هيت لَكْ


الفَشل .... عندما تُنْطَقُ هذه الكلمة يُشْعَرُ بِقَسْوَتِها ، بِجَبَروتِها ، وبِطُغيانِها على توأم الأملِ والعزيمةِ ، ولمْ يَعْهَدُ أيٌ منّا مُرورَ بُرهةٍ منَ الزمنِ إلاَّ وَمَرَّ بمضمون الفشل ..فَمِنَّا مَنْ هَزَمَهُ ، وَمِنَّا مَن انقادَ لِأَحكامهِ الرعناء ..وهنا تكمنُ الحِكاية .

ذاتَ يومٍ مَرَرْتُ بِنَفْسي الّتي لمْ تَشرب من كأس الفشلِ يوما في الدراسة الجامعيّة ، ليسطرةِ "النزعةِ الكماليّةِ" علي ذاتي ، ثم سألتها : هل سيجمعك القدر به في الغد ، فاستنكرت علي السؤال مجيبة : وما "الفشل" يا أنا ؟

فانطلقت صوب الحياةِ الدراسيّةِ بثقةِ الفتاةِ بعنفوانِ أَبيها ، ولمْ آبَه لِكُلِّ الصعوباتِ والتعقيدات التي تفتكِ بعلمِ "الاقتصاد" ، وثابرتُ بلا وعيٍ أو أي حسٍ بادراك الطموحِ ، لقدْ كان مُنَصَّبَاً على قُرصِ حياتي ومحمياً من كل البرامجِ الضّارةِ ، إلى أن .

بدأ الفصلُ الدراسيُّ الجديد ، واخترت كسائر الزملاءِ مواداً تمتازُ بالسهولةِ ، وأخرى لم يكن لأيَّ انسان ان يُحِطْ بخفاياها ، وهذا النوع من المواد الاقتصادية التي أهواها ، لأنَّها تُحَفِّزُ الفِكْرَ وَتُشْعِرُ الطالبَ بِمكانتهِ العلميّةِ ، وتُظْهِرُ التفاوتَ بينَ طُلاب العلم ، وعندما جاءت الحاقّة ، وَسُلِّمَ كلٌ منَّا كِتابه اما بيمينهِ أو بشماله ؛ أظهرتْ النتائجُ الأوليةُ أنَّني من أهلِ اليمينِ في كلِّ المواد التي ظهرت نتيجتها ، ولم يبقَ سوى المادة التي مررتُ معها بقصةِ حبٍّ من "طرف واحد" ، لم تظهر الى الآن ...وفي غضونِ انتظارها كنتُ ألتهمُ "السجائر" بشراهة كمن شَهِدَ على قِرانِ حَبيبَتِهِ على صَديقه .

واحتسيت من القهوة كماً هائلاً ، لأنَّ الأسطورة القديمةَ تتدعي تَهْدِئَتِها للأعصاب ، حتى بات لون دمي أسودا كاحلًا كامرأةٍ زينّها الحَوَرُ على محيط عينيها..

لِنَعُدِ الآنَ إلى " نظام معلومات الطلبة " الَذي هو بمثابةِ الصحيفةِ التي نأخذها يوم الطّامة الكبرى ، هناك انسبتُ بين " أيقوناتِ" الموقع وخافقي يرتعشُ لأولِّ مرةٍ منذُ أن حدثت النكبة وهُجِّرْنا من " نابلس" ..كنت أخشى ، أخاف ، و تعتريني هواجس اللاّنجاح ، الذي لم يحصل لي شرفاً في لقياهُ آنذاك ، وعندما ركبتُ بآخرِ قطاٍر يُوْدِي الى علامة " الاقْتِصاد الرياضِيّ " وحانَ وقتُ النُّزول ، وجدت ُأوَّلَ شخصٍ أراه في حياتي إنه السيد " سبعة وثلاثون من مئة " ..وعندما حَدَّقْتُ به حقَّ التحديقِ ، صفعني وقال :" فالتصحوْ ولا تعشْ على ذكرى الماضي .. ..فلم تكنْ الرياضة قط كالاقتصادِ الرياضي .."

ثُمَّ انصرفَ الى منفاه مبتسماً وتكسوه الثقة بِفَهمي للمغزى ..

والآن سأتلو على نفسي ملخصاً لمجريات المعركة التي نشبت بيني وبين هذه المادة .

في بداياتِ الفصل أَخَذَتْ كَلِماتُ المُضَلِّلين وعشاق الاحباط بِغزوِ مراكزَ الثقةِ لديّ ، مع جلدهم لها بابتسامات السخريةِ من الثقةِ العمياء بانتصاري ، الى أن سَيْطَرَتْ كلماتِهم على نواةِ فِكري، وبِت ُّ أُبرمجُ الجهازَ العصبيّ على شيفرة الفشل ، فربَّما لو حصلتُ على تقدير "ممتاز " لرأيتها " راسب وبجدارة " ، فقد أَخَذَتْ حواسي منحنى جديد ، وَهُيْكِلَتْ قُدْراتِها على الشّلَلِ ، ربّما كتبتُ السين صاداً ، وقسمت بدلا من أن أضرب !

..هذا ما حدث انها سياسةُ البرمجةِ التي فَشِلْتُ بِتَسيسِها للتخلّص من الفشل ، فهوَ ليسَ وراثة بل مكتسباً ، لرغبةٍ شديدةٍ منّا لاكتسابهِ ، وكأنّنا نقولُ له ُ" هيت لك ".

عندَ الوقوعِ بهاويةِ الفشلِ ، لا يمكنُ الصعودَ مِنها إِلاَّ باستخدامِ ما يعرفُ بـِ" الانضباط الذاتي" ، بحيث يُبَرْمَجُ العقل الباطن على الايجابية ، وَتُعْرَفُ لدى الذاتِ مَراكز القوّة والضعف ، حتى تتلقى الألم َ والمتعة بمنتهى المرونة ، لقياسِ مدى استجابة التغيّر في مستوى الضعفِ نتيجةً للتغيُّرِ في نسبة ِ القوّة ، ومن ثم تُتَّخَذُ الاجراءاتِ الَتصحيحيّةِ المناسبة .



تعليقات القراء

Hani
فالتصحوْ ؟؟
Very nice. Keep doing the good job
30-12-2013 04:05 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات