التقرير السنوي لديوان المحاسبة


 في كل عام يطلُع علينا رئيس ديوان المحاسبه مبتسماً متأنقاً وهو يسلم تقريره السنوي لرئيس الوزراء , ثم لرئيس مجلس الاعيان ولرئيس مجلس النواب , ويتم تبادل الصور التذكاريه في هذه الاحتفاليه والمناسبه السنوية التي تنقلها وسائل الاخبار المحليه .
هذا التقرير نتاج جهد كل موظف في ديوان المحاسبة , بعد التغلغل في مكنونات الاجراءات المتعلقه بالاداء الحكومي والرقابه عليها مالياً وادارياً في كل المجالات ( عطاءات , مشاريع , خدمات , تعيينات , ميزانيات , مصروفات , رواتب وهبات ومكافأت وعمل اضافي , ارجاء تنفيذ خطط مرحليه , قصور في تطوير الاداء , تاخير في الانجاز , خلل , تزوير , اختلاس ....الخ )
الجميل في الموضوع ان التقرير عباره عن مجلد يحتوي مئات الصفحات التي تزخر بألاف الملاحظات , ومئات التجاوزات والمخالفات , وربما مثلها من القضايا التي تتطلب ايداع من يثبت ايدانتهم قضائياً في غياهب السجون .
ورغم كل هذا يتم بروتوكولياً تسليم التقرير بكل الفرح والابتسام والغبطه , مظهر حضاري يؤكد اننا نستقبل الغض والسمين بكل صدر رحب .
سربت وسائل الاعلام غيض من فيض , مما يحتويه التقرير , وكالعاده ما يتسرب يتعلق بمخالفات لبعض الموظفين البسطاء مثل ( موظف يحصل على اجازه مرضية طيلة عشرة اعوام ويتقاضى راتبه كاملاً , مصروف سيارات الامين العام لاحدى الوزارات مئات اللترات من البنزين ...الخ ) , ولا نسمع عن مخالفات الحيتان الذين يستغلون المال العام , والذين تضخمت تجاوزاتهم بحجم الاموال التي سلبوها باستغلال نفوذهم , والتي تسللت خارج الوطن لتحفل ياحتضانها بنوك سويسرا ومثيلاتها من مصارف الاثرياء , الذين بنوا ثرواتهم على استغلال مناصبهم ونفوذهم بدون وجه حق .
هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم في اسواق النخاسه , والذين يعتقدون انهم استغلوا مراكزهم بالوجه الامثل , وبذكاء ودهاء ابعدهم عن المسائلة والقضاء , وتناسى كل منهم انك تستطيع ان تتحايل على كل الناس ولكنك لا تستطيع ان تتحايل وتكذب على نفسك . وتناسوا ان الانسان سيسأل عن ماله كيف اكتسبه وفيما انفقه , وتناسوا ان مردهم لله .
رئيس وزراءنا ينادي في كل محفل بضبط الانفاق وترشيد الاستهلاك , وديوان المحاسبه للانصاف يعمل بأستقلاليه ونزاهة وشفافيه وحياديه , ولا يألو جهداً من خلال مخرجاته الرقابيه من وضع اليد على الجرح , وتقديم توصيات اجرائيه , من خلال الوحدات الرقابيه الداخليه , واتخاذ اجراءات وقائيه للحفاظ على المال العام .
والسؤال المطروح لماذا لم يتم تصويب كثير من المخالفات التي لا زالت قائمه والتي ترحل من تقرير لتقرير , حيث ان مخرجات كل تقرير جديد يشير الى المخالفات التي لا تستوفي اجراءات تصويبها وتسويتها ؟
ولماذا لم يصار حتى تاريخه الى اجراء رادع وسريع لمعالجة التهرب الضريبي لاصحاب الملايين والمتنفذين ؟
ولماذا لم يتم مقاضاة بعض المكلفين بدفع الضرائب بتقديمهم شيكات مكتبيه وشيكات بدون رصيد ؟
ولماذا لم يتم مقاضاة ومحاسبة الموظفين والمتنفعين بالتحايل والتلاعب بنماذج الدراسات الاجتماعيه لذوي الدخل المتدني عن طريق اعتماد ارقام وهميه وتزوير وبيع البطاقات الصحيه مقابل منافع ماليه ؟
ولماذا يتقاضى اصحاب دخول مرتفعة مساعدت ماليه وهي حق للفقراء ؟
ولماذا لم يتم محاسبة بعض الموظفين لسرقة وتزوير الدفاتر الخاصة بمعونات المزارعين ؟
ولماذا لا زالت الواسطة والمحسوبية والمنفعية متغلغلة وبائنة بينونة كبرى في بلدنا ؟
اجيبونا رحمكم الله ؟ حمى الله الاردن من كل مكروه , واسبغ علينا نعمة الامن والامان , انه ولي ذلك والقادر عليه .

د . نزار شموط



تعليقات القراء

حمدان
واضيف سؤالا يادكتور لماذا لايسلم للقضاء
30-04-2015 07:08 PM
عمران العتوم
دائما مبدع دكتورنا وومع ذلك المخفي اعظم
01-05-2015 07:58 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات