أساتذة الجامعات قابعون في أبراجهم العاجية


تشكل الجامعات معتكفا للعلماء والمفكرين وتلعب دورا هاما في التأثير في مجتمعاتها من خلال انخراط مدرسيها في شؤون المجتمع وهمومه وتفاعلها مع أنشطته في المجالات المتعددة. والحقيقة أن تفاعل الجامعات والعاملين فيها مع مجتمعاتهم المحلية يعتبر أحد أبرز الأهداف لإنشاء الجامعات واستمرارها. أساتذة الجامعات والأكاديميون في بلدنا كأنهم على رؤوسهم الطير لا نسمع لهم صوتا وتراهم مترددين حتى في الحديث في الشأن السياسي فهم ألفو روتينهم اليومي في التدريس وقاعات المحاضرات والعيش في عالمهم داخل أسوار الجامعة ويبدوا أن أسوارا وحواجز أخرى مماثلة قد نشأت لتحجب أساتذة الجامعات عن محيطهم وتجعلهم يعيشون في أبراجهم العاجية لا يكترثون كثيرا بما يدور حولهم ولا يقدمون رؤاهم ومساهماتهم في المشاركة في الشأن العام .نحن بالتأكيد لا نتوقع من الأكاديميين في الجامعات أن يقودوا المسيرات أو يكونوا في الصفوف لأولى في المعارضة والحراك فهذا شيء مستبعد نظرا لبعدهم عن أوجاع الناس وهمومهم المعيشية ونظرا لشعورهم بالميزة النخبوية المتفوقة في مجال المؤهلات العلمية التخصصية مما يحرمهم من قبول المجتمع لقيادتهم حيث أن الناس تقبل القيادات التي تتمثل همومها وتشعر بأوجاعها.
يا ترى ما أسباب عزوف الأكاديميون في الجامعات عن ممارسة دورهم في الشؤون السياسية لوطنهم؟ هل هي العقلانية والتروي في الحكم على الأشياء والتفاعل مع الأحداث المحيطة؟ أم هو الترفع عن مشاركة شرائح المجتمع الأخرى شجونها وشؤونها ؟ أم أن هذه الشريحة المحظوظة بنيل مستويات متقدمة من العلم والتنوير ليس لديها قليل معاناة وترى أن الأمور في نصابها وتسير وفق قواعد صحيحة ومدروسة؟ محيرا أمر هذه النخبة في مجتمعنا حيث تراهم قابعون في مكاتبهم منكبون على شؤونهم ينئون بأنفسهم عن الشأن العام ولا يرغبون بالتداول جهرا وعلانية في السياسة في الوقت الذي نشهد فيه مزارعين ومهنيين وممرضين ومهندسين وصناعيين وموظفين وعشائريين ومتقاعدين عسكريين وأمنيين يجاهرون بآرائهم ويطالبون بالإصلاح ويشتركون بالفعاليات والمسيرات السلمية والندوات وغيرها . يبدوا أن أساتذة الجامعات مرعوبين خائفين والحقيقة أنه كم هالني أن هؤلاء الزملاء هم من أكثر شرائح المجتمع خوفا ورعبا من السلطة كما أنهم متعلقون ومتشبثون بالجاه والمناصب وحتى حقوقهم في داخل جامعاتهم لا يطالبون بها ولا يلاحقونها ونقابتهم التي من المتوقع أن تدافع عن قضاياهم أمام سلطة الرؤساء والهيئات العليا المتمترسة خلف سلطاتها الهائلة لا يطالبون بها لماذا يا ترى؟؟ نحن نعلم أن المثقفون والأكاديميون في معظم الدول هم عقل وقلب المجتمع النابض وإليهم يرنوا الناس لقيادة الرأي وتشخيص علل المجتمع ومشاكله فما بال القوم لا يفيقون من سباتهم أم أنه رآن على قلوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . حال أساتذة الجامعات ليس يغيظ عدوا ولا يسر صديقا حيث ينطبق عليهم قول الشاعر:وواعظٌ ينصح الناس بالتقى •••• طبيبٌ يداوي الناس وهو عليل



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات