كوبي بيست "وزير يرتع .. وشعب يركع "


كان لي صديق عزيز يسكن بتلك الحارة , كان لايتحدث الا عن الاصلاحات ومطالب الشعب فتراه تارة يبكي واخرى يكتب وبعدها يحضر للاجتماعات حتى بت على يقين انني افاخر كل العالم لملازمته منذ فترة طويلة , قبل يومين نهضت من النوم باكرا لعل وعسى ادعوه على افطار مميز بشهرنا الفضيل , فكانت المفاجأة حيث اخبرني ابنه الصغير بأن والده قد دعوه ليكون وزيرا ! عندها استبشرت خيرا وتغيرت ملامح وجهي من التجهم للسرور , لبست ملابسي بسرعة فائقة لانتظر بباب بيته حيث وجدت الكثيرين من الناس ومن اصدقائه في انتظار عودته الميمونة للتحية والسلام عليه , كانت فرحة الحاضرين لايمكن تصورها! كيف لا واحد ابناء الشعب الذي عانى طويلا من ويلات التهميش والمحسوبية يتربع الان على منصب لم يحلم به من كان بيننا بيوم من الايام , حضر ولكن لم يكن بتلك الهيئة القديمة بل بمراسم لم نعهدها من قبل , حتى ساورني الشك بأن الذي امامنا ليس ذاك وان الزمن ليس هو حتى تناول كلمة اعدت في جيبه وقال مخاطبا الحضور : شعبنا العزيز احبائي اخواني اني نذرت نفسي لاكون خادمكم المخلص وسيفكم الذي تحاربون به الظلم والطغيان فاهلا وسهلا بالجميع وانا ادعوكم جميعا في الاسبوع القادم للتشاور كما كنا من قبل اما الان فاسمحولي فانا متعب جدا ..والسلام بعدها عدت للبيت وانا فرح لدرجة عظيمة املا بتغيير حقيقي يصب بمصلحة البلاد....ومرت ايام وايام واسابيع تلو الاخرى والاخ والصديق لم يدع احدا منا كما وعد من قبل للتحدث او التشاور او اي شي كان , حتى انني فيما بعد سمعت من احد الاصدقاء بانه " الصديق الوزير " قد ضرب بعرض الحائط طموحاتنا كشعب بالتغيير والاصلاح واستعاض عن تلك المطالب بقوات اضافية من الشرطة ووضعها امام دور العبادة وأمام اماكن الاجتماعات التي عادة مايرتادها الناس للتحدث بالشان العام , وفي رواية اخرى لاحد الاصدقاء بأن ما اعلنه مكتبه الخاص حول نيته السفر الى اسبانيا لاجراء مباحثات هامة لتوطيد اواصر التجارة الحرة بين البلدين ماهي الا دعاية واعلام زائف حيث اثبتت التحريات بان الغرض الرئيسي من تلك الزيارة هو الراحة والاستجمام على حساب جيب المواطن الذي توسم فيه كل الخير , وبالفعل حدثت تلك الرحلة ومازالت هناك قيود كثيرة تعيق الحركة التجارية الحرة بين بلادنا ودول الاتحاد الاروزبي ومن بينها اسبانيا , على كل حال تفاجأ كل من كان يعرف سيرة صديقنا ايام الفقر والجوع والتشرد حيث كان مثالا بالوطنية والانتماء والدعوات الدائمة لنصرة قضايا الشعب المصيرية في العيش والبقاء , فغير المنصب كل شيء كنا لانتوقع تغييره فيه مهما كانت الاسباب والمبررات من قبل , حتى ان مجموعة من اصحاب الرأي والمشورة والحكمة من جماعاته القديمة ذهبت لزيارته والالتقاء فيه لاواصر الاخوة وعمق المشاعر التي كانت تربطهم من خلالها من قبل , الا انه لم يقابلهم بل ترك خبرا لهم عند مكتب السكرتاريا التابع لمكتبه مفاده بان الوزير يشكركم وياسف لان جدول اعماله لايسمح باي لقاءات خاصة هذا الشهر , واستمرت هذه الحالة لفترة طويلة , وازداد ت دهشتي اكثر واكثر حين دعاني لمكتبه واخبرني عندما ناقشته بوعوده وعهوده القديمة قائلا لي : صديقي العزيز ارجو ان تنسى تلك الشعارات الرنانة فالمرحلة دقيقة جدا وتحتاج منا اكثر بالاندماج بسياسات اخرى لم نتصورها من قبل , وانصحك ان تكف السنة الاخرين عن الطعن بي كلما القيت خطابا امام هيئة او جمعية ماء , فالمسئولية ياصديقي عندما تتربع عليها تختلف عن الواقع الذي نعيشه كجماهير , عندها اصابني احباط شديد من كلامه وتمنيت انني لم اعرفه من قيل وشعرت بدوار كبير للصدمة التي سببتها سياساته للشعب وللاصلاحات التي كانت بمخيلاتنا جميعا , وايقنت ان المناصب تغير من لم نكن نتصوره بيوم من الايام قابلا للتغيير , وعرفت حينها سر مفهوم الكوبي بيست الذي سيبقى ملازمنا لفترة طويلة , حيث ان اكثر الذي ينادون بالشفافية وحرية الشعوب وعدالة القضايا والاصلاح غالبا ما يصبحون نسخا كما كان قبلهم , فقررت ان اصرخ بوجهه وقلت باعلى صوتي ارحموا الشعب ارحموا شعوبكم ايها ...والا بي افتح عينايا ولم اراه امامي بل رأيت مدفاة الديزل والدخان يتصاعد حولي وجرس الباب يقرع , فنهضت مسرعا واذا بجاري يقول لي سمعنا صوتك تصرخ فخشينا ان احد قد داهمك وانت في البيت ! عندها ابتسمت وعرفت بانني كنت احلم وشكرت ربي على انه لم يحرمني من صديقي حيث اساء الي كما اساء لشعب كامل اثناء حلمي .....عندها جلست وكنت اتوسل لله القدير ان يحفظ الوطن وقلت اللهم احفظ بلادي من الضياع وارحم شعبي من كل طاغوت تجبر وسخر لشعبنا من يكونون عون عليه ولايكونون تجارا لمصالحهم الخاصة ..........



تعليقات القراء

جعفر
كلامك لا شك فيه الا انني اصر بان هناك بقية اشراف
18-07-2015 02:10 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات