الحياة مضرة بالصحة


يقول المثل " كلا يغني على ليلاه " وهذا هو حال ما يتناوله الإعلام العربي من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جنيف 2 والتي بثت على الهواء مباشرة على العديد من القنوات الفضائية الإخبارية العالمية والعربية ، فصحيفة االيوم السابع المصرية أخذت من خطاب وزير الخارجية السوري " المعلم " جملته التي قال بها " الإخوان عاثوا في الأرض فسادا من تونس الى مصر " ، وموقع الجزيرة نت عنون خبره الرئيس ب" دعوات للحوار في جنيف 2 وكيري " وزير خارجية امريكا " يدعو لاستبعاد الأسد " وهنا يتشابه الخبر الرئيسي مع موقع جريدة الرأي الأردنية والذي يقول " كيري " الأسد " لن يكون جزء من المرحلة الانتقالية ، وصحيفة تشرين السورية الرسمية كان عنوانها الرئيس " حوار سوري- سوري على أرض سوريا ، ولابد من محاربة الارهاب وموضوع الرئيس والنظام خط أحمر " ، وتقدم السفير اللبنانية مختصرا للجنيف 2 وتقول بخبرها الرئيس " جنيف 2 استعراض اعلامي قبل التفاوض " .

وفي الجانب الأخر من المشهد الاعلامي لجنيف 2 جلست الدول الاوروبية وامريكا على طاولة تتسع للمئات من الاشخاص بهدف واحد وهو الخروج من مأزق سوريا الذي أصبح لهم مصنعا للجهاديين الذين سيعودون إليهم بعد أن تنتهي المعركة السورية أو لاتنتهي لأنه في النهاية لابد من العودة الى هناك ، ورغم الدبلوماسية الكبيرة في الخطاب الغربي على طاولة جنيف 2 إلا الوفود العربية وخصوصا طرفي الاجتماع السوريين كالوا لبعضهم البعض التهم ولم يذروا ، ومن خلال عناوين الاخبار الرئيسية التي غطت جنيف 2 أو التي لزمت الصمت من الدول العربية نخرج بتأكيد حقيقة واحدة وهي أن العرب ما زالوا يأخذون من النص ما يريدون ومن ثم يلقون بالباقي في البحر أو على قاعدة " ولاتقربوا الصلاة " .

وليس بعيدا عن جنيف 2 نعيد للذاكرة العربية موقعة بغداد 2003 عندما قالوا بصدام حسين ما لم يقله مالك بالخمر وتغنوا بيوم شنقه وهم يعلمون أن جدار الفتنة " الطائفية " قد سقطت منه أول واجهة وسوف تسقط بقية الواجهات وتصبح الساحة العربية مناطقية اكثر منها قومية ، واليوم يراهنون على بقاء أو عدم بقاء الأسد أو عدم بقائه في حكم سوريا وهم جميعا يعلمون أن الأسد لن يغادر سوريا كما غادر زين العابدين تونس أو كما إنسحب مبارك من الساحة المصرية أو كما هرب القذافي للمجاري ، وتلك الدول أو الأطراف التي تنادي برحيل الأسد تعلم أنها تضع العصى بين العجلات وان دورها في المجازر السورية أكبر من دور الأسد ولكنها تديرها بالريموت كنترول ولايصلها الصوت .

وخلاصة اللقاء الأول لليوم الأول من جنيف 2 أنها " طوشه " ولكنها باسلوب دبلوماسي مع حفظ ماء الوجوه لكافة الأطراف وخصوصا الدول الغربية وامريكا لأنها تعلم أن رحيل الأسد أو بقاءه أمر متروك للشعب السوري داخل سوريا ، وأن مطالب المعارضة برحيله لايتجاوز أن تكون إكمال لأحلامها في سنوات الغربة الطويلة والتي كانت نتيجتها أنهم في واد والشعب السوري على الأرض في واد أخر ، وكما قال " رؤوف " في " الولادة من الخاصرة 3" الحياة مضرة بالصحة وعلى السورين في الداخل والمهجرين أن يعترفوا لهذا الرجل بفضله لأنه اختصر الحالة السورية بتلك الجملة والى جنيف 3 ستشد الرحال من جديد .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات