حضور ملكي فعال .. وغياب حكومي مؤثر


المتابع للخطابات الملكية منذ مدة طويلة وخاصة كتب التكليف السامي ومايتبعها من توجيهات ملكية يلاحظ...ان تلك التوجيهات بشكل عام تتجسد بطياتها مفاهيم الاصلاح والنظرة الشاملة للحلول على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية التي تمر بها المنطقة وخاصة وطننا الغالي الاردن , فكتب التكليف الموجهة للحكومات بنيت على نظرة دقيقة وشاملة تجمع بين مايعصف بالمنطقة من تطورات وما يعانية المواطن في الاردن من ضيق واضح على المستوى الاقتصادي , فالنظرة الشمولية بخطابات ملك البلاد منذ عقد تقريبا او يزيد وازنت بشكل شمولي بين رغبات المواطن بالاصلاح وبين متطلبات المرحلة التي تقودها الحكومة على حد سواء , فجلالة الملك يرسل الاشارة والتوجية من منطلق التفاعل الحقيقي بين الفكر الاصلاحي الذي يدعو لتكريس مفهوم المؤسسة ببناء الدولة الحديثة الذي يعتمد على الامكانات العلمية والفكرية وما يستقبله المسؤول اينما كان ضمن الحكومات ليتم التمازج بين قدرات المسؤول الحكومي وبين طبيعة البرامج المرسلة اليه للتصحيح واعادة بناء المؤسسات على نهج صحيح يتفاعل مع الحلول من منطلق الامانة وبعيدا عن الانانية , الا ان مايحدث من ردة فعل الحكومات منذ عام 2007 لغاية الان لايلبي روح الرسالة الملكية بجميع اوصالها المهمة , والسبب بصراحة يعود للامور التالية :
اولا ....غياب الايدولوجية الفكرية الوطنية البحتة لدى المسؤول بأغلب الاحوال ...ربما يتسائل البعض عن هذه الايدولوجية التي اطلقتها بهذا المقال وعلى انها مستحدثة او غريبة و لكنها واقع نلمسه كاردنيين منذ فترة طويلة وانعكاسات الاقتصاد الهزيل او الاصلاح الاداريي الضعيف هو من نتائجها المستمرة منذ زمن ...فالمسؤول الذي امضى فترة طويلة بتقلد المناصب طموحه يزداد ويتعاظم كلما زادت سنوات خدمته ضمن قطاعه الذي خصص له في الحكومة , واغلبية النوعيات تلك هدفها محاصرة خطط الاصلاح عن طريق التسويق الشخصي للقيادات اكثر من تسويق الفكرة المطروحة باي جانب كان ....لذلك يتسابق دعاة التغيير المهني والوظيفي من بين تلك الفئات نحو الدور والخطاب الاعلامي اكبر من انسياقهم نحو التغيير بقاعدة التطوير والانتاج حتى يشار اليهم على انهم رواد في العمل الوطني , وهنا تقع الكوارث من حيث مدى التناسق بالمؤشرات الاصلاحية المطلوبة مع حجم الاهتمامات الزائدة بالبقاء بالمناصب ...

ثانيا....تعدد وتناوب الحكومات المستمر يضعف سير العمل الوظيفي بالمؤسسات والوزارت الحكومية ...وذلك لايمان الاغلبية بحتمية التغيير على مستوى القيادات بين حين واخر , فكل حكومة تلي التي سبقتها تبدا بتهميش الخطط التي كانت من قبلها فيصبح مبدأ التواصل المنهجي لبناء المشاريع او لبناء مرتكزات الادارة السليمة يشوبها عدم الثقة وعدم الطمأنينة لمحتوى كل قرار حكومي سابق ...

ثالثا....عدم تفاعل القيادات الحكومية مع القيادات الفكرية والحزبية بصياغة مفاهيم الاصلاح الضرورية والتي تسلمتها تلك الحكومات من خلال ماينبثق من خطابات ملكية او كتب تكليف بين مرحلة واخرى ....وهذا يولد شرخ كبير نتيجة لضعف ادوات الاصلاح والتي تحاول الحكومات الانفراد بها على انها هي صاحبة الولاية على تنفيذ ماقدم لها من برامج اجتماعية واقتصادية وسياسية ...

رابعا ....الحكومات المتعاقبة لاتعي ان الخطابات وكتب التكليف السامي هي بمفهومها موجهه للحكومة بشكل رئيسي اضافة لقيادات الفكر والاقتصاد الوطني بنفس الوقت ....لذا تنفرد الحكومات منذ فترة طويلة بتهميش الجانب الاخر من اصحاب الفكر الوطني والاحزاب والهيئات الوطنية وحتى اصحاب الفكر الاقتصادي المستقبل و عندها تذوب مشاريع الاصلاح الحقيقية بين طموح المسؤول وتطورات الاوضاع على المستوى الدولي والاقليمي , ..

خامسا..تنامي سياسة الاستعراض المهني من حكومة للتي تليها ولايتم بناءا على ذلك من استخلاص الخبرات السابقة بل تعتقد كل حكومة جديدة انها هي العمود الفقري بكل مفاصلة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وذلك باعتبار كل ما سبقها من برامج وخطط لاتستحق المتابعة ... وفي هذه الحالة تزداد المصروفات والموازنات لانها لاتبنى على الاستمرارية واعادة اتمام بناء بعض المشاريع القديمة المؤثرة والتي صرفت عليها الاموال الطائلة من قبل ...

واخيرا وبصراحة نثمن دائما القرارات الملكية ونتمنى على الحكومات ان تتخذها كجسم واحد لايقبل الانفصال .....

" كل عام وقيادتنا الهاشمية وشعبنا بكل الخير والبركات



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات