ديموقراطية جحا !!


يقال ان جحا كان غالبا ما يتحاور مع حماره عندما يعود لبيته باخر النهار , شاهد عيان من المقربين للسيد جحا يروي عنه الكثير من القصص والتي تدل على عمق العلاقة التي كانت تربطه مع حميره العشرة , فيقول ذاك الشاهد ان جحا كان كل يوم يبدأ حوار مع حمار على حده وبشكل منفصل حتى لاتسمعه بقية الحمير ;وذلك لايمان جحا بمبدأ الخصوصية واحترام االغير فكان محبوبا لاغلب حمير الحارة وليس لحميره فقط , حيث كان يقدم للحمار ماءا ليشرب ثم يتبعه ببعض التبن لياكل بعد نهار حافل بالسير والعمل , فكان جحا لايتلفظ بأي سؤال عند مخاطبة الحمير بل كان يستخدم لغة الايماء والاشارة فقط وبعدها تبدأ الاجابات بلا توقف وبكل شفافية وصراحة مطلقة , فحمير جحا تملك من النزاهة مالا تملكة حمير العالم مجتمعة لما تؤمن به من قناعتها بمن يمتلكها, فجحا كان على سوية عالية من الادراك والتعقل واحترام الغير , من هنا كان جحا ايضا يتباهى بما يملك من حمير حتى انه كان احيانا يعود مع حميره للبيت ويغلق باب بيته الخارجي ويكتب على الباب عبارة"جحا غير موجود" والسبب لقناعته بأن الاخلاص لايأتي الا من الحمير وان المودة بقلب حمار تساوي مودة الاف الاشخاص , الا ان جيران جحا من اناس كانوا رغم علمهم بما يدور من حوارات ببيت جحا اخر النهار الا انهم كانوا متربصين بيوم يحدث فيه خلاف او نزاع مابين جحا وحميره العشرة , وكانوا يستغربون اشد الاستغراب من تلك المحبة التي تربط انسانا بحمار والتي تجعله يهجر الناس ويبقى محاورا لحمار ؟!!! ثم يتابع صديقه قائلا: اخبرت جحا بأن الجميع مستائون من بعدك عنهم والتفافك حول زمرة من الحمير الا انه لم يعرني انتباها ولم اجد منه اذان صاغية, وبعدها حدثت الكارثة حيث انه بيوم من الايام بينما كان جحا نائما سمع لصا يتحدث مع صديق له طالبا منه سرقة الحمير من بيت جحا , فتعمد جحا اغلاق عينية بحجة انه نائم لايمانه بأن حميره ستقاوم اللصوص وتبقى بالقرب منه, كان بوقتها يسرق الانظار بكل خفة حتى لايشعر به اي من اللصوص حيث كان يخشاهم ويهابهم, عندها راى جحا ما كان لايعلمه من قبل حيث كان اللصوص يطعمون الحمير وبعدها تتبعهم للخارج وكان جحا لم يكن موجودا بيوم من الايام بحياتهم , وبعد ان خرج اللصوص يسوقون الحمير امامهم نهض جحا وحمل سيفه وهم باللحاق باللصوص الا انه توقف فجأة وعاد الى البيت ضاحكا, فيقول صديقه سالت جحا لماذا تضحك وقد فقدت حميرك العشرة ؟! فاجابني كالتالي : حميري واعرفها جميعا لاتعرف الا لغة الماء والتبن ولن تعيش باي فناء فمصيرها العودة لهذا الفناء ... عندها اقتنع جحا بأن الانسان لو مهما اختلف مع غيره سيبقى صاحب ضمير بعكس الحمير فهي تعيش من اجل الطعام والماء وضميرها ملؤه وباء وخيانة وجفاء , وان الحمير مهما اختلفت اجسامها والوانها تبقى حمير وان الناس حتى مع اختلافهم يحملون ضمير , وان الحوار مع صاحب ضمير هو جوهر الحوار وليس كحوار الحمير , فكانت تلك رسالة نستخلصها من قصة جحا والحمير بأن الحوار والنقاش مع اصحاب العقول النيرة المخلصون للمباديء السامية هو الكسب الحقيقي وليس الحوار الفارغ مع من لايعرف معنى الحوار , واذا ما اخذنا نموذج جحا مع حميره هذه الايام , للاحظنا التشابه الكبير عندما يتعلق الامر بنقاش معين او بحوار بفناء عند صديق او على شاشات التلفزيون المختلفة , فلو سألت احدى المتناظرين بعد سويعات من لقاء او اجتماع معين لكانت اغلب اجاباته التي ادلى بها سابقا مختلفه تماما عما سيدلي به اذا ما سألته لاحقا , وهذا دليل حي على عدم الاهلية وكثرة التصنع والتبجح وللاسف كل ذاك تكون اولى مخرجاته مواطن يضيع بين هذا وذاك وعندها تغيب الحقيقة وتكون النتائج سلبية لدرجة كبيرة وذات انعكاسات خطيرة على الفكر الناشيء لدى الاجيال التي مازالت بطور النمو الفكري والثقافي .......والسلام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات