فضائية الامن .. خطأ استراتيجي يعرض الجهاز للنقد المباشر !


جراسا -

خاص - محرر الشؤون المحلية - أخطأت مديرية الامن العام في قرارها مؤخراً بانشاء قناة تلفزيونية، دونما دراسة شاملة مستفيضة فيما يبدو، سيما وأنها قد تكون سابقة عالمية، أن ينشىء جهاز أمن فضائيته الخاصة، في وقت صارت فيه وسائل اعلام الامن الامن العام، أكبر من عدد وحجم نتاجه الاعلامي اضعافاً مضاعفة، الامر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول الجدوى الحقيقية من انشاء هذه المحطة، التي قد تترك انطباعاً معاكساً للنوايا الحميدة التي أقيمت على أساسها !

وبما أن للدولة الاردنية مؤسسات اعلامية خاصة بها، اضافة الى ابواب الاعلام المستقل المفتوحة على مصراعيها لتلقي اخبار الامن العام، وبثها على مدار اللحظة، كان الاجدى باستثمار كلف انشاء هذه الفضائية تحت جناح وسائل الاعلام الحكومية ذاتها، بل وتقوية الضعيف منها، بدلا من انشاء افرع اضافية للوسائل التي تتعرض لوابل من الانتقادات اساساً.

في الاصل، فان المهمة الاساس لجهاز الامن العام تتمثل في المحافظة على النظام والامن وحماية الارواح والاعراض والممتلكات، وكذلك منع الجرائم ،اضافة الى تنفيذ القوانين والانظمة والاوامر الرسمية المشروعة ، ومعاونة السلطات العامة بتأدية وظائفها وفق احكام القانون، ومهام اخرى بالطبع، تجعل من انشاء قناة تلفزيونية خاصة بالامن، اضافة لاذاعته ومكتبه الاعلامي ومواقعه الالكترونية، ووسائله الاعلامية على مواقع التواصل وغيرها، ضربا من المغالاة، والمبالغة، والاخطر من ذلك انه قد يعرض جهازاً يفاخر به الاردنيون ويتفقون عليه، الى انتقادات المواطنين ومتابعي القناة لاحقا، الامر الذي يتوجب أن تربأ به مديرية الامن العام عن نفسها وعدم المغامرة سلفا بالخوض فيه، سيما وأن الاعلام عرضة للنقد دوما، وبات في عصر ثورة الاتصال سلعة خاضعة للعرض والطلب !

الانكى من ذلك، أن فضائية الامن العام التي اعلن عنها، لن تبث برامج حية، ولا حتى ارشيفية على نظام الفيديو، بل وفق نظام "السلايد شو" اي ان الاخبار والمواد المعروضة ستقدم وفق صور متراكبة متتابعة، لا تسمن ولا تغني، وفنياً لا تقدم المأمول والمطلوب، خاصة وأن نتاج الامن العام من الاخبار، والمعلومات، والمواد التي تناسب البث، لا يتناسب حجمها وعددها، لانشاء قناة مستقلة خاصة بها ابدا.

مبرر الامن العام لانشاء القناة، أنه سينقل اثير اذاعته "أمن اف ام" عبر فضائيته الجديدة، في وقت نقول فيه أن اذاعته وباقي الاذاعات الحكومية، لا مبررا حقيقيا لوجودها في الاساس، بل والاعلام برمته ليس من مهمة الامن العام ايضا، خاصة وأن للدولة الاردنية أذرعها الاعلامية التي يفترض بها أن تكون قادرة على ادارة مشهد الدولة الاعلامي.

استراتيجية مديرية الامن العام التي تبشر بها الاردنيون خيرا، وضعت نفسها على المحك هذه المرة، مؤكدين على حسن النوايا، التي ربما تفسر بتأويلات ابعد منها اعلامية بل سياسية بحتة، تعزز من فكرة مغلوطة ينشرها الحاقدون أن الاردن "دولة أمنية" !

العقلية الامنية في القرن الحادي والعشرين، يفترض بها ان تكون قد انقرضت، وتبخرت، ولم يعد لها وجود في دولة مؤسسات قوية كالاردن، قادرة على ادارة شؤونها دون المغالاة في الطرح والتهويل، وترك انطباعات ستفسر لاحقا بشكل مغاير.

مدير الامن العام الذي يحظى باحترام الاردنيين، كان الاجدى به استشارة اعلاميين متخصصين، اعلاميون قادرون على ادراك البعد السياسي لاي خطوة قد تكون غير محسوبة، ليكون قراره حينها، وفق الابجديات السليمة، بدلا من مفاجأة الاردنيين بانشاء قناة امنية، وهم يبحثون عما يفضفض القليل من اوجاعهم !

ما نخشاه حقيقة أن تخرج علينا غداً باقي مؤسسات الدولة بذات الفكرة، وقد نشهد ذات زمن ولادة فضائية لمؤسسة النقل العام مثلاً، وأخرى للمؤسسة الاستهلاكية، وثالثة لمديرية الاقراض الزراعي، ورابعة وخامسة، ولا يعود ساعتها حاجة لمؤسسات الدولة الاعلامية المختصة.!؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات