واقع الحياة الأسرية الداخلية واشكالياتها


أخذتنا الحياة وتناسينا ماذا يدور في أجوائنا الأسرية وما يعلق بها من اختلالات وتوترات ولم نلاحظ انها تخضع باستمرار لتبدل الأدوار والمواقف لكل فرد فيها وعلى نحو مقلق ومثير للجدل .. فحالات طلاق وانفصال كثيرة , وخلافات وتوترات ما كان لنا أن نتحدث عنها لولا وجود ذلك العامل السلبي المفروض على حياتنا لأسباب تقليدية ولا نستطيع علاج بعضها ونعجز عن إدراك أو استيعاب بعضها الآخر كما ينبغي وعلى قدر معقول من الوعي وحسن التصرف ، فمن تلك الأدوار التي يتساهل أصحابها في أدائها أو يتهاونون بها لدرجة إضافتها إلى قوائم أدوار ومهام لآخرين يشاركونهم مساحة الأسرة أو العمل وفي أي حقل من حقول الحياة العامة أو الخاصة.

دور الأب " الآمر الناهي " متبدل تبدل الفصول الأربعة وحسب المواقف والتداعيات في أداء الأدوار أو إلغائها ؛ فبعض الآباء يتحول في الواقع إلى معلم وطبيب وواعظ ورجل أمن ومن هنا ينشأ الخلاف بينه وبين الزوجة التي عادة ما تكون حريصة على أداء دورها أو أدوارها المتعددة داخل نطاق الأسرة وخارجها.

مواقف الأب المتعددة كثيرة ولا حصر لها فمن صفة الفضول والمعرفه في كل شئ الى امتهان المهارات المختلفة الى الحشرية والذكورية الزائدة الى المبادرات المتعددة الى المشاريع النهضوية ، فهو يصف العلاج لأبنائه دون وصفة طبية أو استشارة صحية وهو أيضاً من يقدم بعض الفتاوى غير المستندة على قاعدة شرعية واضحة وصحيحة، وهو رجل الأمن الذي يبتكر لأبنائه طرقاً عديدة للتملص من مسؤوليتهم الأمنية في المجتمع ، على اعتبار أن كل فرد منا مؤسس حقيقي لقاعدة أمنية اجتماعية راسخة، والأب ايضاً هو الكهربائي والمواسرجي الذي يحاول إصلاح كل شيء بشكل مؤقت ومقلق ومثير للانتقاد.

وعلى نفس الوتيرة تشكو كثير من الزوجات وجود هذا الرجل كرب أسرة متعدد المهام في الوقت الذي يعاني كل فرد فيها ضياع الكثير من الجهد والوقت لإصلاح الخلل الناتج عن فجوات الدور الأسري والرعائي للأب الملم بكل شئ ، لذا لا غرابة من وجود الفجوة الكبيرة بين الآباء والأبناء في بعض الأسر التي يكون رب اسرتها من هذا النوع .

وبالمقابل فإن السيدة الزوجه والأم محدودة التشريعات وهي ظاهرة تمارس دورها بأشكال متبدلة ومتغيرة وذلك موجود ومنتشر حتى في أوساط المتعلمات أحياناً .. فالبعض منهن يقتصر وجودها ليست كراعية ومسؤولة عن رعيتها بل بدور المدبرة المنزلية والطباخة فقط أو بمعنى أكثر شمولية خادمة في بيتها وبين أبنائها وأمام زوجها حيث تمضي أكثر من ثلاثة أرباع يومها في الطهي والتنظيف والتلميع وتوجيه الأوامر الصارمة التي تضمن من خلالها بقاء البيت نظيفاً وأنيقاً على حاله ، أما دورها الحقيقي في التربية وإسداء النصيحة وتوجيه الأبناء فهذا غير وارد على أجندة هذه الأم التي ترى أن تجدها كأمرأة وأم وربة بيت يتوقف على درجة النظافة والمشاهدة بالعين المجردة.

مهما حاولنا وصف واقع الحياة الأسرية الداخلية في مجتمعنا والتعرض لتفاصيله .. الا اننا ما زلنا نعيش الاختلالات طالما وأن العبث بالدور الاجتماعي لكل فرد موجود وقائع ومشاهد .. ولا رقابة عليه .. وعلى هذا الأساس تقهقرت الكثير من المهام وانحسرت الكثير من الواجبات، وأصبحت الاتكالية سائدة في أوساطنا وهذا ما أدى إلى وجود الخلل الذي نعانيه ..

اذن .. ما الحل ؟ الحل ليس صعباً لكنه أيضاً ليس سهلاً أبداً، والمسألة تستدعي القيام بفرمتة سريعة وعاجلة لإلغاء تلك الأدوار المتراكمة الخاوية من المسؤولية ، أدوار جوفاء مطلية بقشور لامعة سرعان ما تتساقط حين تصقلها التجارب والمواقف الحياتية المختلفة، فقط علينا الانتباه إلى حجم تلك المساحة التي تؤهلنا لممارسة أدوارنا الاجتماعية الثابتة، أما تلك الأدوار الثانوية فلا يجب أن تطمس معالم شخصياتنا .. لأن في ذلك غياباً كاملاً لوجودنا، مع الاعتذار لكل أب يحاول أن يكون الأب المثالي المميز ، ولكل أم تحاول أن تتحاشى الوقوع في فخ الأم المستهلكه ..
والله من وراء القصد ..



تعليقات القراء

محمد سليمان الزويري
كلام جميل ارق واحلى من عسل مصفى بورق النخيل
09-09-2015 10:09 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات