العمق الاستراتيجي العربي ماقبل وبعد معاهدات السلام !


عندما نتحدث عن الاستراتيجية الدفاعية والحربية للبلاد العربية لابد ان نعرج على التغيرات الهامة التي طرأت على الوضع السياسي والجغرافي للبلاد العربية ما بعد ثملنينيات القرن الماضي, فقبل تلك الفترة كان العمق الاستراتيجي يشكل وحدة متكاملة للبلاد العربية رغم جغرافيتها السياسية كدويلات متفرقة , ففي تلك الفترة وماقبلها ورغم شح الامكانيات الحربية من اسلحة للهجوم او منظومات دفاعية كان التخطيط الاستراتيجي مبني بشكل رئيسي على امكانية الجفرافيا لدول تعتبر نفسها مهددة من نفس العدو , الا ان العامل الحاسم الذي بني عليه التصور الاسترتيجي لسياساتنا الدفاعية ان ذاك هو وجود بعض الدول التي تشكل من حيث الحجم والتعداد مركزا هاما ببناء تلك الاستراتيجة من جهة ومن ناحية اخرى وجود دول اخرى قريبة من خط المواجهة المباشر مع العدو المفترض, حيث كانت استراتيجيتنا تلك كعرب تبدأ من دول المواجهة وتنتهي بالدول الداعمة للجهد الحربي ان بدأ, لذلك كان العمق الاستراتيجي يشكل تهديدا يحسب له العدو الاسرائيلي كل حساب عند وقوع اي مواجهة , الا ان هذا العمق والاستراتيجية الدفاعية تغير شكلها بدرجة تكاد ان تتلاشى امام قوة الدولة الاسرائلية ولعد اسباب نجملها بمايلي:

1.معاهدات السلام التي بموجبها عملت اسرائيل من خلالها على ضرب العمق الاستراتيجي العربي واجبار بعض الدول على توقيع معاهدات تنهي حالة الحرب بين اسرائيل وتلك الدول , حيث ادى ذلك لخلل واضح بالخارطة الاستراتيجية الدفاعية من ناحية الدول العربية وفي المقابل شكلت تطور ايجابي لصالح الجيش الاسرائلي وذلك لان اسرائيل بعد تلك المعاهدات قلصت من الجهد العسكري المحاذي لتلك الدول واستعاضت عنه بقوات امنية لحماية الحدود من الاختراقات وكوسيلة للسيطرة , وبناءا على ذلك اعادت اسرائيل تمركز جيشها بنقاط امنة اكثر .

2. التدخل الغربي الامريكي المتواصل بالدول العربية وتحت ذرائع مختلفة , بعد ان ضربت اسرائيل مقدمة العمق الاسترتيجي العربي بمعاهدات سلام مزيفة اصبحت تخطط للاجهاز على خطوط الامداد الرئيسية التي تعتمد عليها الاسترتيجية الدفاعية للدول العربية واقحام الغرب وامريكا نيابة عنها في مناطق الدول ذات الثقل الاقتصادي كدول الخليج والعراق وليبيا , ونتيجة للتدخل الغربي الامريكي نتج انهيار تام لاسترتيجيتنا الدفاعية حيث تم تدمير العراق والاستيلاء على ثرواته وكذلك ليبيا , وتم ايضا تأسيس لقواعد عسكرية باغلب الدول الخليجية والعربية على حد سواء .

3. الدعم المتواصل لاسرائيل من الغرب وامريكا. حيث تقوم سياسة تلك الدول باستمرار على تزويد اسرائيل بالتكنولوجيا العسكرية اول بأول حتى اصبحت اسرائيل باستطاعتها تدمير اي هدف بالمنطقة العربية تعتقد انه يشكل عمق استراتيجي للعرب مستقبلا.

4. الرقابة الدائمة للسماء العربية من خلال منظومات التجسس المتطورة والتصوير الجوي الذي تقوم به امريكا بحيث اصبحت استرتيجياتنا الدفاعية وان وجدت مكشوفة لامريكا والغرب حيث يتم ابلاغ اسرائيل بكل التطورات على الارض في المناطق المحاذية لها او البعيدة عنها جغرافيا. من هنا نلاحظ ان العمق الاستراتيجي للدول العربية اصبح مكشوفا للجميع لدرجة انه يرواح التلاشي لحد ماء .

5. وبما ان العامل الرئيسي الذي يعتمد علية الجهد الاسترتيجي الدفاعي هو عامل نفسي بحت فقد عملت السياسة الصهونية والغربية الامريكية على خلق حالة من التدهور التام في العلاقات العربية العربية , وزادت في ذلك بخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة العربية وذلك بخلق التظيمات المسلحة التي اساسها الرغبة بالسيطرة على انظمة الحكم من جهة وعلى التوسع والانتشار من جهة اخرى , فانتج ذلك استراتيجيات جديدة تخص الانظمة الحاكمة في الدول العربية هدفها حماية انظمة الحكم والتغاضي عن تلك الاستراتيجيات القديمة التي كانت موجهة للعدو الاسرائيلي .

واخيرا نلاحظ ان معاهدات السلام لم تخدم دول المواجهة والدول العربية الاخرى بل كانت مكسب اسرائيلي من خلالها استطاعت دولة الكيان الاسرائيلي من احكام سيطرتها على ارض فلسطين من جهة وتحييد الانظمة العربية عن حربها من جهة اخرى , وهذه المعاهدات كانت بمثابة رصاصة الرحمة التي اجهزت على الاستراتيجية الدفاعية التي كانت تأخذ باعتبارها اسرائيل كدولة محتلة لاراضي عربية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات