إنفلات سياسي


قيل أنها الفوضى المنظمة ومن بعدها قيل أنه الربيع العربي ، ومن ثم جاءتنا أسماء كثيرة لوصف ما يدور في الساحة العربية من الخليج للمحيط ، والنتيجة هو إنفلات سياسي كامل دون أي رقيب أو حسيب عليه ، وهذا الإنفلات ادى الى تغيير كثير من الموازين في العلاقات العربية العربية والعربية الغربية ، وتم كذلك شرعنة سياسات كتم الأصوات والقمع السياسي والعقائدي ، وأصبحنا نتقدم للخلف ونحن نعلم أن الهاوية هي نهاية ما يوجد خلفنا من شعوب وقادة ، وجاءتنا سياسات جديدة ورموز سياسية جديدة ومن وراءها جاء زمن الإنفلات السياسي كي يصبح واقع عربيا .

ونحن كشعوب عربية كنا بحاجة لحكاية كي نتلهى بها عن مصايبنا الذاتية وسوء علاقتنا مع أنظمتنا السياسية ؛ وهي نفس الأنظمة التي وجدت في هذا الانفلات السياسي مرساة نجاتها من الغرق في بدايات الربيع العربي بمحيط المطالبات بالحرية والديموقراطية ، ما الذي يحدث الأن ؛ هو سؤال جعل من الفكر العربي يدخل في ملهاة واقعه السياسي والديني ويكشف له عن حقيقة سوء هذا الفكر وعدم قدرته على التطور.

ورغم أن هناك حقائق كثيرة ترسخت نتيجة لهذا الإنفلات السياسي وفي مقدمتها ؛ أن الشعوب العربية لاتملك وعيا سياسيا متطورا ، وأنها ما تزال تتمسك بالرموز السياسية القديمة من باب فقدان البديل المطابق لها في الوقت الحاضر ، وثانيها؛ أن هذا الفكر العربي المنفلت والغير مترابط والفاقد لأسس التطور العقلاني الطبيعي جعلنا شعوبا نتمسك بما تبقى من بقايا العقل لدينا وإن كانت تلك البقايا لاتكفي للبدء بالخطوة الأولى نحو الألف ميل ديمقراطية وحرية ، وثالثها؛ هي حقيقة أن فقدان البصيرة السياسية والدينية أدى الى فقدان البصر كاملا وأصبحنا نكتفي بما يصفه لنا الأخرين عن واقعنا الحقيقي .

وكل ما سبق هو نتاج عدم فهم صحيح لمنطق التطور الطبيعي للتاريخ والذي يقوم على أسس تطور إقتصادية بحته ، وليس أسس سياسية أو مجتمعية أو دينية ، ومع بقاء أمرنا الإقتصادي مرتبط بعلاقة رعوية مع الحكام وبقية أذنابهم سوف نستمر في إنفلاتنا الفكري والسياسي إلى أن يصدمنا الإقتصاد الذي أصبح هو الذي وبكل وضوح يحرك المصالح الدولية ، وبعيدا عن أية مفاهيم سياسية أو عقائدية تعيق تحقق تلك المصالح .

احمد عريقات



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات