التحديات الثقافيه للشباب


الثقافة هي هوية الأمة وإطارها ومضمونها الفكري , وهي اسلوب الحياة ونمط التفكير الذي يحدد سمات الأنسان ويميزه عن غيره , وهي بالمحصلة نتاج الفكر والمادة معاً .

وكل حقبة زمنية تشهد متغيرات ومستجدات تحمل في طياتها متناقضات وطروحات فكرية ومادية تفرض على الشباب نمطاً جديداً من التغير الفكري واسلوب الحياة , بغية استيعاب هذه المتغيرات .

وفي هذا الزمان الذي تتسارع فيه الطفرات الفكرية والمعرفيه وما افرزه هذا التسارع من متغيرات ومستجدات علمية وتكنولوجية اثرت على سلوكات الأفراد , وخاصة الشباب الذين هم بطبيعة مرحلة النمو التي يعيشونها اكثر تأثراً بما يحدث .

ادى كل هذا الى اتساع الهوة بين جيلين , الأول جيل الأباء الذي لا زال يمتلك من الثوابت والقَيم والعادات والأعراف ما يجعلهم اقل تأثراً بالمستجدات .
اما جيل الشباب فقد اصبح يعاني بما يسمى بالهوة المعرفية والرقمية والتقنية والمسلكية والقَيمية .

مما ادى الى صراع بين ما تعلموه من قيم ومسلكيات وثوابت دينية وخلقية , وبين ما يعرض ويفرض عليهم من متغيرات مثرية ومغرية , تحمل في شكلها وضاهرها التطور والتقدم والابداع , وتوظف التقنية بصورة ضاغطة على كل ما هو تقليدي , ليس بالشكل , ولكن بالمضمون والمحتوى الفكري والثقافي .

حتى بات الشباب يعيش فراغاً ثقافياً واضحاً , وبدأ انهيار الثقافات الوطنية مقابل ثقافة العولمة الأستهلاكية التي تسعى الى تفتيت الثقافات الوطنية , وتهميش دورها , واشاعة ثقافة ليس لها معالم او هوية تتغير تبعاً للمستجدات والظروف العلمية والسياسية والاقتصادية العالمية .

ان ما يحيط بالشباب من فضاء فضفاض يشهد كل يوم الكثير من المستجدات والمتناقضات الفكرية والمادية , وما يتبعها من تضاعف ونمو المعلومات التي اصبحت من اهم الموارد التنموية التي تضاهي الموارد الطبيعية والبشرية الاخرى .
فقواعد البيانات اصبحت مرجعيات اساسية في الحكم على كثير من الأمور ,وخاصة فيما يتعلق بالقرارات السياسية والأقتصادية والأجتماعية والعسكرية .

في ظل هذا بات الشباب بحاجة الى توجيه سليم تتبناه مؤسسة الأسره اولاً , ثم المؤسسة التربوية , والثقافية . فالثقافة ترتبط بالتربية ارتباطاً وثيقاً , وهي وعاء التعلم , وهما وجهان لعملة واحدة , فالتعليم كوسيلة يهيأ الفرد لأستقبال الثقافة واستيعابها وتذويتها فكرياً واجتماعياً ومعرفياً , بحيث تحدد طباعه وشخصيته , وسماته المادية , والروحية , والفكرية والوجدانية , وبالتالي تشَكل نمط حياته وسلوكاته التي تعكس معارفه وقيَمه ومعتقده , ومُثله العليا , والتي هي بالمحصلة النهائية انعكاس لثقافته , والتي يعتبر الحفاظ عليها من اكبر واخطر التحديات التي تواجه امتنا العربية والأسلامية في هذه الآونة وبخاصة ثقافة الشباب .

وكل ساعه وربما اقل يُضخ كم كبير من المعلومات والمثيرات السمعية والبصرية الفاسده الني تستهدف في غالبها شريحة الشباب , والتي لم تنضج لديهم المقومات المعرفية والمهارية التي تخولهم القدرة على التحليل وانتقاء الأنسب , وبالتالي الأنجراف بالتيارالذي يقنع الشاب , ويتوائم مع اهوائه واتجاهاته بعيداً عن الرقابه والتوجيه , فالأبهار السمعي والبصري من خلال الأنترنت والوسائل الأخرى يثير الأدراك على حساب الوعي .

فالتركيز على عنصر الأبهار للأدراك يثير الأنفعال والغريزة ويعطل العمليات العقلية والمعرفية , مما يؤدي لتسطيح الوعي , فأصبح الشباب في حالة من الأنبهار البصري والسمعي وهدر الكثير من الوقت نتيجة لذلك , وكل هذا على حساب تطوير قدراتهم وامكاناتهم المعرفية.

وهذا جعلهم مطية سهله للأنقياد لكل ما يطرح , وبالتالي التخلي عن هويتهم الدينية والثقافية , وتنحي البعض نحو التطرف والمغالاه , بكل اشكالها والوانها , الخلقيه والفكريه والعقديه والثقافيه .

وهنا يأتي ايضاً دور وزارات الثقافة والتنميه السياسيه والاوقاف , والتي تحمل على عاتقها الدور الأكبر في ترسيخ الهوية الوطنية والثقافية والدينيه بجميع ابعادها , والتأكيد على ترسيخ ثقافة وطنية عربية تستند الى تعاليم الاسلام السمحة , بعيداً عن التطرف والمغالاه , وذلك من خلال برامج توعويه ترقى لمستوى ما يطرح عالمياً , والأفاده من الخبرات المتقدمة في هذا المجال , بعيداً عن النمطية والتقليديه المتبعة والتي اصبحت مستهلكة ولا تلاقي قبولاً لدى الشباب .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات