المتقاعدون المدنيون القدامى لا بواكي لهم !


التقيت يوماً أحد المتقاعدين المدنيين، وكان قد افنى سني عمره في التعليم، فسألته عن راتبه التقاعدي، ضحك الرجل ضحكة تنبئ عن حسرة ومرارة وقال: \\\"اسكت بلاش فظايح\\\"، ثم أشاح بوجهه واختفى وسط الزحام.

من المؤسف حقا أن تتغاضى الحكومات المتعاقبة، والحكومة الحالية تحديدا عن الأحوال البائسة التي يعيشها المتقاعدون المدنيون القدامى نظراً لرواتبهم التقاعدية المتدنية والتي لا تسر عدواً ولا صديقاً، والتي يخجلون حتى مجرد ذكرها امام الناس.

دولة رئيس الوزراء الحالي عبدالله النسور كان معلماً، ثم مشرفاً تربوياً، ثم وزيراً للتربية، وها هو الآن رئيساً للوزراء، بيده الحل والربط، وعليه يعقد المتقاعدون القدامى من المعلمين آمالاً كبيرة، فهو يعرف تماماً الظروف التي عملوا فيها، وللتذكير فقط، فقد عمل المتقاعدون القدامى من المعلمين في ظروف بالغة القسوة، لم يكن لديهم وسيلة مواصلات مريحة، كما هو الحال الآن، تنقلهم من أماكن سكناهم إلى مراكز عملهم، كانوا يتكبدون مشقة هائلة، صيفا وشتاء، من أجل الوصول إلى أماكن عملهم في الوقت المناسب، يخرجون من بيوتهم بعد صلاة الفجر ولا يعودون إليها إلا بعد المغرب على أحسن تقدير، ومنهم من يضطر للمبيت أو الإقامة في القرى النائية لأسابيع أو أشهر قبل أن يتمكن من العودة إلى أهله وذويه، ومع ذلك، فقد عملوا بإخلاص وتفان عزَّ نظريهما، وهم غير نادمين أبدا على ما قدموه من تضحيات في سبيل وطنهم ورفعته.

كان لي شرف الالتقاء برئيس الوزراء على هامش زيارته لمنطقة جنوب عمان منذ مدة وجيزة، وحدثته همساً عن ما آلت إليه أوضاع المتقاعدين القدامى المعيشية، واستمع دولته بإصغاء شديد، ولمست تعاطفه مع هذه الشريحة المهمشة المنسية، لكن شيئاً لم يحدث، وما زال هؤلاء البوؤساء يئنون تحت وطأة الفقر والعوز والحاجة.

هذه الشريحة من البؤساء ما زالت متفائلة جدا بحكومة دولة رئيس الوزراء عبدالله النسور، وتأمل أن تتحقق في عهده العدالة الاجتماعية بين مختلف فئات الشعب الأردني، ولا نظن إلا أن دولته سائر بعون الله في طريق الإصلاح التي رسمها جلالة الملك، وأن أولى أولوياته تحسين مستوى معيشة المواطنين الأردنيين خصوصا المتقاعدين منهم والذين قضوا معظم أيام حياتهم في وضع بائس لم يمكنهم حتى من تعليم أولادهم في الجامعات كبقية خلق الله إلا بشق الأنفس، وكثير منهم لم يتمكن من ذلك.

الغالبية العظمى من المتقاعدين القدامى هم الآن في سن الشيخوخة، ولم يتبقَ لهم في هذه الدنيا إلا أياماً معدودات، لكنهم يأملون أن يعيشوا ما تبقى لهم من عمر بعزة وكرامة \\\"العين بصيرة والإيد قصيرة\\\"، فرواتبهم لا تكفيهم لأكثر من أسبوع، وأحوالهم لا تسر صديقا ولا عدواً، فهل ثمة من يُكرم شيخوختهم يا دولة رئيس الوزراء؟



تعليقات القراء

مت قاعد
نرجو ان يصل هذا المقال الى دولة الرئيس، الوضع تعبااااااااان
13-02-2015 08:47 PM
مي الشيخ ابو خرمه
لا بد من الحكومه الرشيده اعادة النظر بذالك كون ان رواتب المتقاعدين هي المعيل والرزق الوحيد لرب الاسره والذي هو المعيل الوحيد لاسرته فيجب زيادة الرواتب كون ان ظروف الحياه متغيره
13-02-2015 09:17 PM
د.حسين ابوهيظ
د.محمد ....هذه ظروف يعيشها كل المتقاعدون من القطاع العام....فرواتبهم وهم على رأس عملهم ﻻ تكفيهم 15يوم
وبعد التقاعد 5ايام
وسﻻمتك....والمفروض العكس....
لكن انظر لكل شئ عندنا
البقره (بعيد عنك) وهي تنتج
13-02-2015 09:27 PM
Saleh Ramadan
وضع المتقاعدين المدنيين القدامى ببكي الحجر ولهذا نأمل من رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ان يحسن رواتبهم التقاعديه لتكون بمستوى رواتب المتقاعدين المدنيين الجدد مع كل الشكر والتقدير لدولتكم
13-02-2015 09:31 PM
متقاعد مهموم
راتبي لايكفي اسبوع
13-02-2015 10:37 PM
فؤاد عبدالله
لا يعقل ابدا في دولة القانون ان يكون هنالك فوارق كبيرة في الرواتب التقاعدية بين متقاعد قديم ومتقاعد جديد، وقد يكون الفارق يوم واحد، أو ربما ثانية واحدة
13-02-2015 11:59 PM
مصلح الحبيس
دولة الرئيس المفروض تطبق معادلة واحدة على جميع المتقاعدين وليس عدة معادلات لان الغلاء على الجميع
14-02-2015 12:12 AM
عايد العزازمه
المتقاعدون القدامى يستحقون الكثير لانهم من وضع الاساس وساهم في نهضة التعليم.. لهم منا كل التقدير والاحترام والشكر موصول لكاتب المقال الدكتور محمد ابو صقري
14-02-2015 07:07 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات