اختراق امني


كان كل واحد من أفراد العائلة منهمك في عمله , فالأم منشغلة في المطبخ , تغسل الصحون وتعدّ الطعام , والاب يدرّس ابنه , الذي لم يستطع حفظ القصيدة المطلوب حفظها غدا , والبنت الكبرى تكتب في دفترها واجب النسخ , ومذيع الاخبار في التلفاز , يقرأ نشرة بدأها بأعداد القتلى في سوريا مرورا بالعراق واليمن وليبيا , وبعض الاخبار المحلّية , ولكن لم يكن يتابعه احد من افراد العائلة , الذين يبدو انهم مثل كل الناس فقدوا شهيّة متابعة اخبار لا تسر الخاطر , وتفقد الاحساس بالحياة التي يرغب كلّ انسان ان يعيشها , وتغلق فسحة الامل بالمستقبل .

صرخت البنت الوسطى من غرفة البنات التي دخلتها لتحضر حقيبتها , بصوت عال نبّههم جميعا الى مصدره , وكأنها تفاجأت بشيء لم تكن تتوّقعه , دخل ابوها الى الغرفة مسرعا , تبعته الام التي كانت اكثر سرعة واندهاشا , سألوها , أجابت بأنها رأت شيئا يتحرك سريعا , ربما فأر أو جرذ أو غير ذلك , وهو لا بد المسؤول عن قضم بعض ملابسهم , وقطع سلك الحاسوب , دخل من غير أن استئذان , برغم جميع الاحتياطات الامنية التي تتخذها الأم في بيتها , خوفا من ان يدخل اليه قط او كلب أو فأر , أو أي حيوان يمكن أن يسبب قلق لهم , ورغم تنبيهاتها المستمرة الى جميع افراد العائلة بوجوب اغلاق كافة منافذ البيت حال الدخول اليه , الباب الرئيسي , والباب الجانبي , والشبابيك التي يجب ان تفتح من جهة المنخل , ورش المواد الكيماوية خارج اطار المنزل وعلى جوانبه , ورغم اتصالها مع جاراتها واحدة واحدة , تنبههن الى وجوب القيام بأعمال وقائية خوفا من تسلل حيوانات غير مرغوب فيها الى داخل بيوتهن , وضرورة التعاون معها في سدّ جميع المنافذ التي تستطيع الحيوانات المزعجة من خلالها دخول المنازل .

رغم كلّ هذا , فان حيوانا مؤذ ما , قد دخل منزلها , يا للهول , انها جريمة يجب ان يعاقب عليها كل من بسببه يمكن ان يكون هذا الشيء قد استطاع الدخول الى المنزل , والويل والثبور لمن يثبت انّه قصّر , بقصد او بغير قصد , بإغلاق الابواب او المنافذ , او لم ينفّذ وصاياها حرفا حرفا , فكّرت الام بكل هذا وكان قد وصل الى الغرفة جميع افراد العائلة , اللذين علت وجوههم الدهشة , وبان الرعب على وجوههم , تسمّروا في اماكنهم , ثمّ تنبهوا الى اوامر أبيهم بإحضار كلّ الاسلحة المتوفرة , القشّاطة والمكنسة والجردل وأي شيء يرونه مفيدا , لأن معركتهم مع عدوّهم ستكون شاقّة وطويلة .

بينما كانوا يعدّون العدة للمعركة القادمة , كان حيوان صغير ذو انياب قاطعة , يهتّز تحت خزانة الملابس ربمّا من الضحك أو من الخوف , وهو يعلم أنّه المسؤول عن الخسائر الماديّة التي خسرها أفراد العائلة , وهو من سبب لهم القلق , وأجبرهم على اعلان الحرب عليه , ولكنّه يلعن الساعة التي وجد بها باب المنزل مفتوحا , وكانت جارتهم التي لا تحب الخير لهم , بعد أن سمعت الصراخ , تسترق السمع من شق نافذة منزلها , وتضحك في سرّها , على المعركة التي بدأت بين الجيش المسلّح بالأسلحة المنزليّة وبين الحيوان الصغير , الذي سبب لهم الاذى , ولم تزل المعركة مستمرّة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات