في ظلال ميلاد الحبيب


في غرة هذا الشهر الكريم من كل عام تستحضرنا مناسبه مهيبه عظيمة , ونحن نستشرف ذكرى ميلاد حبيبنا المصطفى الكريم.

تٌستفز مشاعرنا الجياشه بحب منقذ البشريه , ومخرجها من الظلمات الى النور , خاتم الانبياء والرسل , شفيعنا يوم الموقف العظيم .

تمر بنا هذه المناسبه ونحن في غياب عن تمثل ما امرنا به رسولنا , واجتناب ما نهانا عنه .

تمر بنا والأمة مغلوبة مضطهدة في أمنها واستقرارها، مستهدفة مهددة في ثرواتها واستقلالها , ودماء المسلمين مستباحة في كل مكان, ودموع الثكالى واليتامى في سوريا وغيرها من بلاد الاسلام لا تجد من يكفكفها ، وتذبل منها العيون حزنا وألما على فراق قريب أو حبيب وفقدان المسكن والمأوى, والخوف والرعب من البطش والتنكيل .

تحل بنا ذكرى المولد النبوي وبيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين يئن تحت نير الاحتلال الصهيوني، يشكو تخلينا عنه ، وخذلاننا وتقاعسنا عن نجدته وحمايته من تدنيس بني صهيون .
بأية حصيلة نستقبل هذه الذكرى ؟
ما هي الجهود التي بذلت لتوحيد كلمة الأمة ؟
ما هي مساعي وتدابير حكوماتنا من أجل استرجاع القدس ؟

لكننا وللانصاف نستقبل هذه الذكرى؟ بالعطل الرسميه , وبالأطباق وتناول والمدائح . الولائم والحلوى والطقوس المبتدعة .

وباستعراض نسبه عليه الصلاة والسلام، وذكر مولده ورَضَاعِه ونشأته وبعثته، في سَرْد مُكرر لا يبعث على شيء ولا يُنهض لعمل إلا بقدر ما يلفنا خلف أستار ناعمة سميكة هي كل تلك القرون التي تفصلنا عن ولادته وبعثته صلى الله عليه وسلم، فلا نكاد نقوم أو نحاول شيئا لتجاوز ما بنا، وربط ذلك العهد بحاضرنا، والسير على منهاجه بما يتيحه واقعنا، وييسره زماننا، علنا نغير ما بنا، وننفلت من قبضة هواننا ونكوصنا .

ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم عزيزة، نفرح بقدومها، لكنها فرحة بدون عزيمة! تبرك بدون اتباعه.

لا معنى لفرحتنا ولاحتفائنا بذكرى المولد النبوي إذا لم تنعقد عندنا نية بالتتلمذ عليه، وإذا لم يحصل لدينا عزم على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم .

لا ينبغي أن تمر هذه الذكرى دون أن نجعل منها محطة أخرى نستلهم منها العبر ونأخذ منها الدروس التي من شأنها أن تنبت فينا ذلك الحب القوي والتعلق الكامل بنبي هذه الأمة وبسيرته ومنهاجه. وليكن ذلك التعلق وذلك الاقتداء به في كل شأنه صلى الله عليه وسلم في خُلقه ورحمته ، وفي رفقه بالناس عامة وبالمومنين خاصة وحرصه عليهم ، وفي صبره وحلمه، وشجاعته وإقدامه، وفي إحسانه بالقريب وإكرامه للضيف وابن السبيل، وفي إسعافه للمحتاج وغوثه للملهوف ونصره للضعيف، وفي غضبه لحرمات الله وحدوده، وفي جهاده للكفر ورفضه للظلم والطغيان، وفي حسن تدبيره لشؤون المسلمين وعدله فيهم.

ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيده الله بنصره وجعل فيه كل خصال الحمد والفضل، وهيأ له من المؤمنين تلك الزمرة الخالدة التي آمنت به ونصرته, وآوت دعوته وبذلت في سبيلها المال والنفس.. فكيف لنا نحن أن نقتدي به ونقتفي أثره والزمان غير الزمان والناس غير الناس !؟

ولكنه صلوات ربي وسلامه عليه استبشر بنا خيراً ورفعنا لمرتبه اخوانه , فقد ورد في الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا ابا بكر ليت اني لقيت اخواني , فقال ابو بكر نحن اخوانك . قال انتم اصحابي , اخواني الذين لم يروني وصدقوني واحبوني , حتي اني لآحب لإحدهم من ولده ووالده ).

فلنكن عند ظن رسولنا بنا , نتمثل سنته قولاً وفعلاً , وان نكن اخواناً متحابين على الخير والشر . وكل عام وامتنا بالف خير .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات