في الذكرى 68 للاستقلال


ثمانية وستون عاماً مضت على اعز واغلا المناسبات الوطنية ....... ثمانية وستون رقم صعب في التاريخ الأردني كانت الكرامة الأبية ........ والتي هي احدي ثمار الاستقلال وفي هذا العام تمر بنا ونحن أحوج كثيراً بأن نحافظ على مكتسبات الاستقلال خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة من حالة من عدم الاستقرار ليقوى الأردن بفظل الشرفاء من أبناءه الذين ساروا على خطى الأجداد والآباء الذين بنوا الأردن بحبات من عرق جبينهم ليبقى ويكون سياجاً منيعاً في وجه التحديات
ففي الخامس والعشرين من كل عام نحتفل بهذه الذكرى الوطنية العزيزة والغالية علينا جميعا" ألا وهي ذكرى الاستقلال فقبل ثمانية وستين عاما" انبثق فجر جديد ومشرق في تاريخ الأردن وسطعت شمس الحرية في سماءه الصافية بعد التخلص من كل المواثيق والعهود الأجنبية التي كانت تحد من التطور والتقدم والازدهار إلي آن تحقق للأردن إرادته القوية والمستقلة من هنا لا بد من تقديم الوفاء الممزوج بالعرفان والجميل لهذه القيادة الهاشمية على امتداد تاريخها الطويل والتي سطَّرت فيه مراحل تاريخية هامَّة ومحطات مفصلية ومضيئة في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية بشكل عام ، وتاريخ الأردن بشكل خاص ؛ فتاريخ هذه القيادة حافلٌ ومليءٌ بالإنجازات الجسام.


فمنذ أن قيَّض الله الشريف الهاشمي الحسين بن علي لهذه الأمَّة الذي جاء معلناً ثورة العرب الأولى التي أعادت كيان هذه امة العرب إلي سابق عهدها كما حمت هويتها العربية الإسلامية من محاولات طمسها على يد الأتراك العثمانيين بزعامة ( جمعية الاتحاد والترقي ) لتنهي بذلك سيطرة دامت أربعة قرون من الزمن ، فكانت رصاصة الحسين بن علي التي أطلقها من مكَّة في العاشر من حزيران عام 1916 لتعلن على الملأ قدوم عهدٍ جديد عنوانه الحرية والاستقلال والحياة الفضلى لأبناء هذه الأمة. فكان الشريف الحسين بن علي وأبناءه البررة هم الذين قادوا جيوش الثورة العربية الكبرى التي جاءت من اجل حرية العرب ومن اجل استقلالهم فكانت محطة الاستقلال الأولى للعرب والتي تحققت على يد الشريف الهاشمي الحسين بن علي لتستمر المسيرة من بعد ذلك و على النهج نفسه للمحافظة على هذا الإنجاز العظيم ويقوده الملك المؤسس الشهيد عبد الله بن الحسين قائد أحد جيوش الثورة العربية الكبرى ليؤسس من بعد إمارة شرق الأردن كأول كيان لهذه الدولة العريقة في عام 1921 كمرحلة أساسية لا استقلال الأردن حيث انتزع الأمير عبدلله وبالقوة اعتراف بريطانيا رسمياً عام 1923 بهذه الإمارة الفتية ، ليوطد أركانها حتى أصبحت مملكة مستقلة وذات سيادة في عهده في 25/5/1946 وتتحقق بذلك المحطة الثانية على طريق الاستقلال للأردن ويصبح الأمير عبد الله أول ملك للملكة الأردنية الهاشمية حيث خاض الجيش العربي الأردني في عهده غمار معارك 1948 في القدس واللطرون وباب ألواد والشيخ جراح وجبل المكبر وغيرها دفاعا" عن الحق العربي في فلسطين حتى سالت دماءُه الزكية الطاهرة كأول شهيد على عتبات المسجد الأقصى عام 1951 ليلاقي وجه ربه في بيت من بيوته في المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
ليمضي من بعده هاشمياً آخراً من بني هاشم الغر الميامين جلالة الملك طلال بن عبد الله الذي أنجز وأضاف لبنة أخرى من التطور والإنجاز ، ففي عهده تم وضع دستور جديد للمملكة الأردنية الهاشمية وهو دستور 1952 والذي يعدّ نقلة نوعية في الحقوق والحريات العامة كما وصف بأنه من أكثر الدساتير ديمقراطية ، وفي إنجاز آخر له و على المستوى المحلي جعل التعليم الابتدائي تعليماً إلزامياً كما طوَّر العديد من مرافق الدولة ، أمَّا على المستوى الخارجي عمل على تقوية العلاقات الأردنية العربية، فبالرغم من قِصَر مدة حكمه - التي انتهت عام 1952 بسبب أوضاعه الصحية- إلا أنها امتازت بالكثير من الإنجازات التي أسست قاعدة للتطوير والتحديث في الفترات اللاحقة.


وبتسلُّم جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال سلطاته الدستورية في الثاني من أيار عام 1953 لتتوالى الإنجازات العظيمة والتاريخية عبر نصف قرن من الزمن، لعل أهمها: إتمام خطوة الاستقلال الأولى بتعريب قيادة الجيش العربي في الأول من آذار 1956 والتي تعد الخطوة الثانية المتممة للاستقلال الذي وضع قواعده ووطد أركانه جده المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين والمتمثل بطرد كلوب باشا وتسليم قيادة الجيش للضباط العرب والأردنيين الأحرار لتبدأ مرحلة تطوير القوات المسلحة الأردنية بالتدريب والتسليح حتى أصبح الجيش العربي جيشاً قوياً أثبت وجوده عبر العديد من المعارك التي خاضها خلال الصراع العربي الإسرائيلي دفاعاً عن الثرى الفلسطيني والأراضي العربية في حروب 1967 و1973 ، وفي هذا المقام لا بد من ذكر دور الجيش العربي الأردني في معركة الكرامة الخالدة 1968 ، تلك المعركة التي أعادت موازين القوى وحققت أول نصر لهذه الأمة وحطَّمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر فكانت نصرا عظيما شهد به الأعداء قبل الأصدقاء بالرغم من أن الحرب لم تكن متكافئة بين الطرفين .
وبتربع جلالة الملك عبد الله الثاني على عرش المملكة الرابعة بعد مبايعة الأردن بحكومته وشعبه بشيوخه ونسائه وأطفاله وشبابه عاقدين الأمل على جلالته الأمر الذي انعكس على تقدم الأردن في العديد من المجالات المختلفة ففي زمن هذه المملكة التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لننظر بعين الإعجاب والتقدير والاعتزاز للقيادة الهاشمية الشابة التي ما أن تولت زمام الأمور حتى سارعت في بناء مشروع نهضوي أردني عماده فكر تقدمي متحرر من الجمود ورواسب الزمن .. فكر يتعامل مع الأمور بروية .. وإستراتيجية شاملة .. ولتقوية الأردن في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر العالم وخاصة الوطن العربي كان لا بد من الابتداء بالإصلاح من أساس البناء
وإن ثورة الإصلاح التي يتولى إدارة دفتها جلالة الملك لتدعونا إلى البدء بإصلاح البيت الأردني وإعادة ترتيبه من الداخل .. ومن هنا جاء شعار " الأردن أولا " ليعمل على تدعيم أركان الاستقلال خاصة بعد أن تكدست القطرية بشكل واضح في منطقتنا بعد حرب الخليج الثانية وبعد أن استقوت الدول الكبرى على سيادة الدول الصغرى خاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول الشهيرة وبعد اجتياح ما يسمى بعواصف الربيع العربي ..فإذا ما نظرنا إلى منجزات الملك عبد الله التي هي أساس صون الاستقلال لوجدناها متعددة ومتجذرة .. فقد تولى بنفسه مهمة تنمية حقوق الإنسان الأردني وصهر جميع الأردنيين من شتى المنابت والأصول في بوتقة واحدة .. وأثرى العملية التربوية بحوسبتها وبتطوير تقنيات تكنولوجيا التعليم .. وعمل على توسيع مظلة الأمن الاجتماعي .. والرعاية الصحية .. والشبابية .. وعمل على إطلاق الطاقات الكامنة في المرأة ( نصف المجتمع ) واستثمارها في العملية التنموية .

.. من هنا كان جلالة الملك المبادر للإصلاح من خلال قيادته لحركة الإصلاح بنفسه المطالبة بمكافحة الفساد من جذوره وترجمة لذلك تأتي جولات جلالة الملك المتكررة للمواطنين كل في موقعه سواء في المدينة أو القرية وفي الريف والبوادي والمخيمات يتحسس جلالته فيه أحوال المواطنين للعمل على حلها من جذورها بنفسه والتي حتما ستأتي آكلها بما يعود على الوطن بالخير والرفعة والاستقرار .

وعلى المستوى العربي لم يغب البعد العربي عن اهتمام جلالته حيث لعب الأردن دوراً بارزاً لصالح القضايا العربية حيث كان السباق دوماً إلى مد يد العون والوقوف إلى جانب العرب في قضاياهم العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية
فمنذ أن تسلم جلالة الملك زمام الحكم خَلفاً لوالده جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال - طيب الله ثراه - الذي قدَّم وأعطى للقضية الفلسطينية الكثير ، وقدَّم للعرب ومنها العراق أيضا الشيء الكثير ، فجلالة القائد الأعلى كان السند والعون للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية وفي زياراته المتكررة لدول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ، كما كان لجلالة الملك عبدالله الثاني الدور البارز بالوقوف إلى جانب العراق وشعبه أبان الحصار وأثناء وبعد الحرب وما يمُرّ به الآن ، ومن التوجيهات الملكية السامية التي أمر بها جلالته لتسهيل مرور الأخوة السوريين واللبيبين من والى الأردن بسبب المعاناة والمحنة التي يمرون بها في هذه الأيام من جراء استحقاقات الربيع العربي في المنطقة .

وختاما" وحينما نستذكر مناسبة الاستقلال ونحييها .. وحينما ننظر من حولنا حيث معاناة الشعوب وتضحياتها في سبيل الاستقلال من جراء اجتياح عواصف الربيع العربي الذي اجتاح المنطقة .. فإننا ندين بالعرفان لصانعي استقلال الأردن .. ونجدد البيعة ونحفز الهمم لصونه ... ونعاهد جلالة قائدنا الأعلى بأن نبقى جنده الأوفياء المؤتمنين على رسالة الثورة العربية الكبرى التي جاءت لحرية واستقلال هذه الأمة ليبقى الأردن واحة امن واستقرار .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات