مجالس نسوان


يقال ان مجالس النساء يطغى عليها النميمة والصيد بالماء العكر للعلاقات الاجتماعية وبالذات في شقها المتعلق بالأقارب ، رواية " مدن الملح – الاخدود " للروائي عبدالرجمن منيف هنا وصف جميل جدا لمجالس النساء المرتبطات بالسياسة في فترة نشوء احدى دول الخليج العربي في بداية القرن الماضي ، وتذكر الرواية أن ما يتم طبخه في تلك المجالس يكون وجبة السياسة في اليوم التالي إما فطورا أو غداءا أو عشاءا ، وقد تعد الطبخة " النميمة" وتؤكل سياسيا في نفس اليوم وفي اقرب وجبة تلي جلسة النساء .

وفي تلك المجالس هناك دائما ما يطلق عليها " أمنا " ؛ وهي أكبر النساء سنا وقربا من القصر وتمتلك تلك المرأة قوة ونفوذ من كونها تتصل بالحاكم إما بصلة قربى ذات دم أو زوجة أولى له أو لأبيه ، وهي العجوز التي تحاط دائما بخشية كل من يدخل تلك المجالس لأول مرة سواء كبداية للإقامة أو ضيفا خفيف الظل أو ثقيل الظل .

وعند متابعة مايجري في تلك المجالس يشدك كثيرا الطريقة التي تنظر بها تلك النسوة لبعضهن البعض ؛ من حيث اللباس والمجوهرات والعطور وطريقة الجلوس ، ومن خلال تلك الشواهد يظهر وزن كل واحدة من تلك النسوة وقربها من تلك العجوز " الأم " وبالتالي قربها من الحاكم ، وفي نهاية الوصف لتلك المجالس في الرواية يجد الكاتب نفسه يقر ويقنع القارىء بأن مجالس النساء تلك لاتختلف كثيرا عن مجالس الرجال في الشأن السياسي .

وهنا نعود للقرن الواحد والعشرين حيث اصبحت تلك المجالس" للرجال" تحت عيون وسمع الجمهور بعد ان كانت مجرد تخمينات تطلق من هنا أو هناك عن وجود جلسة في مكان ما جمعت رجالا حجمهم بحجم الوطن ، ويتم نشر الصور بأكبر عدد ممكن وذلك ارضاءا لكل من حضر تلك الجلسة ، ويحدد حجم ووزن وقوة كل واحد منهم بمدى قربه من العجوز الذي يتصدر الجلسة ، وقد يكون هناك أكثر من عجوز ولكن يوجد اتفاق ضمني بينهم أن أحد هؤلاء العجائز هو المحضي الأول في سدة السياسة ، وبالتالي وان تساوت الجلسة في صدر المجلس وفي الصورة تبقى العجوز هي صاحبة الولاية .. وتبقى حكاياتهم " حكي نسوان"وإن به القليل من السياسة؟ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات