ألم في الخاصرة


في سكون ليل القريّة الصغيرة ، صرخت امرأة الراعي من شدّة الألم ، والذي كان في هذه المرّة أقوى من المرّات السابقة . استيقظ زوجها الراعي ، وأولاده الثلاثة وأمّه . أشارت الزوجة الى الألم الشديد في خاصرتها وقالت ، أنّها لم تعد تقوى على تحمّله وأن اليانسون والميرمية لم يعد لهما نفع ، وأنّها تحس بأن كلّ أجزاء بطنها تتقطّع . احتار الزوج الراعي الفقير ماذا يفعل ، فالمركز الطبّي في القرية المجاورة الآن مقفل ، وحتّى لو أنّه مفتوح فلن يفيد بشيء ، فقد راجعتهم زوجته مرارا من دون جدوى . وهو أيضا لا يملك وسيلة توصله للمستشفى في المدينة ، ولكنه لا يستطيع أن يبقي زوجته هكذا تتألّم وهي التي تشكو منذ مدة طويلة من هذا الألم اللعين في خاصرتها . هبّ لنجدته جاره الطيّب ، لم يتوانى في نقلها الى المستشفى في سيّارته القديمة ذات الغرفة الواحدة . توّسط الراعي غرفة السيّارة الوحيدة ولسانه لم يتوّقف عن شكر جاره الطيّب ، وجلست امرأته الى جانبه وهي تكتم صرختها بوضع منديلها في فمها .
في بيت فخم في عمّان ، شكت امرأة لزوجها المسؤول الكبير السابق ، من أنّها تشعر ولأوّل مرّة بألم في خاصرتها . فما كان منه الّا أن اتصل بالسائق يخبره بأنّ عليه أن ينقل زوجته الى المستشفى الخاص ليدخلها لأجراء فحوصات طبّية . وصلوا بوّابة المستشفى ، استقبله الأطبّاء بالترحاب ، أدخلوا المريضة بسرعة الى جناح الدرجة الخاصّة ، أسرعوا في اجراء الفحوصات لزوجة المسؤول السابق ، ولم يجدوا فيها شيئا خطيرا ولكنّهم طلبوا أن تبقى المريضة تحت المراقبة لمدّة يومين ، لإجراء مزيد من الفحوصات ، وللاطمئنان على صحّتها . ولكن في هذه الأثناء كان زوجها يتّصل مع الوزير المعني من أجل ترتيب السفر له ولزوجته للعلاج خارج الوطن على نفقة الدولة ، ويفّضل أن تكون مستشفى في دولة أوروبيّة مثل سويسرا ، وهذا ما كان .
وصل الراعي وزوجته الى بوّابة المستشفى الحكومي في المدينة ، سأل عن قسم الطوارئ . جلست المريضة على سرير ليس عليه غطاء . ذهب زوجها يبحث عن الطبيب . أخبرته الممرضّة التي كانت تغالب النعاس ، أنّها لا تستطيع فعل شيء الّا بأمر الطبيب الذي ذهب ليرتاح من عناء يوم طويل . بدأ الألم يزداد ويتجاوز خاصرة امرأة الراعي المريضة ، وهي تتألّم وتصرخ . انتبه الراعي على صوت الممرضة التي كانت تسأله عن بطاقة التأمين ، من أجل أدخال زوجته الى المستشفى . أجاب أن لا تأمين لديه . قالت أنّها ستخبر المدير علّه يتعاطف مع الراعي الفقير الذي كان عليه أن يدفع مبلغا من المال لا يملكه . أخبر المدير الراعي أنّ المريضة بحاجة الى فحوصات كثيرة بعضها ليس متوّفر في المستشفى ، وهو لا يستطيع الّا أن ينفّذ أوامر الوزير بأن لا يعطي أحدا تحويلا الى مستشفى آخر في العاصمة ، الاّ اذا كان على حساب المريض الخاص .
في سويسرا كان السفير ينتظر في غرفة المريضة زوجة المسؤول السابق الكبير ، ليطمئنّ على سلامتها ، ويثني على الخدمات الجليلة التي قدّمها زوجها للوطن خلال خدمته في الدولة . شكره زوجها وأخبره أنّها ذهبت لتتسوّق بعض الهدايا لأحبابها في عمّان ، وأنّه قد طلب تمديد فترة اقامتهما في سويسرا لأسبوعين آخرين لتكملة العلاج ، ثمّ ناول السفير مطالبة مالية كان قد استلمها من ادارة المستشفى السويسري بالمبالغ التي صرفت على علاج زوجته واقامتها .
كتب الطبيب الحكومي أنّ سبب وفاة زوجة الراعي ، ألم مزمن في الخاصرة لم يعرف له سبب . سلّم التقرير لزوجها الذي استرجع وحوقل وفكّر كثيرا كيف سينقل جثمان زوجته الى القرية ليدفنها ، كي يقرأ أولاده الثلاثة وأمّه الفاتحة على قبرها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات