الأردن يواجه حربه الخاصة


خلال اربع وعشرين ساعة توفي عشرة مواطنين بحادثي سير كل منها أبشع من الأخر ، وضاعت تفاصيل الحادثين بين زخم الأخبار المحلية وبقية الأخبار الدولية وخصوصا أحداث غزة وبقية الدول العربية وانتظار نهائي مونديال كأس العالم .
وفي خضم هذه المعارك المتناثرة هنا أو هناك يخفي المجتمع الأردني حربه الخاصة جدا ، والتي يتم التعامل معها من قبل الأجهزة الأمنية بأنها تطور طبيعي لتطور المجتمع وكبر عدد سكانه وكثرة أعداد الجاليات التي دخلت عليه من خلال موجات الهجرة إما القصرية منها أو الاختيارية من دول الجوار ، وهم بذلك يسلمون للأمر الواقع ويكتفون بمراقبة الأحداث وذكر عدد الضحايا يوميا .
قد يقدم البعض جزء من مبررات هذه الحرب الخاصة بأن الأجهزة الأمنية تصدرت الإعلان عن قضايا القتل وحوداث السير كي لايقع المجتمع فريسة بيد وسائل الإعلام التي تصيد بماء فقدان المعلومة لدى الأفراد ، وهي بذلك أي الأجهزة الأمنية أعطت نفسها صفة حارس البوابة الأولى لتغطية هذه الحرب ، وتعاملت بدقة وسرعة عالية في اعطاء اسباب وتفاصيل معارك تلك الحرب الخاصة وتشكر عليه في جانب الأمن المجتمعي الذي يفقد وجوده في لحظة سيطرة الإشاعة على تناقل الأخبار .
وأبرز معارك هذه الحرب الأردنية الخاصة هي حوادث السير التي يذهب ضحيتها مواطنين بأعداد كبيرة في الحادث الواحد ، وتنتهي بمجرد دفن القتلى وخروج " القاتل " من الحجز وتنتهي المعركة وترسخ في ذهن الناس أنها مجرد معركة ثانوية لاتستحق العقاب عليها أكثر من فرش عطوة وفنجان قهوة وبقية لوازم الصلحة التي تكون فيها الحكومة ممثلة بشخوص قيادات سياسية محلية حالية أو متقاعدة جزء من إستمرار هذه المعركة دائرة يوميا .
وهذا التصرف ينطبق على المعركة الأخرى والمتمثلة بجرائم القتل التي تنتهي بعقوبة لاتتساوى مع حجم الجريمة المرتكبة في المجتمع وربما تنتهي لنصف العقوبة إذا ما تم تطبيق الصلحة ، إذا هي حرب أردنية خاصة تتم من خلال معارك هنا أو هناك وتكون حصيلتها يوميا قتلى لاتختلف أعدادها عن أية معركة تدور في دول الجوار التي يموت بها الناس بفعل الصواريخ والبراميل والمتفجرات ، ونحن يقتل الناس بفعل عجلات المركبات وتحت إشراف الدولة وقوانينها العاجزة بإرادتها كحكومة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات