نقابة الفنانين الأردنيين .. عنصريات عميقة وتكتلات فنية


شهدت السنوات القليلة الماضية، موجات غضب عارمة من قبل نقابة الفنانين الأردنيين وحركات احتجاجية متتالية، اعتراضا على سياسات الإقصاء والتهميش التي تعاني منها النقابة من قبل الحكومات المتعاقبة والجهات المعنيّة بالثقافة والفنون كما تدّعي، وكثيراً ما كنّا نسمع اتهامات من داخلها ضد الدولة تتعلق بعدم الاهتمام بالبعد الفني والاستثمار به، إضافة إلى عدم وجود بوادر تذكر منها في سبيل النهوض بالحركة الفنية والثقافية، بما يلبي تطلعات الفنانين وآمالهم، وبما يحفظ الهوية الوطنية الأردنية من الاندثار، كما أن هناك من دعا بضرورة إشراك نقابة الفنانين في كافة اللجان العليا ومجالس الإدارة العامة والمعنيّة بالثقافة والفنون باعتبار النقابة بيت خبرة!.

والحقيقة أن النظرة السلبية التي تنظر بها نقابة الفنانين باتجاه الحكومات المتعاقبة والجهات المعنية بالثقافة والفنون جعلت الإشكاليات تتراكم وتزداد مع الوقت، إلى أن أصبحت العلاقة القائمة بينهما علاقة خصومة ثابتة وقائمة، ولعل الأيام القليلة الماضية أثبتت أن الفكر القاصر المتجذر في عقل النقابة والمنتشر في أروقة نقابة الفنانين هو سبب الأزمات التي يعاني منها الفن الأردني، ولا شك بأن الأقاويل التي تناقلها ويتناقلها الكثيرون بأن هناك حملة شرسة ضد الفن الأردني والهوية الوطنية، ما هي إلا مجرد أقاويل وتهم باطلة لا أساس لها من الصحة.

وكما يقول المثل "سوس الخشب منّه وفيه" وأقصد هنا أن نقابة الفنانين الأردنيين، ما هي إلا مظلة يستظل بفيء ظلالها بعض أصحاب العنصريات العميقة ويستريح فيها بعض زعماء التكتلات الفنيّة، والتي تنظر إلى الحكومات المتعاقبة والجهات المعنية بالثقافة والفنون على أنها فريسة يجب افتراسها بطريقة أو بأخرى بما يضمن كسب المال والاسترزاق تحت عباءة "الهّم الوطني والفن"، كل هذا يعني أن سبب أزمة الفن الأردني وما يشهده من تراجع وهبوط حاد، جاء نتيجة تخبط الوضع الداخلي في أروقة النقابة، والاستعانة بهواة الفن ممن لا علاقة لهم بالفن لا من قريب ولا من بعيد، وتشغيلهم بمهن النقابة المختلفة على حساب الفنانون الأعضاء من ذوي الاختصاص.

ولعل خير دليل على صدق ما أقول، الاتفاقيات الأخيرة بين مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية ونقابة الفنانين، فيما يتعلق في إنتاج أعمال درامية لهذا العام، رفضت الأخيرة رغبة التلفزيون في الاستعانة بالعديد من موظفي التلفزيون من مصورين ومديرو إضاءة وغيرهم، بحجة أن الموظفين يلتزمون بالعمل ضمن ساعات الدوام الرسمي المقررة، وليس لديهم أدنى استعداد للعمل لساعات إضافية، الأمر الذي سيعيق آلية تصوير العمل وفق جدوله الزمني المحدد، والحقيقة أن الرفض جاء بغية رفع تكلفة الإنتاج وتحقيق مكاسب مادية، خصوصاً وأن العقود المبرمة لغالبية العاملين، هي عقود مبرمة مع النقابة وليست مع "الجهة المنتجة"، حيث أن أجر أحد مخرجي هذه الأعمال يضاعف أجره، أجر كبار مخرجي السينما العالمية، وغالبية الكادر الفني والتقني لتلك الأعمال هم من هواة الفن وليسوا من المتخصصين ويعملون تحت بند متدربين!.

الإصلاح ليس مطالب وشعارات .. الإصلاح يبدأ بإصلاح الفرد لذاته وتزكيته لنفسه وموقعه بما يضمن معالجة مواطن الخلل والغموض والضعف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات