الفكر الاصولي سلاح الامبريالية الاخطر


لم تعد الماكينة الاعلامية الامبريالية - في زمن النهوض والوعي الفكري الاممي – وحدها سلاحا مؤثرا في الجماهير , حتى القيام بعمليات غسيل الدماغ الجماعية والممنهجة لاستقطاب وتجييش الدعم الاممي للقيادة البربرية الامبريالية التوسعية المفضوحة لم يعد ذا جدوى , حيث ان فضح كذب وافتراءات الدول الاستعمارية الطامعة في بلداننا العربية سعيا لاستنزافها سبب حالة من الفوضى والصحوات الشعبية في الغرب وانحسار مؤيدي الحروب الاستعمارية , تمام كما حصل في ورطة الولايات المتحدة في العراق ..

الغزو الامبريالي التوسعي للعراق , مهما كان مقدار الكذب والمزاعم لتبرير الاحتلال وسلب ثروات العراق " النفط تحديدا " كان قد كلف الولايات المتحدة الامريكية ما يزيد عن 6 ترليون دولار – حسب تقرير صادر عن جامعة براون الاميريكية – على نطقاق الحرب الكلاسيكية ناهيك عن التكلفة الهائلة التي تكبدها العراق والعالم اجمع , وعلى الرغم من ان النفط العراقي بات يملأ مستوعبات الاحتياطي النفطي الاميريكي عن اخرها , الا ان تكلفة غزو العراق شكلت عبئا كبيرا على الاقتصاد الاميريكي مع احتساب ما سيترتب على ذلك من الفوائد المدفوعة على قروض تمويل الحرب التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة , والتي ستنهك الاقتصاد الاميريكي حتى امد بعيد وستدفع من جيوب دافعي الضرائب !!

لم تكن تجربة الحرب الامبريالية الكلاسيكية ذات جدوى " اقتصادية " حسب ما خطط له ابان الشروع بالغزو , ومشروع الشرق الاوسط الجديد لا تزال القيادة الامبريالية الامريكية تتبناه , اصبح بحاجة لتغيير النهج الاميريكي واتباع مخطط جديد كذلك , لاستنزاف الشعوب والجيوش العربية وتمزيقها تمهيدا لاستيلاء الامبريالية على ما تبقى من ثورات المنطقة , كما فعلت سابقا في افريقيا ..
افريقيا " الام الخصبة " والاغنى بمقدراتها , كانت وما تزال تحت وطأة الصراعات والحروب الطاحنة التي مزقتها وحولتها لارض يملأوها الجهل والجوع رائحة الدم واشلاء اللحم البشري .. لحساب من ؟ لقد كان الطمع الامبريالي الغربي المتسبب والمستفيد الاول من تمزيق افريقيا , من خلال استغلال سحق شعوبها بعضها بعضا وسرقة الحد الاعلى من مقدراتها لصالح خزينة راس المال الغربي , وفي سبيل المصلحة " المادية " تتيح الامبريالية لذاتها كافة الوسائل اللااخلاقية والبعيدة كل البعد عن الادمية البشرية حتى لو على حساب امم بأكملها .

تدمير المنطقة العربية برمتها واعادة هيكلتها وفقا لقواعد مخطط الشرق الاوسط الجديد الصهيو-اميريكي , كان بحاجة لتغطية وحشد اعلامي وتجييش الشعوب وايجاد مببرات الصراع , كالديمقراطية والتغيير والثورات وما سمي بالربيع العربي الدموي , لكن هذه النظرية لم تكن لتطبق على كل مسارح الدول العربية , نظرا لخصوصية كل قطر واختلاف تضاريسه الفكرية ونسيجه المجتمعي .. الخ من العوامل التي تميز كل قطر عن الاخر ..

ونظرا لان عملية تمويل الاطراف المتناحرة في افريقيا بالعتاد والسلاح وشراء الذمم وسرقة الثروات بالخفاء , كانت اقل تكلفة من الحرب الكلاسيكية , فقد تم اتباع ذات الاسلوب على ارض بعض لاقطار العربية , وبظهور المخطط الاستنزافي الذي تم حياكته ليطبق على الارض العربية السورية من خلال تمويل المعارضة وتشكيل عديد الجبهات وتسليحها لتعمل في الخفاء لصالح الجهات الداعمة وتنفيذ مئآربها في المنطقة وقد ظهر ذلك بجلاء حين اخذ تنظيم " داعش " بالاستيلاء على حقول ومصافي النفط في العراق وسوريا وبيعه في السوق السوداء ليملأ مخازن النفط في اوروبا والولايات المتحدة على حساب الدم العربي , وهكذا اخذت ملامح المخطط الامبريالي التوسعي في الظهور يوما بعد يوم .

في حين يتم استنزاف الارض السورية و للاستفادة من ذاك المخطط بالقدر الاكبر , ابتدعت الامبريالية الحجة والبرهان لتوريط باقي المنطقة في حروب استنزافية بدعم تعبوي جماهيري عارم , من خلال دعم الفكر الاصولي والتطرف وتسليحه وتشكيل جبهات قتالية , وجر جيوش المنطقة للانخراط في حرب طويلة المدى , تستهلك تلك القوى البشرية " العسكرية والمدنية " في بعض الدول , او الدعم المالي من خلال دول اخرى .

لم تكن عملية اعدام الشهيد الطيار معاذ الكساسبة وما رافقها من حشد اعلامي عالمي , الا محاولة لدفع الاردنيين باتجاه التورط مخطط الحرب الغربي , وكذا يحصل حينما يتم اغتيال 21 عاملا مصريا كادحا في ليبي على يد عصابات التكفير الاصولية , المدعومة بالمال والسلاح الغربي وبعض العملاء المتورطين على صعيد الدول العربية .

داعش والقاعدة والنصرة وحركة الشباب الصومالي , وبوكو حرام وغيرها , مع الجهود الاعلامية التحريضة , ليست سوى ادوات امبريالية لاغراق المنطقة بالمزيد من الدمار والخراب , لملأ الخزينة الغربية بخيرات المنطقة والحفاظ على امن وديمومة الكيان الصهيوني " الراعي الرسمي للتطرف والارهاب " والمستفيد الاعظم من اضمحلال الامة العربية وهلاك شعوبها وجيوشها .

الرد على هذه المخططات لا يكون سوى من خلال تحصين الجبهة الداخلية العربية , والتخلص من كافة اشكال التبعية والانسياق خلف المزاعم والافتراءات الغربية , تطهير الفكر العربي من كل ما يشوبه من مظاهر التحريض على العنف والكراهية , تطوير المناهج التعليمية , والقيام بعملية اصلاحية شاملة على مستوى الخدمات وانظمة الحكم العربية ومحاولة استغلال ثروات المنطقة لما يخدم مصالح شعوبها فقط ..

لا من خلال التورط في المزيد من المخططات الامبريالية وتجنيب الامة ما قد تجره عليها الاعيب الغرب والصهيونية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات