دروع تكريميّة


تختلف الاساليب التي يشكر الناس بها بعضهم , فمنهم من لا يحب أن يشكر على عمل قام به , ومنهم من اذا لم يقدم الناس له الشكر على عمله حتّى لو كان صغيرا , فانه يقيم الدنيا ولا يقعدها , ويشكو من انّه لم يكّرم بشكر يليق بالعمل الذي فعله , مع انّ عمله اقل من عادي , والشكر عادة ما يكون بالنطق بعبارات تعطي العمل ما يستحق من ثناء , او يكون بورقة مكتوبة فيها من الكلمات ما يعبّر عن شكر المرسل الى المرسل اليه , على العمل الذي قام به او الخدمة التي ادّاها . ومنها بأوسمة تقدّم لمن خدم وطنه خدمة طويلة في مجال من مجالات العمل العام أو القوات المسلّحة دفاعا عن الوطن.

ولكن الدارج حاليا , وخصوصا في المدن الصغيرة , والمحافظات البعيدة , التكريم , كما يسمّى بالدروع , وهو عبارة عن وعاء من قطعتين من الكرتون المقوّى الملّون , موصولة بمفصلة ليسهل تحريك الجزء العلوي , الذي يكشف ان رفع للأعلى, عن قطعة نحاسية او زجاجيّة او خشبية مكتوب عليها بعض كلمات شكر واسم من سيكّرم بهذا الدرع , او احيانا من دون اسم , وبالعادة يفتعل حفل تحت رعاية شخصيّة عامة , يبتدأ بكلمات ثمّ اغاني ودبكات , وفي نهايته ينادى عريف الحفل على الاسماء التي ستتسلّم هذه الدروع , وما اكثرهم .

والملاحظ انّ هذه الدروع , وبعضها غال الثمن , يتسلّمها احيانا اشخاص بأسمائهم نيابة عن مؤسسات ودوائر وشركات , كان يجب ان يكون التكريم لها وليس للشخص الذي يسمّى اسمه في الحفل , وبعضهم يعلم الناس الحضور والقائمين على الفعالية انه لا يستحق حتّى ان يذكر بخير , وتراه اوّل من يحصل على تقدير وتكريم , وبعض هذه الدروع تصل الى من ليس له ايّ عمل يمكن بموجبه ان يحصل على شكر , مما جعل معظم الناس ينظرون الى هذه الاحتفالات على انّها للظهور غير المبرر , ليس الاّ.

قال لي مدير دائرة انّه من كثرة الدروع التي حصل عليها , لم يبق لها مكان في الخزانة الكبيرة التي تحتّل كلّ الحائط خلف مكتبة , فاخذ ينزع القطعة النحاسية او الزجاجية او الخشبية المكتوب عليها اسمه , ويكتب عليها اسم من يريد ان يكّرمه بدرع في الحفل القادم , توفيرا بالمصاريف , او لمآرب اخرى , وتمنّى هو نفسه , أن لو تغيّر نمط التفكير بالشكر والمشكورين , حتى لا يفقد الدرع التكريمي هيبته , أو أن لا يصل الى مستحقّيه , وحتّى يبقى العمل خالصا لله , وليس رئاء الناس .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات