حكي عجايز


فشلت جميع المحاولات للخروج باتفاق ولو ضمني بين عمتي وخالتي عن دور تركيا في الوطن العربي هل دور مفيد أم أنها تتحمل مسؤولية ضياع الوطن ورجاله ، فكلاهما عاشتا طفولتهما مع بقايا الحكم العثماني وبدء حكم الانجليز لفلسطين وحكايات جدي عن تركيا وقصة السفربرلك وقصعة التمر التي مونتم لأسابيع وعجوة التمر التي اصبحت قمحا لخبزهم .

في النهاية كان هناك اتفاق على أن هناك قبر لثلاثة جنود اتراك في أرض جدي لأمي في بلدة ابوديس . والغريب هنا أن هؤلاءالجنود الاتراك لم يقتلو في معركة بل قتلهم جملين كانا يستخدمانهما لنقل العتاد والطعام للثكنة العسكرية التي كانت في بداية البلد والقصة المتفق عليها هنا أنه ونتيجة لظلم هؤلاء الجنود الاتراك للجملين وعدم قدرتهما على تحمل الظلم قاما الجملين وحسب رواية جدي " بفغش" رأس هؤلاء الجنود الاتراك الثلاثة ، وكرد من أهل البلدة على ظلم الاتراك لهم وللجمال قامو بدفنهم كما هم دون غسيل أو صلاة عليهم .

وهذه النقطة هي التي أوقعت الخلاف بين العجوزتين عن حب احداهما للأتراك وكره الأخرى لهم ، وعبورا على التاريخ لديهما كان لابد للدخول في قصص أخرى من مثل خالهن الذي تم افتداءه بمرج زيتون به خمسون شجرة مقابل عدم ذهابه مع السفربرلك وكيف أنه توفي بعد شهر من افتداءه لأنه كان مريض ورفضت تركيا أن تعفيه من الالتحاق بالجيش ، فحالتي اصرت على ان تركيا ظلمت وخدعت من قبل أهل دينها وعمتي أكدت على أن تركيا ظالمة وكانت نتيجة الظلم ان سقطت تركيا الامبراطورية .

واثناء كل هذا النقاش البيزنطي بين خالتي وعمتي كان تلفزيون المنزل يعرض قصص عن " العربيه المتوحشة Wild Arabia " من الخليج للبحر الأحمر مرورا بالتراء ووادي رم عن قصة الجمل العربي مع بدو الصحراء ، ووالذي اثار انتباهي في مقتل الحدثين معا وخصوصا ما يعرضه التلفزيون الدور الدعائي الذي لعبته البي بي سي لصالح احد دول الخليج وجعلت منها دولة لها تاريخ يمتد لأكثر من ثلاثة الاف عام ، وعندها قلت لنفسي لو كان هناك من قام بتصوير مقتل الثلاثة جنود الاتراك من قبل الجملين لتمكنت من اقناع العجوزتين بأن تركيا كان امبراطورية جاء زمنها وانتهى كما سينتهي زمن الكثير من الامبراطوريات التي تقوم اليوم على الظلم في حكم شعوبها ؟ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات