ماما أمريكا وجلابيب دواعيشها والباديشاهية الحديثة


وصحيح أنّه لا أصدقاء دائمين ولا حلفاء للأبد وانّما مصالح ومصالح فقط في العلاقات بين الدول والساحات السياسية، وهذا مسار ومؤشّر يشي أنّ السياسة كمفهوم وطريقة حياة وعيش هي مثل (الشلوخا)، فما يجري في المنطقة العربية والشرق الأوسط وفي أوكرانيا، هو نتاجات ثمار السياسة الخارجية الأمريكية، ومحركات الأخيرة(أي السياسة الأمريكية)منظومات بلا أخلاق ولا احترام لقواعد القانون الدولي وبدون إبداعات، أنّها سياسة قائمة ضمن حزمة تكتيكات ما يعرف باسم سلاح الصدمة والترويعSHOCK AND AWE والذي يعرّفه الإستراتيجيون العسكريون والخبراء، على أنّه سلاح يعتمد على الاستخدام المفرط للقوّة بهدف شل قدرات الخصم على إدراك ما يحصل في ساحة المعركة بقصد هزيمته، وهذا ما شبّت عليه دواعش الماما الأمريكية البلدربيرغيّة .

ولندخل في جولات أفق من التساؤلات السياسية والعسكرية والأستخباراتية فيما جرى ويجري وسيجري لاحقاً في وعلى جلّ المشهد العراقي، من لحظة التخلي عن المالكي رئيس حكومة تصريف الأعمال الآن، ولحظة كينونة توافق الضرورة المشتركة على خطوط علاقات طهران واشنطن السعودية مصر لبنان(قوى الثامن من آذار)في تسمية حيدر العبادي رئيساً مكلّفاً للوزراء في العراق. والى حد ما لا يمكن أن نقول: أنّ الفرز المذهبي للمنطقة قد انتهى وسقط وولّى بغير رجعة لصالح الفرز السياسي الاستراتيجي، وان كان الأخير يسير على خطى التجذّر ويسحب من رصيد الأول(الفرز المذهبي)، ومن يقول غير ذلك فهو من باب الترف الفكري الرغائبي المربوط بحل غيبي.

فهل يمكن اعتبار القبول والترحيب الإيراني بتسمية حيدر العبادي رئيساً للوزراء وتخليها عن نوري المالكي بمثابة المدماك الإستراتيجي الأول في رسم الحلول السياسية لجلّ المشكلة البنيويّة ليس في العراق فقط بل وفي المنطقة ككل؟ وهل هناك استعادة لشراكات سياسية أمريكية كاملة مع إيران من الزاوية البلدربيرغيّة الأمريكية في الداخل العراقي والمنوي إعادة لا أقول هيكلته بل هندرته من جديد؟ هل ما زال المالكي قادراً على تحريك مفاصل الشارع العراقي المذهبي لصالحه لاحقاً وبعد سحب ترشيحه؟ وهل في تعهدات العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي في إرسالها للسلاح لحكومة إقليم كردستان، وإرسالها الفعلي لأكثر من مائة وثلاثين خبيراً عسكريّاً واستخباراتنا لمعرفة الاحتياجات ولمحاربة دواعشها أبناء السفاح بين أصولها وفروعها وأبناء الزنا مع آخرين من بعض عرب كخراف شرق أوسطية وبعض غرب كذئاب أوروبية، وفي ذات الوقت تطلق الماما الأمريكية دواعشها في كل العراق وضد كل العراقيين وتمتنع عن إرسال السلاح للجيش العراقي حتّى اللحظة، فهل يمكن اعتبار تموضعات كل ما قيل في هذا التساؤل بالذات، بمثابة سعي الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدام الأكراد في شمال العراق بطريقة إستراتيجية الفوضى الخلاّقة وخلق إسرائيل جديدة في الشمال العراقي بتوظيف لخمسة عقود من العشق الممنوع بين أربيل وتل أبيب؟

إلى أي مدى يسعى البلدربيرغ الأمريكي(جنين الحكومة الأممية)عبر الرئيس أوباما(الصدى)، يريد التحكم بقواعد لعبة الحرب الداخلية في العراق وعبر مخطط استراتيجي يعيد انتاجات للوجود الأمريكي في العراق، وعبر البدء برؤية عسكرية بسيطة يسيطر فيها من الجو ويوزّع خلالها مصادر القوّة الناريّة على أي طرف ضد مصلحة الطرف الآخر في الجغرافيا العراقية وتقسيماتها الديمغرافية؟ بعبارة أخرى هل يريد البلدربيرغ وعبر أوباما كقائد عام للجيش الأمريكي، أن يرسم الحدود الجغرافية وتعرجاتها في الديمغرافية العراقية لدولة دواعشه؟ ثم يعمل على توجيهها حين يرغب لتقتل وتدمر في المكان الذي يتناسب مع رؤية البلدربيرغ في تقسيم العراق وتفتيت قدراته وتاريخه، لهدف تحويله إلى إمارات الطوائف الصغيرة المتقاتلة ليحقق مصالحه في العالم العربي والإسلامي خدمة للكيان الصهيوني ولبعض العرب والمسلمين المتصهينيين بثمالة مثلاً؟. يقر بعض المراقبين ومعهم كثير من السياسيين أنّ حيدر العبادي هو نتاج عملية المحاصصة الطائفيّة نفسها والتي جاء منها المالكي ولثمان سنوات، وهو أيضاً نتاج شراكات نفوذ بين واشنطن وطهران ويرتكز العبادي إلى منظومات وسمت(بضم الأول وكسر الثاني وفتح الثالث)بالفساد، وهي نفسها التي ارتكز عليها المالكي ولدورتي حكم، ويرى فيه الكثير من المراقبين بأنّه شخصية غير كاريزميّة مثل المالكي بل وأضعف من السيّد النوري المالكي ولا يملك مفاتيح مساحات النفوذ الأمني والعسكري وان تمكن من تشكيل حكومة، بل وذهب البعض من هذا الفريق إلى القول: أنّ المالكي قال لا كبيرة وصريحة وواضحة في البيت الأبيض للماما الأمريكية، في المضي في مشروعها لإسقاط الدولة الوطنية السورية ونسقها السياسي، فهل يجرؤ حيدر العبادي لقولها مجدداً مثلاً؟ والى أي مدى نسج المالكي نوري سياسات خارج نطاق الرضا الأمريكي مع النسق السوري وزعيمه الرئيس بشّار؟ وهل دفع المالكي نوري أثمان وقوفه العميقة مع دمشق بصورة أكثر مما أراده الإيرانيون أنفسهم؟ نوري المالكي معروف للعالم أنّه رفض بشجاعة الاتفاقية الأمنية مع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، والتي كانت تنص على بقاء المارينز(نتاج ماء زنا المحارم) مع توفير الحماية القانونية لهم، فهل تم تدفعيه الثمن أمريكيّاً بالدفع تشاركاً وتفاهماً مع إيران في عدم تسميته وإخراجه إخراجا سياسيّاً وقانونيّاً ودستوريّاً إلى حد ما؟ كيف رأى البلدربيرغ الأمريكي في صوغ المالكي لعلاقات تتعمق مع روسيّا، وسعيه إلى إمكانات التوسع العراقي في الإقليم وعلى حساب إصلاح الداخل العراقي، مع رؤيته في الأردن رئة عراقية وامتداداً عراقيّاً في رؤية قادته لإخراج مشاريع كبرى مثل خط البصرة العقبة للنفط والغاز معاً، خطراً استراتيجيّاً على مصالح الكيان الصهيوني ومصالح الأم الأمريكية؟ وهنا من حقي أن أتساءل كمراقب وأردني، لأستولد تساؤل آخر من التساؤل السابق وهو: هل ضحّى وطني الأردني بمصالحه الإستراتيجية وخضع مع كل أسف للتكتيكات الأمريكية السعودية والى حد ما مع النيّة الإيرانية، مع تذكيرنا كيف كالت حكومة دولة الأستاذ المحترم عبد الله النسور جل المدائح والمعلّقات النثرية لسياسات المالكي القومية نحو الأردن كنسق وشعب وحكومة وجغرافيا، ولم يجف حتّى اللحظة حبر المدائح الأردنية للمالكي كشخص وحكومته؟ وكيف لنا أن نحسب معادلات التفاهم الإيراني الأمريكي والتقدم الملموس في مفاوضات( 5 + 1) مع طهران في جنيفها النووي حيث قاد ذلك إلى الانقلاب السياسي بعملية قانونية صرفة على المالكي؟.

وبالنتيجة: إيران سلّمت بالدور المصري المركزي في الملف الفلسطيني، وباركت الإجماع الفلسطيني بما فيه حماس والجهاد الإسلامي تحت سقف أوسلو، وهي بذلك خفّضت مستويات التوتر مع العدو الأمريكي والإسرائيلي وعزّزت العلاقات مع مصر، وقامت بإرسال رسائل الود إلى السعودية مع التسليم والى حد ما بالحل السعودي في لبنان حتّى اللحظة، فهل يوافق حزب الله على ذلك، خاصةً أنّ الصراع هناك سياسي بأدوات طائفية والتحريض الطائفي في خدمة الصراع السياسي نفسه؟ تساؤل عميق يختمر في عقلي يعبّر عن مخاطر وأضرار لا أستطيع وصفها بالجانبية بل بالإستراتيجية، ويحفّز الدماغ على التفكير بعمق وهو: إن كان هناك تفاهمات إيرانية مع التحالف الأمريكي السعودي بجانب الطرف الإماراتي كطرف ثانوي في العراق ولبنان، والى مستويات منخفضة وغير مباشرة وان كانت مباشرة بالنتيجة في العدوان الأخير على غزّة، فهل يستنسخ هذا التفاهم الإيراني مع التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي في الداخل السوري copy paste؟.

البلدربيرغ الأمريكي عبر ذراعه المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي وحكومة البلوتوقراطية الأمريكية حكومة الأثرياء في الداخل الأمريكي حكومة الصدى البلدربيرغيّة، وعبر دواعش الماما والعم سام في الداخل العراقي، يريد رسم خارطة المنطقة من جديد بجانب تهجير بعض الجماعات قسراً، حيث تنظيم القاعدة والدواعش الأمريكية في المنطقة والعالم، هي نتاجات الوهّابية كدين تلمودي جديد منسوب إلى محمد بن عبد الوهاب في مواجهة الدين الإسلامي المحمّدي المتنور السمح الذي جاء به محمد بن عبد الله القريشي الهاشمي صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحابته، فالوهّابية هي دين السيف والزيف والفرج والشرج، وهي كما أعتقد وأحسب أخطر على سلامة العقيدة الإسلامية وسلامة العلاقة مع الخالق من الصهيونية العالمية وأساءت للدين الإسلامي أكثر مما أساء له الأعداء وجل المتصهينيين من عرب ومسلمين، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم وانّأ لله وانّأ إليه راجعون.

وهل ضعف المالكي نوري وعقابيل هذا الضعف على الدور الإيراني جعل نوري المالكي عبء على إيران؟ ولماذا لم تدن إيران ولو بعبارة واحدة قصف واشنطن لدواعشها وأبنائها لحظة اقترابها من أربيل حيث لأمريكا شركاتها النفطية وقواعدها العسكرية والأستخباراتية هناك، ودهوك حاضرة في ذهن مجتمع المخابرات الأمريكي ومثيله الصهيوني؟. عندما تقول واشنطن أنّها تسعى إلى حكومة وحدة وطنية في العراق عبر حيدر العبادي فماذا تقصد بذلك؟ فهل تريد إعادة الأحزاب الكردية مثلاً وقوى سياسية سنيّة تعاملت مع الاحتلال الأمريكي ليكون لها حصّة كبيرة في الحكومة العراقية الجديدة المنتظرة، بحيث تضمن نفوذ ووصاية الولايات المتحدة الأمريكية على هذه الحكومة حيث سيكون الشلل سيّد القرارات التي تتخذها هذه الحكومة إذا كانت القضايا المطروحة تتعارض مع المصالح الأمريكية؟.

دواعش الماما الأمريكية حصلت على جرعات دعم سياسية من مواقف دول الخليج وبعض الدول العربية على إسقاط النسق السياسي في سورية، وكذلك على جرعات عسكرية ومالية من خلال السيطرة على عدد نوعي وكمي من سلاح الجيش العراقي في الموصل( بالمناسبة كلّه سلاح أمريكي)، وحصلت على كميات كبيرة من الأموال النقدية وتحصل على المزيد منها عبر تسهيلات الماما الأمريكية لها وغض الطرف عن الجهات التي تبتاع النفط منها، حيث الأموال تسمح لها تعزيز تواجدها الإعلامي من ناحية وتجنيد مزيد من المقاتلين من ناحية أخرى، والدواعش تنطلق من الأراضي السورية والعراقية في رسم حدود دولة على أرض الواقع والعمل على تحويل الساحة اللبنانية إلى ساحة جهاد، بعد أن كانت ساحة نصرة وحديقة خلفية للتنظيم الإرهابي التكفيري.

فماذا عن الحواضن الفكريّة لدواعش الماما في الداخل الأردني؟ هل ستبقى ساحة نصرة أم تتحول إلى ساحة جهاد داعشي والعياذ بالله من الأم الأمريكية وأبنائها أبناء الزنا مع بعض عرب وبعض غرب؟.

وعموماً، أياً كانت الأسباب والمسببات التي أشعلت العنف في العراق، فإن معطيات نظرية المؤامرة الجارية حالياً في المناطق الايزيدية لا تشير بشكل مؤكد إلى أن العرب السنة هم الذين يقومون باستهداف أبناء الطائفة الايزيدية، وذلك لأن المتمردين العرب السنة أكثر اهتماماً بشن الهجمات ضد القوات الأمريكية، ولا يخفى على أحد دور(الأيادي الخفية)الأمريكية في إشعال الصراع السني- الشيعي في العراق، وعلى الأغلب أن تكون الهجمات الجاري تنفيذها حالياً ضد الايزيديين من أجل تهجيرهم من ديارهم، أو دفعهم إلى الارتماء في أحضان الحركات الكردية المرتبطة بإسرائيل وأمريكا، هي اعتداءات بـ(فعل فاعل) يعرفه جيداً الجنرال الأمريكية (تويتي) قائد اللواء الرابع التابع للغرفة المجوقلة الأمريكية التي تتمركز حالياً في منطقة الموصل، وتمهيداً لترتيبات تسليم مسؤولية الأمن في المنطقة لقوات الـ(بشمركة) التابعة لـ(حكومة كردستان الإقليمية).

الهدف الرئيسي من ضم مناطق الإيزيديين إلى (كردستان) العراقية هو اكتشاف وجود خامات (اليورانيوم) في هذه المناطق.. إضافة إلى المخزونات النفطية، إضافة إلى أن سيطرة الحركات الكردية على مناطق الايزيديين تمهد الطريق أمام الحركات الكردية المتحالفة مع أمريكا وإسرائيل من أجل السيطرة على منطقة الموصل، وتفريغها بالكامل من العرب السنة.

إذاً إيران رفعت الغطاء عن المالكي لصالح آخر من ذات المكون وذات سلّة الولاء إلى حد ما، وهذا يشي ويقود أنّه ثمّة شراكة مع السعودية في العراق ولاحقاً في الخاصرة السعودية الجنوبية الضعيفة في اليمن، مع تفاهمات غير مكتوبة إزاء واشنطن، تمتد حد التفاهم حول رئيس في لبنان لن يكون إلاّ بين أثنين لا ثالث لهما: إمّا الجون قهوجي قائد الجيش أو الجنرال عون والحريري العائد للتو رئيساً للوزراء، تنفيذاً لاتفاقات روما السريّة وتحدثت عن ذلك في 9- 4 – 2014 م وعلى قناة الميادين حول ذلك.

حسنا إذاً: الإيرانيون قدّموا التزاماتهم ولا أقول تنازلاتهم، فماذا سيقدّم الأميركيون لهم ولغيرهم؟.

ومن نتاجات استحقاق الثالث من حزيران الماضي السوري وتمدادات وسيطرة هنا وهناك للدواعش في العراق، ثم لجهة العدوان الحالي على غزّة وانتصار مجتمع المقاومة في الداخل الغزّي وما بعده في المشهد العراقي، ثم مقترح مشروع التعديلات الدستورية الأردنية والتي كانت مفاجئة للجميع ودون مقدمات، ثم الاستعجال بتشريعها مفاجأة أخرى لا تقل عن المفاجأة الأولى، فالي أي مدى كان لميكانيزميات تطورات الإقليم والمنطقة ككل في الإسراع في ضرورة إخراجها سريعاً؟ وشيء عظيم وجميل للغاية أن تزداد الأدراكات القيميّة السلوكية، لمفاعيل وتفاعلات قرون الاستشعار السياسي والأمني والاقتصادي والعسكري والاجتماعي والفكري والثقافي، لدى النسق السياسي لدينا ومؤسسة العرش تحديداً، ثورة يقودها الملك نفسه إزاء جغرافية وديمغرافية حكمه، بثلاثية الجيش والأمن والشعب، مع إثارة انتباه عميقة وقويّة لكافة المكونات وللجميع، من التعوّد على فتح الدستور كلّما (طق الكوز بالجرّة) حفاظاً على الاستقرار الدستوري الأردني.

وهنا نتساءل، هل الصراع العربي الإسرائيلي كصراع استراتيجي، أو كما يسميه البعض بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي تمّ اختزاله بمشكل غزّة والعدوان البربري عليها؟ وصحيح أنّ البلدربيرغ الأمريكي والكيان الصهيوني يسعيان إلى حالة من عمليات تقنين الصراع العربي الإسرائيلي، بحيث تعزل غزّة ومشكلها عن جلّ الصراع العربي الإسرائيلي، وإيجاد حل لها بمعزل عن موضوعات الحل النهائي على المسار الفلسطيني الإسرائيلي وبمساعدة من سلطة رام الله وبالتدرج (وحبه حبه) ينهى كل شيء، مع احياءات لمشروع كيري من جديد والذي تم إفشاله.

حيث الحلول مع سلطة رام الله ممكنة وتعميقها من خلال مزيد من الرفاه الاقتصادي وما إلى ذلك، مع استخدامات لسيناريوهات الرخاءات الاقتصادية لاحقاً في غزّة ومع غزّة، للوصول إلى مرحلة الصفر وهي حالة فصل عامودي بين فصائل المقاومة المسلّحة وحواضنها الاجتماعية الحالية في الداخل الغزّي المحتل.

وهل نواة الدولة التركية الأستخباراتية والسياسية كانت على علم بالذي جرى في وعلى المشهد العراقي مؤخراً مثلاً؟ هل فعّلت أدواتها في الداخل بحيث أقنعت أكثر من ثلاثة عشر مليون تركي بمقاطعة الانتخابات الرئاسية الأخيرة لينجح أرودوغان، كونه لو شاركت لكانت النتيجة غير ذلك؟ هل هي رسالة تركية إلى السعودية والأمارات ومصر، حيث وصول رجب إلى سدّة الرئاسة يعزّز دور الأخوان المسلمين في المنطقة؟ النزاع بل قل الصراع سوف يصار إلى تظهيره بين أنقره والدوحة من جهة والرياض ومصر والأمارات وساحات سياسية أخرى من جهة ثانية؟

أرودوغان قال لخصومه من عرب وغيرهم في المنطقة: ها أنا السنّي وزعيم السنّة في كل الشرق قد بدأت باستكمال مشروعي في بناء تركيا عظيمة ذات منحى عثماني سلجوقي باعترافه الشخصي وعلناً وعلى رؤوس الأشهاد في العالم، وكأنّه يريد أن يضيف: ها أنا أدخل التاريخ وأرغب في أن أكون رئيساً للجمهورية لدورتين حتّى العام 2024 م لنحتفل حينها وايّاكم في العام 2023 م بالذكرى المئوية لإعلان الجمهورية، ليس لاستعادة ذكرى مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك، بل لأنعى لكم وبنفسي وبحضوركم، النظام العلماني وأعلن استعادة(الباديشاهية)الحديثة وبربطات عنق (فيرساتشية).

ويعتقد كاتب هذه السطور إلى مستويات اعتقاديه إلى حد ما عميقة، أنّ تلك الربطات الفيرساتشية للباديشاهية الحديثة لن تختلف في مضمونها عن جلابيب دواعش الماما الأمريكية في المنطقة.

قال أرودوغان أثناء حملته الدعائية وأنا سمعته شخصيّاً: أنا السنّي العثماني والآخر هو العلوي أو الكردي وأنا زعيم السنّة في الشرق بل وفي العالم، فماذا تقول السعودية العربية؟ ماذا تقول مصر؟ ماذا تقول العائلة المالكة إذاً في الأردن؟

فهل نحن أمام حالة عميقة من إعادة تأهيل استراتيجي للدور التركي في المنطقة؟ فهل تعترض مثلا الفدرالية الروسية على ذلك؟ وهل تتنشّط من جديد وتتعاون بعمق المخابرات الألمانية والروسية وتعود لسنوات التعاون السابق ضد الأدوار التركية في أسيا الوسطى بل وجلّ أوراسيا العظمى؟ وهل نشّط أردوغان استخباراته إزاء مجتمع الاستخبارات الجورجي المتحالف مع الأمريكي وذكّر الجميع أنّه تركي من أصول جورجية؟

هل أرودوغان رجل يزعزع الخرائط، عبر امتدادات إستراتيجية يرسمها للعالم التركي، إلى جنوب القوقاز وتخترق روسيّا والى تركستان الشرقية وتخترق الصين وعبر أثنية الأيغور، حيث تسهيلات المخابرات التركية لها في الداخل التركي إزاء الحدث السوري؟

هناك قاعدة عرفيّة في تركيا تقول: الحزب هو الزعيم والزعيم هو الحزب، حتّى إذا غاب الزعيم عن رأس الحزب، واجه الأخير المشاكل والعقبات والعراقيل في استمراره وتقدمه.

حزب الطريق المستقيم بعد أن خرج سليمان ديمريل منه، إلى رئاسة الجمهورية وقادته طانسو تشيللر ذهبت به إلى الاندثار، وهناك حزب الوطن الأم بعد أن انتقل طورغوت أوزال من زعامته إلى رئاسة الجمهورية، واستلمه يلديرم آقبولوت ومسعود يلماز انتهى إلى الزوال الكامل من الحياة السياسية في تركيا.

وأعتقد أنّ حزب العدالة والتنمية ليس استثناءً، وأرودوغان الآن يشعر بفائض القوّة لديه وبعد أن حصل على 8 ، 51 %، فكما تخلّص من نجم الدين أربكان وفتح الله كولن يريد التخلص من الرئيس عبد الله غول، حيث صرّح الأخير أنّه سيعود إلى مكانه في حزب العدالة والتنمية، وهنا تحركت شياطين أرودوغان وعفاريته مع بعض دواعشه فكراً في الاستخبارات الذين أفرزهم للتعامل مع دواعش الماما الأمريكية في بداية الحدث السوري، حيث العدوى الأيديولوجية الداعشيّة انتقلت إليهم وشرحنا ذلك على قناة جوسات الأردنية في 12 حزيران الماضي.

طلب رجب أرودوغان من اللجنة المركزية للحزب الانعقاد في 27 آب الحالي وفي مؤتمر استثنائي لانتخاب رئيس للحزب وبالتالي رئيس للوزراء، والرئيس الحالي غول لن يحضر ذلك المؤتمر حيث أنّه سيبقى رئيساً لتركيا لحين حلف أرودوغان لليمين، وجل المؤشرات تقود إلى أنّه من الممكن أن يكون أوغلو أحمد داوود سيكون رئيس الوزراء ومن المحتمل هاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية وزيراً للخارجية، والأخير كان ملحق إداري في السفارة التركية في ألمانيا إلى أن صار مستشار سياسي لأرودوغان ثم رئيساً لجهاز الاستخبارات التركي، وهو على علاقات عميقة مع مجتمع المخابرات الإيراني وغير مقبول اسرائليّاً.

هذا وقد قام هاكان فيدان بكامل ما طلبه منه أرودوغان، في قضية ما يطلق عليه أرودوغانيّاً بالكيان الموازي بالتغلغل داخل الجهاز الأمني التركي، بحيث تم اعتقال نائب مدير مكافحة التجسس والإرهاب كورشات دورموش، وبنفس الوقت تم الإفراج عن غفور أتاتش نائب مكافحة الإرهاب في اسطنبول، ويجهد هاكان فيدان هذا الأوان للقبض على عمر كوسا مدير مكافحة الإرهاب في اسطنبول، حيث ما زال فاراً من وجه عدالة أرودوغان وتقيمات هاكان الأستخباراتية حوله، كل ذلك فيما يتعلق بقضايا التجسس والتنصت غير القانوني على الغرفة السريّة ما غيرها في وزارة الخارجية التركية.

إذاً السيّد رجب طيّب أرودوغان صار ملكاً عارياً من أي صديق أو شريك في السلطة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات