المستوطنات نوايا إسرائيلية مستقبلية


 ظلت سياسة إسرائيل تجاه قضية المستوطنات تشكل خطأً استراتيجياً ثابتاً للحكومات المتعاقبة خلال العقود الماضية حيث لم يكن الخلاف فيما بينها يعدو خلافاً في الأسلوب بين نهج براجماتي وآخر أيديولوجي في ظل توافق ضمني قائم على تقسيم الأدوار لتحقيق الهدف المشترك وهو الاستيلاء على الأراضي المحتلة وتغيير التوازن الديموجرافي فيها لصالح اليهود بهدف خلق أمر واقع يصعب تغيره في المستقبل وإضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية ومحاولة استخدامها كورقة ضغط في أي مفاوضات مستقبلية مع العرب ولهذا تعتبر قضية المستوطنات من أخطر القضايا التي تهدد مستقبل التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي.

 إن محددات سياسة إسرائيل تجاه المستوطنات يقصد بها أساساً معضلة الأمن الإسرائيلية والتي لا تعني من وجهة نظر إسرائيل مشكلة حدود أو حتى سيادة بل مشكلة بقاء مادي بالمعنى الحرفي للكلمة وقد تأثرت سياسة إسرائيل تجاه المستوطنات بدرجة كبيرة بمشكلة الأمن التي أصبحت مبرراً قوياً للاحتفاظ بجانب كبير من المستوطنات وعدم الاستعداد لمجرد التفكير في التنازل عنها باعتبار أن تلك المستوطنات الأمنية تشكل خطوط الدفاع الأمامية للدولة وبالتالي لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال ولهذا يكثر الجدل حالياً في إسرائيل حول علاقة المستوطنات بأمن إسرائيل وخاصة بين القادة العسكريين فهناك من يرى أنه في الصواريخ لم تعد أهمية للمستوطنات ولهذا تبقى أهمية المستوطنات التي تمنح إسرائيل قدرة امتصاص أي هجوم أرضي فضلاً عن كونها عوائق توفر الوقت لتعبئة جنود الاحتياط.

 تشكل المستوطنات أحد الأعمدة الثلاثة للصهيونية بالإضافة إلى الدفاع والهجرة لتحقيق حلم أرض الميعاد حيث لا تستطيع حكومات إسرائيل العلمانية تجاهل هذا العامل فالتركيبة للكيان الإسرائيلي قائمة على مفهوم الاستيطان الذي يحمل بين طياته فكرة العداء للآخر والرغبة في التفوق عليه نتيجة عدم الشعور بالاطمئنان والخوف والادعاء بالحق التاريخي لهذا أقدمت كافة الحكومات الإسرائيلية على تقديم كافة الضمانات لتهدئة مخاوف المستوطنين من عملية السلام وإقناعهم بأنها محاولة لإضاعة الوقت لزيادة رقعة المستوطنات وتغذية شعورهم بالكراهية والعدوانية. وفي هذا الإطار سوف تسعى الحكومات الإسرائيلية المستقبلية لمواصلة الاستيطان في كل الأراضي المحتلة مع تكثيف الاستيطان بالقدس وهذا ما أكده كل الأحزاب الإسرائيلية المتشددة.

 الإسراع ببناء المستوطنات الجديدة وتكثيفها واستكمال خطة تهويد القدس وذلك كله بهدف المماطلة إلى أن يتم خلق واقع جديد على الأرض وفي النهاية لا يجد الفلسطينيون ما يتفاوضون بشأنه.


talal_gerasa@yahoo.com

                                               



تعليقات القراء

لا يوجد
تفسيركم لمعنى المستوطنات جاء عميقا وللنوايا جسدتم السلوكيات التفاوضيه .
10-11-2008 04:34 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات