غسان كنفاني .. ليس مرة أخرى


بين الموت غرقا أو خنقا أو شنقا أو بقطع الرأس أو في غياهب المعتقلات ضاع الشعب العربي بجرة قلم من أحد كتبة التاريخ ؛ وهو الكاتب الذي أوهم تلك الشعوب بأن حريتها اصبحت قاب قوسين أو ادنى والمطلوب فقط الخروج الى الشارع والمطالبة بسقوط النظام ، أي نظام كان المهم أن يسقط النظام ومن بعده تأتي حريتهم الى ابواب منازلهم على شكل ملائكة .

من مات خنقا في النمسا داخل براد هم نفسهم رجال صهريج غسان كنفاني في الستينيات ، وان اختلف المكان والزمان فان موت كل من الطرفين كان بسبب الهروب من الموت ، بعد ان فقدت الحرية بوصلتها وبدلا من أن تقف على ابوابهم وقفت على أبواب من كتب وخط أول كلمة تحت مسمى " الربيع العربي" ، وهو قابع في غرف الخمس نجوم وأروقة المفاوضات المكوكية بين مئات الأطراف من المتقاتلين بحثا عن وطن يكون لهم وحدهم دون غيرهم من الناس .

وعندما نرفض مقولة ان التاريخ يكرر نفسه من منطلق " ديالكتيكي " ، فاننا نحاول نضع بعض المشاهد أمام عيوننا وعيون التاريخ من منطلق البحث عن عدم مصداقية مقولة ان التاريخ يكرر نفسه ، فمن مات في النمسا خنقا وهو يبحث عن ملجأ من الموت في القرن الواحد والعشرين ، لايشابه بأي حال من ماتو في صهريج غسان في الستينيات من القرن الماضي وان تشابه الموت وطريقته ، وكي لانقع في وهم التكرار هنا علينا أن نفصل بين نوعين من دوافع وصول هؤلاء الاشخاص للبراد ورجال غسان للصهريج ، فأهل البراد هربوا من اشقاءهم في الدم خوفا من الموت ، وأهل صهريج غسان هربوا من عدو لهم ، والى ان نعرف من هو العدو في موسم الربيع العربي سيبقى الموت مفتوحا على مصراعيه .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات