خبز أمي


كانت تجلس على برندة البيت كل صباح وتتخذ ممن يعبرون الطريق حكايتها اليومية ؛ وهي " رحمها الله " تمتلك ذخيرة كبيرة من الأمثلة الشعبية التي توراثتها من جدي ومن تجربتها في حياة استمرت لأكثر من ثمانين عاما ، قضتها ما بين القدس وعمان والرياض متنقلة حيثما تنقل والدي"رحمه الله " في عمله في الجيش العربي والعمل في القطاع الخاص ، هي أمي التي وجدت بداية النهاية لنا كمجتمع عندما شاهدت الرجال والأطفال يسعون في صباح يوم الجمعة للمخابز ويعودون محملين بأكياس من الخبز " الجاهز " ؛ وعندها تقول جملتها المعروفة " فقدت البركة من البيوت عندما توقفت السناء عن الخبز في البيوت ".
ومع أنها بلغت الثمانين من العمر إلا أنها كانت تصر على خبز خبز بيتنا ؛ وهي بذلك تمارس حياتها كما عاشتها منذ صغرها في بيت جدي لأن خبز البيت فيه من البركة الشيء الكثير ، ومن حصرها على هذه البركة كانت لاتتوقف عن تربية الدجاج البلدي في حوش المنزل فقط من أجل أن لاتذهب نعمة ربنا " الخبز والرز " وبقية ما يتبقى من طعامنا لحاويات القمامة بل لدجاجتها ، وعند مروري بها في شوارع المدينة وتشاهد اكياس الخبز ملقاة على الأرصفة أو معلقة على حافة حاويات القمامة كانت تقول جملتها " سيأتي يوم ونفقد هذه النعمة ونعود لبذر التمر ونعجنه " .
ويبدو أن هذا اليوم قد جاء أو اقترب قدومه عندما أعلن دولة النسور بأن الحكومة منهكة من دعمها لخبز الشعب ؛ وأن مصاريفها كحكومة لاتمثل انهاكا لجيب الشعب ، وهي كحكومة خرجت من عاما الماضي وربما الحالي رأس بطاقية ، وكل ذلك بفضل من حكمتها ومهارة وزير ماليتها " الرياضي " ورئيسها العبقري واخيرا جيب المواطن ، واخيرا ربنا يرحم أمي ويأخذنا برحتمه جميعا بإستثناء الحكومة لأنها تأكل ليس بعرق جبينها ؟ .



تعليقات القراء

حمدان1
رحم الله والدتك ووالدينا، الان لايوجد من مقومات الخبز القديم شئ فلا(وقيد) ولا سهول قمح ولارحى ولا مطاحن الحارة ولا ايدي تعجن حتى ولامعجن فلن نطحن لانوى ولاغيره ان لم نعد لبيدرنا
16-05-2015 09:15 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات