عمر


بعد شهر سأتم ال 35 والعائلة تتباحث اقامة حفلة عيد ميلاد لي ، وهناك قائمة مسجلة تنطوي على طلبات للحفلة تتطلب التحضير ، وأول تلك الحاجيات ، شموع ، لكن هناك خلاف كم شمعة سنضع على قالب الكيك ، هناك اقتراح بأن نضع شمعتين أرقام، واحدة على شكل رقم 5 وأخرى على شكل رقم 3 ونكتفي .

لكن بصراحة أنا حزين .

فمنذ أيام وأنا أقف أمام المرآة أراقب الشيب المنتشر على أطراف الرأس والقلب، وأتفحص التجاعيد التي تعلو الحاجبين ، والسواد القابع تحت الجفنين ، وأظن أن هناك رعشة في أطراف الأصابع ، وقحة خفيفة تأتي بين الحين والآخر.

ربما أصبحت مختلفا عن الأعوام السابقة ، صرت أنام على العاشرة وأستيقظ على السادسة كي أوصل سارة إلى المدرسة ، وأتابع يومي باجهاد وهزل ، وأعود مرهقا متعبا رغم أني لم أبذل أي مجهود، أصعب ما في الأمر أنني أصبحت " عمو ".

ترى كيف أصبحت بهذه السهولة وبهذه السرعة "عمو" وأنا ما زلت أحبو على دروب الهوى وأرسم بفرشاة العشق على أسوار القلوب آهاتي، كيف أصبحت "عمو" وأنا مازلت طفلا غارقا في الحب ويتعلق بالجدايل وتستهويه الشبرات والمرايل الخضراء.

ترى أي مؤامرة تحاك ضدي وتقلبني بين ليلة وضحاها لـ" عمو" وأنا مازلت لم أفطم بعد عن الركض خلف الفراشات ، وما زلت لم أستطع أن أناول صفاء رسالتي من كثرة العيون والعابرين في الطريق.

بصراحة أكثر أنا خائف فعندما يكبر الانسان يكبر معه الخوف إذ تطل عليه الشيبات كفزاعات الحقول لكن هذه المرة الفزاعة تبعد السنابل عن القلوب، أحيانا أخرى تطل عليه الشيبات كشواهد القبور لتبوح على العلن أنني لم أعد ذلك الصبي بل أصبحت "عمو".

هو العمر أذ يمضي متجاهلا كل الاشارات الحمراء الداعية للتوقف.

هو العمر الذي أصبح يشترك مع عمو في كل الحروف حتى في جرة الحرف الأخير.
العائلة محتارة كم شمعة ستضع على قالب الكيك وأنا محتار كيف سأتحمل موقف مناداتي "عمو" لاحقا ، وقلبي ما زال في عمر أبنتي سارة صغيرا لكنه يحتضن الكون، ومازال مترردا متلعثما خجلا من البوح بالحب ومترنحا من شدة الهيام.


Khaldon00f@yahoo.com



تعليقات القراء

اخي الكاتب
ذكرتني بقول الشاعر
ايهذا الشاكي وما بك داء
كيف تغدو اذا غدوت عليلا
ما زلت شابا
15-10-2015 07:12 PM
بنت ناس
مازلت شابا وتشكو ماذا ستقول اذا وصلت السبعين والثمانين
15-10-2015 07:15 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات