وفي الليلة الظلماء هنا بدر


نعارض الشاعر بافتقاده ولسان حالنا يقول هنا البدر فنحن على الأمل ونحن على وقع خطى الوطن ومن هذا المنطلق نحن نسير رغم التعثر وثقل الحمل .وإن توقفنا كانت وقفة استراحة وإن هرولنا ؛ فإلى الحق والمجد وإن زمجرنا نهرنا باطل .

في ظل مايعتري الإقليم وانعكاس البيئة الإقليمية على الوطن نقول رحم الله الملك الحسين بن طلال ؛ رحم الله الملك الحسين فبذاك الزمان لم يكن هناك إلا التلفزيون الاردني الذي يفتتح في ساعة ويغلق بالسلام الملكي وبعضنا كان يتابع التلفزيون السوري وخاصة المُغرم منا بالكبة والكلمات التي غاب عنها حرف القاف وحل محله الهمزة , كنا نتابع التلفزيون الاردني بشغف وكان هناك مسلسل وحيد يحوي قصة حب أو انتقام أو بطل تعرض للظلم ودعاية عن كوكو عاشور ومسحوق غسيل .

وكان المذيع كل اسبوع يطل علينا ليقول نعتذر عن المسلسل هذه الليلة لأن هناك خطاب لجلالة الملك حسين طيب الله ثراه ورحمه رحمة واسعة كان يطل علينا جلالته بنبرة صوت مخملية وبحبال صوت متينة يحدثنا وينبهنا ويُبكينا ونَبكيه حيث كان يقول : الانسان اغلى ما نملك وكان يدير الرجال الرجال وكنا نتسمَّر أمام شاشة التلفاز وكنا نجلس في الصباح لنسأل بعضنا ماذا يريد جلالته من الخطاب ويقصد منْ في هذه الكلمة ويقصد أي دولة من هذه العبارة.

كانت الصحف تعج بالتحليل ففهد الفانك كان يحلل العبارات الاقتصادية في خطابه ومحمد داوودية يتلقف العبارات التي تتحدث عن وجوب اجتراء الحلول .. الخ .كان يعرف ان العرب يحبون من يخاطبهم وكان يحدثنا وكأننا نجلس في ديوان أو شق عرب

وعندما يشذ البعض أو يصيب كان يرفع سماعة هاتفه ليقول لصحفي ابدعت ولمخطيء أخطأت كان يمثل دائرة المطبوعات والنشر وكان يمثل الأمة والوطن .

في بدايات التسعينات وفي محاضرة في جامعة اليرموك سأله طالب السؤال الاتي : ماهي الضمانات على استمرار الديمقراطية ؟

فقال له جلالته ستستمر الديمقراطية وبالحرف الواحد " شو بدك أبصم " كلام في منتهى العمق .

تذكرون عندما كان يرعى تخريج فوج جامعي أو فوج من فرسان سلاح الجو او فرسان جامعة مؤتة تتوقف الشاشات ووتتوقف الدورة البرامجية لأن كل منا كان يحس أن الخطاب يعنيه كان خطابه يشد الجميع لقوة الكلمة وعمق الفكرة .

كانت ضحكات سمو الامير حسن تملأ المكان وتعانق الاقحوان وكانت تظهر الأخوة الحقيقية وكان سموه يتناول قلاية البندورة والمنسف في قرى الوطن واريافه وكان يتصل هاتفيا ليقول للمعزب جهز ابريق شاي .

لكن كان العصر مختلف ولم يكن للدول الغربية والشرقية هذا الزخم وهذه الاطماع وكان العرب في قوتهم فسوريا موجودة والعراق قائم والمديونية قليلة والخليج داعم .

كان العصر مختلف تماما وكانت الخضار الاردنية تتربع على سلة الخضار السورية والبطيخ الاردني يشتم رائحته اهل البحرين وكان برميل النفط يراوح مكانه ولم يتجاوز ال 20 دولار .

وكان عدد سكان الاردن لا يتجاوز ال 3 مليون ولم يكن هناك ليبي أو سوري أو عراقي من الذين هاجروا بحثا عن الأمن .
لهذا كان الخطاب قريب للقلب وكان شيخ العشيرة مهتم بالداخل وعينه على كل صغيرة وكبيرة وعينه على الكاتب والمراقب .

الآن تغير الوضع والوضع مختلف فالفاعل الدولي تربع على الفعل والفاعل الدولي تخلى وادار ظهره باحثا عن مصالحه فما عاد الخطاب في الداخل مهم لهذا تغيرت أدوات الخطاب وتوجه الخطاب الملكي للخارج وللمنظمات الدولية فمصير الدول الصغيرة بيد قوى أخرى والمنطقة تتجه للتشرذم وخارطة المنطقة للتغيير والتبديل , لهذا تغيرت جهة ووجهته وتغيرت المفردات وتغير الكثير فهذا زمان الفعل وزمان قلة الكلام فالرجال لاتسكت إلا من جور حل في الاركان فإياكم أن تعتقدوا أن الاردن مازال في عام 1980 الاردن تغير والعالم تغير واحداث 11 سبتمبر نقطف ثمارها الان ومن ثمارها التي نقطف ذوبان العراق ودمار سوريا وتفكك ليبيا وتشرذم اليمن والهمس على السعودية الشقيقة المملكة التي نحب والمملكة التي نقدر .

فالنصيحة النصيحة ان نتوجه للعمل وان تنصب الجهود لبناء لُحمة وطنية حقيقية ونعيد لصحن الطبيخ الذي يدور البيوت ألقه ونعيد المهور كما كانت ويترك التاجر الجشع ويكتفي بالربح القليل ونرفع شعار الاقتصاد نصف المعيشة لنستمر فدول اكبر منا تفككت ودول أكبر منا تدار على الريموت كونترول والمتربص موجود والمشكك موجود وادارة الدولة على الجميع .

اما بعض أصوات النشاز وبعض أصوات الجهل التي تنادي بالسوء للنظام فهي عدوة الوطن لان البيرق عربي هاشمي والبوصلة هاشمية واعيد ماقاله في جلسة قبل أيام الدكتور نايف محمد عوده ابو تايه عندما قال : لو لم يبق من الهاشميين الا امرأة واحدة لبايعناها " ونحن نقول و نعطف الاقوال أن الهاشميين هم البوصلة عندما نتيه وهم المرسى عندما يعلو الموج .

فالكل معرض للنقد لكننا بالتأكيد نسمو على الجراح ففي الاردن أفكار وفي الاردن مواقف وفي الاردن شهامة تتجاوز براميل النفط وماتحويه الارض من ركاز .

وتأكدوا ان اليوم الذي يمر ونحن في صمود مكسب وان اليوم الذي تطلع شمسه ونحن بخير منحة من السماء وهذا لا يعني أننا على مايرام فهناك عتب وهناك غضب لكن بالحكمة تعالج الأمور وبالحكمة نتخطى الصعاب وبالحكمة يسحب بساط الفتنة وبالحكمة نعود نسير .

أما كرسي الحكم فهو امانة من الحسين الى من نذره للشعب وللدولة الى المليك المفدى عبد الله الثاني بن الحسين ونحن في عهده ووعده ونحن معه وله ونحن به نمضي وكلما ادلهم الخطب كان هو معقد الرجاء والامل وكان هو البلسم الشافي  وكنا على العهد ومازلنا وستبقى الراية خفاقة في عترة آل البيت وسنمضي رغم الصعاب لكنه الصبر الصبر فبالصبر نتخطى المحن وبالصبر نتجاوز الأزمات .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات