حبيبتي ليلى


ترك لي ابراهيم سُمعة طيّبة ، ومسيرة تنتظر التكملة ، ومالاً عسيراً يقوّت يومي ، وبيتاً سترني سقفه في لحظات العوز ، وقبل هذا وبعده ، وفوقه وتحته ، فقد ترك لي حبيبي ابراهيم حبيبتي ليلى.

وإبراهيم هو أبي الراحل في سماوات الحق ، وليلى هي أمي التي شاركتني طوال اليوم التعشيب حول الشجر ، وحين وصلنا إلى واحدة يافعة مزهرة ظنّتها ليمونة ، فصحّحتُ لها بأنها برتقالة ، لتطلق استغرابها: كيف يمكن أن يكون في هذا المكان برتقال؟ فقلت لها: يافا هنا أيضاً ، ترتحل ما بين مكان ومكان ، لتعود إلى حيث البرتقال ، إلى يافا ، فكادت تدمع.

وأخذت ليلى تُحدثني عن أبي ، وعن أبيها الذي زرع شتلة برتقالة في جبل عمان ، فكبرت ، وأورقت ، وأزهرت ، وأثمرت ، ولم يأكل منها حبة واحدة ، وعن يافا ، والبيارات ، ومع كل خطوة لها في البستان الصغير كنت أتلقى تعليماتها الصارمة كطفل مُطيع ، وحين صعدت ابنتي فرح إلى شجرة الصنوبر وعادت بسبع عشرة حبّة ، كادت ليلى تصرخ: هذه ستعطينا نحو كيلوغرام من حبيبات الصنوبر.

يُفترض أن اليوم عيد ليلى ، ولكنّه ليس أكثر من يوم عادي ، لأن لها كل الأيام ، والعمر ، وما دامت راضية عني فلن أخشى من الدهر تقلباته وكثيراً ما فعل ، وأكثر منه ما كنت أجدها معي ، تسبقني إلى الكرم ، وتعلمني العطاء ، وهنا لا أحتفل بيوم أمي ، بقدر ما أحتفي بكوني إبنها ، وإبن ذلك الحبيب الراحل ، ولا أقدم لها سوى قبلة على راحة يمناها كما أفعل في كل لقاء ، فرضاك فقط يا ليلى ما أريد ، ومعه لن أخشى سخط الدنيا كلها.

الدستور
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات