حماس والسلطة الفلسطينية بين الممكن والمستحيل


 إن احتمالات الحرب في السياسة الإسرائيلية قائمة. ولا ترتبط بتفاعلات إقليمية كبرى وإنما بتهديدات مباشرة بأمن إسرائيل لكن مشكلة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أنها لا تشعر بإطمئنان دون أن تفكر بأن حرباً ما قادمة وكأنها حتمية نتيجة حدوث اختلال واضح في التوازن الاستراتيجي القائم في المنطقة وذلك بوجود تحركات سياسية لإقامة تكتل ضد إسرائيل وتحركات عسكرية تهدد أمن إسرائيل على نحو قد يؤدي إلى سلسلة تصعيد نحو حرب.
 من هذا المنطلق كيف يدرك الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني موضوع غزه. وما تأثيرها على إمكانيات التعاون أو الصراع خلال الفترة القادمة. فقد وجد الرئيس محمود عباس نفسه يواجه تشدداً إٍسرائيلياً مركباً فالحكم الإسرائيلي يفتح الأبواب أمام استيطان المزيد من الأرض الفلسطينية  ويفرض سياسة من الحصار على الضفة وقطاع غزة. وأن قرار الحكم الإسرائيلي استئناف الاستيطان هو ذروة السياسة المتغطرسة التي أدت بدورها إلى أن تذهب بقياس حماس إلى حد اعتباره إعلاناً من إسرائيل بالحرب واعتباره أيضاً مفجراً لثورة حماس.

 حيث من المؤكد أن السلطة الفلسطينية ذاتها هي من نتائج اتفاق أوسلو وهذا يعني أن وجودها مرتبط بوجوده وأن فناءها مرتبط بفشله. وأن المصادر التي أسست عليها السلطة الفلسطينية شرعيتها السياسية هي مصادر منبثقة من الترتيبات الأمريكية الإسرائيلية وليست نابعة من مكونات فلسطينية أو عربية وهذا يعني أن ثورة غزه عند اندلاعها فسوف تكون في مواجهة هذه الترتيبات التي تعد السلطة الفلسطينية جزءاً منها.

 بالإضافة إلى أن الممارسات العملية للسلطة الفلسطينية يسهل تصويرها في أذهان حماس والقواعد الشعبية الفلسطينية على أن الكثير منها يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان الفلسطيني ويعد تعاوناً صريحاً مع السلطات الإسرائيلية وهذا بحد ذاته يجعل قدرة السلطة على تحريك الشارع الفلسطيني محدودة وغير ذات فاعلية.
 بالإضافة لذلك أن الإطار العربي الذي هيأ أجواء مناسبة لحماس قد تبدل وتغير مع دخول الدبابات العراقية شوارع الكويت في العام 1990 أسدل الستار على تلك المرحلة وبدأت مرحلة جديدة لم تثمر إلا أوسلو.

 فهناك التطرف الكامن في العقلية الإسرائيلية إذ تتزايد ميول العنف والتطرف داخل المجتمع الإسرائيلي وهي تغذي جذور الغضب على الجانب الفلسطيني. وعلى الصعيد الرسمي هناك الاستخفاف الذي تنظر به الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وهو ما يؤدي إلى حالة فلسطينية مقابلة يختلط فيها الشعور بالإحباط مع عمليات قتل المستوطنين مع الدعوة للسلاح مع تقليص مساحات الاعتدال فقد ثبت للرأي العام الفلسطيني والعربي أن حركتي حماس والجهاد وغيرهما من أحزاب المعارضة الفلسطينية لم تكن على خطأ حين رفضت مثل هذا الحل السلمي وحين قاومت من أجل الاحتفاظ بحقها في التمسك بالمقاومة المسلحة كأسلوب مشروع لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي بعد أن جاءت إعاقة السلام من إسرائيل ذاتها وبعد أن تم تجريد السلطة الفلسطينية من الخيارين معاً فلم تعد مدعوة لإقامة السلام ولم تعد قادرة على خيار الكفاح المسلح.

 وإجمالاً فإن السلطة الفلسطينية تهدف إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية ودفعها للتخلي عن تشددها والمناورة لدفعها نحو تنفيذ الاتفاقيات انقاذاً للسلطة ذاتها من الفشل والسقوط وأما المعارضة الفلسطينية فتهدف من وراء الكفاح المسلح إلى مواجهة إسرائيل والسلطة الفلسطينية معاً وإعادة توحيد الشعب الفلسطيني وراء خيار المقاومة. 


 talal_gerasa@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد
المصالح على طرفي نقيض ولايمكن الوقوف في الحياد نحتاج تحديد الاسود والابيض
10-11-2008 04:30 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات