكمت فأساءت وظلمت وتجبّرت ثم ماتت تاركة ارصدتها في البنوك مكوّمة كالجبال لتكون سبب عذابها ومصدر شقائها ..
كثيرة هي النماذج الوضيعة التي قتلت وتطاولت وأخافت الصغير والكبير فجاءها الموت لتدفن في قبر مغلق لا ماء فيه ولا هواء ..
ما أروعك ايها الموت الجدير بالاحترام وانت تخلّصنا من هذه النماذج القذرة التي لا طاقة لنا بها ولا قدرة لنا عليها ..
أعرف مرابين جمعوا الثروات من دماء الفقراء والمحتاجين واعرف بخلاء ثرواتهم لا تعد ولا تحصى حرموا أنفسهم وأهليهم أقل القليل وغادروا الدنيا مذمومين محتقرين و أعرف أثريّاء ماتوا وفي نفسهم أكل سيخ كباب وأعرف بخلاء لم يتذوق ابناؤهم وزوجتهم طعم الحلوى الا بعد ان ( انقلبت وجههم ) عن هذه الدنيا وأعرف بخلاء على فراش الموت تتمنى أسرهم لهم الموت العاجل ليتخلّصوا من قرفهم وليتنغنغوا من بعدهم ..
فسبحان قاهر العباد بالموت وسبحان من أذل الظالمين والمتكبّرين العاثين في الأرض الفساد والعزة والجبروت لمن دانت له الأعناق وذلّت له الرقاب.
ايها الموت أرجوك ان لا تكون رحيما مع من قتل وسرق وتجاوز وعتا فهذه الأرواح الشريرّة لا تستحق الرحمة ... وأنت ايتها القبور المعتمة كوني مساكنهم الأبدية وأغلقي عليهم كل منافذك حتى لا يسمع أحد أنينهم وأطفئي أنوارك لكي يعيشوا في ظلام دامس الى يوم الحساب الرهيب ...
يا من تظنون انكم العظماء في هذه الدنيا ويا من تظنون أنكم اكابر القوم ويا من تظنون انكم الأقوى والأغنى
المتسلحون بالجاه والسلطان
المتصنمون بالمناصب المدججون بالكذب والرياء كلكم زائلون وسينال دود الأرض منكم وسيتسلل النمل والذباب الى جثثكم الهامدة ولن تستطيعوا تحريك ساكن .. ستنطفيء أنواركم وتلفكم عتمة القبور بظلامها الدامس عندها لن تنفعكم اموالكم ولا اولادكم ولا امجادكم وستبكون كثيرا كثيرا وستصرخون طويلا طويلا ولن يسمع احد صراخكم ولن تجدوا من يمسح دموعكم لأنكم طالما فقأتم عيونا وبقرتم بطونا وأرقتم دماء فجاء اليوم الذي تحاسبون فيه على كل ما اجترحتم من آ ثام واقترفتم من خزايا ...
ايها المتجبرون فوق هذه الأرض .. أيها السلاطين .. أيها المتعطشون لسفك الدماء .. يا من تظنون أنكم مخلّدون فوق هذه الأرض الموت آت والدود بانتظاركم ... ستزول أمجادكم وسيترككم الأهل والمال وستقابلون وجه الله الواحد الأحد وحيدين ... وستكون كل هذه الامجاد وكل هذا الجاه وكل هذه الثروات التي جمعتموها بأكل السحت وبالحرام سبب شقائكم عندئذن ستكتشفون ذلك ولكن بعد فوات الأوان...
يا ألله ما أروعك أيها الموت فقد كنت بلسم المجروحين والمساكين الذين ليس لهم حول في هذا الزمن المملؤء بالاعاجيب وبالاباطيل .. فأنت سبب رحيل كثير من النماذج الوضيعة التي رحلت ورحلت معها مخازيها وقذاراتها ...
سنظل مدينين لك ايها الموت بالفضل وسنظل نلعن كل تلك النماذج ليل نهار في سرّنا وعلننا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات