الصلح مع الظالمين


بالخمسينيات من القرن الماضي كان من ينطق بكلمة الصلح مع الصهاينة يعتبر عميلاً وجاسوساً وطابورا خامسا و ينعت بأقسى كلمات القاموس . حيث نتذكر يوم زار بلادنا الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي آنذاك خاطبنا قائلاً (خذ وطالب) أي خذ شيء من حقوقك ولا تتنازل عن المطالبة بما تبقى ، وتمضي الأيام وتسقط من فلذات أكباد الأردنيين قوافل الشهداء من الجيش العربي الأردني في معركة اللطرون وباب الواد الى قبية والسموع وحزيران والكرامة وغيرها حيث كانت العائلات الاردنية تفخر بسقوط ابنائها شهداء من أجل تحرير فلسطين وكانت التصريحات الرسمية نباهي بها القريب والبعيد نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مقولة الشهيد وصفي التل ( أن معركتنا مع أسرائيل هي معركة وجود لا حدود ).

وكان قد سبقه عميد الأدب العربي طه حسين بمقالته المشهورة والمنشورة في صحيفة الجمهورية المصرية سنة 1956 حيث أستهل مقالته بما يلي :

(الصلح مع الظالمين اجرام ما دام ظلمهم قائماً ، الرضى بقصة فلسطين وظلم اسرائيل وأعوانها هو مشاركة في الأثم) .

وتمضي الأيام وتنقضي حرب حزيران أو حرب الأيام الستة أو ما سميت بالهزيمة الكبرى لتحتل أسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة مما تبقى من فلسطين وتضيف عليها سيناء والجولان وتأتي المشاريع الاجنبية من روجر وغيره والمشاريع العربية من خلال مؤتمر الرباط وغيره لنصل الى كامب ديفيد ومنها الى أوسلو ووادي عربة ليعقد الصلح مع العدو الصهيوني مقابل التطبيع مع المحتل الذي أحتفظ بالضفة الغربية وغزة بوجود ومباركة السلطة الوطنية الفلسطينية التي رضخت وترضخ للإحتلال صباح مساء بعكس المواطن الفلسطيني في الضفة والقطاع الذي يقابل العدو بالحجارة والسكاكين .

مثلما احتفظ العدو المحتل بالجولان ومزارع شبعا بحيث أصبحتا جزء لا يتجزأ من الكيان الصهيوني على أرض فلسطين .

أما نحن في أردن الحشد والرباط الذين كوفىء شهدائنا بأن سميت شوارعنا بأسمائهم لنتذكرهم كلما مررنا منها ونحن مطئطئي الرؤوس لأنا تصالحنا مع المحتل دون ذكر لآولئك الشهداء أو حتى لذويهم وحرموا من ذكرهم في مناهج التدريس لأن ذلك يتنافى مع المعاهدة ومع التطبيع .

وهكذا أختفت مقولة الشهيد وصفي التل بأن معركتنا مع اليهود معركة وجود لا حدود وتلاشت خطابات عبد الناصر بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد الاّ بالقوة وتبخرت مقالة طه حسين " الصلح مع الظالمين " الذي استوحيت عنوان مقالتي منه .

وخلاصة القول أنني أتسائل هل هناك علاقة بين تعديل المناهج لأجيالنا وبين التطبيع مع العدو الصهيوني هذه الايام؟ وهذا ما يعرفه أكثر منا من ساروا بالمفاوضات بوادي عربة آنذاك خاصة السيد المنسق هاني الملقي الذي أصبح اليوم رئيساً للحكومة التي فاجأتنا بتعديل المناهج وبإتفاقية الغاز مع أسرائيل وقبل انعقاد مجلس ممثلي الشعب. رحم الله شهدائنا وعظم الله أجر ذويهم ... وأن غداً لناظره قريب



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات