الببغاوات


تقول امهات كتب الإعلام التي درست لطلاب الصحافة الإعلام في معظم الجامعات في العالم أن قاعدة التحييز في التغطية الإعلامية هي الأساس الذي يحكم عمل الوسائل الإعلام ،وأن عدم التحييز هو الوضع الشاذ أصلا والذي لايمكن أن يوجد نتيجة لفقدانه في أول خطوات الانتقاء لخبر ما دون خبر أخر في أجندت الصحفي أو من يليه في غرفة تحرير الأخبار ومن بعدهم حراس البوابات .

وهنا تكمن اشكالية العملية الإعلامية ككل ، والدور الذي تلعبه في حياة الأفراد والمجتمعات وخصوصا في قدرتها على تشكيل الاتجاهات نحو المواضيع ككل، وفي قاعدة أخرى يتم الاستناد عليها في الأطر النظرية لتلك الكتب تنص على أن هناك قدرة خفية ومعلنة في نفس الوقت لوسائل الإعلام في السياسة ، وتأتي تلك القدرة من خلال علاقات توافقية بين الطرفين كون السياسة هي التي تقوم بالتشريع لتلك الوسائل بالعمل على أرض الواقع ، وفي نفس الوقت تقوم تلك الوسائل بإثبات دورها كقوة ولدت من هذا التشريع في تسويق العملية السياسية لمن يمتلك في تلك اللحظة زمام الأمور سياسيا .

واشارت تلك الكتب الى حالات سجلت تاريخيا تم بها التلاعب بقاعدة التحييز تلك وبشكل واضح ، وادت تلك الحالات الى تسويق مفاهيم سياسية رسخت في تاريخ بعض المجتمعات في العالم ككل وسميت مراحل تاريخية كاملة بأسم تلك المفاهيم ، وفي عالمنا العربي توجد مفاصل مهمة لايمكن القفز عنها منهجيا في الصفوف التعليمية لمساقات الصحافة والإعلام من مثل مرحلة أحمد سعيد وصوت العرب وبقية ما تحمله الذاكرة ، واليوم تعود تلك الحالة ولكن بقوة التطور الحتمي لتكنولوجيا وسائل الاتصال لدرجة أن اصبحت الفترة الزمنية لكشف عدم التحييز قصيرة جدا ، وفي نفس الوقت أجبرت تلك التكنولوجيا أنظمة سياسية عربية على إعادت فرض القوانين القامعة للحريات وللرأي الأخر كونها ما زالت تمتلك القوة على السيطرة على تقديم أكسجين تلك التكنولوجيا والمتمثل بخدمة الانترنت .

وظهرت كذلك نتيجة لهذه الحتمية أدوات جديدة وان كانت جزء رئيس في العملية الاعلامية سابقا وحاليا ؛ إلا انها برزت كأدوات يتم استخدامها بقوة المال لتحقيق والتأكد في نفس الوقت من فقدان الإعلام لمبدأ عدم التحييز أو الموضوعية ، وتلك الأدوات هي مقدمي نشرات الاخبار والتقارير الصحفية والبرامج الوثائقية ، الذين يغيرون من نبرات أصواتهم وتعبيرات وجوههم وحركات اجسادهم كما يغير الممثل من شخصيته بين الأدوار سواء في السينما أو التلفزيون وبقية وسائل الترفيه ، وخلاصة تلك الحالة التي يعيشها الإعلام العربي في زمن الربيع الأسود أن قناة مثل قناة الجزيرة سوقت عند الجمهور بمقولة الرأي والرأي الأخر وهي في الحققة تقوم على الرأي ورأي الأمير ؟ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات