فرط الخيط


زمان عندما كنت صغيرا، كنت أجد مشكلة مع الملابس ، فمقاسي وقتها كان محير ، وقلما كانت والدتي تجد ملابسا مناسبة لي " على قدي " ، لكن الأمر لم يكن يمثل مشكلة عند الوالدة ، أساسا قلب الأم لا يعرف المشاكل أو ربما يصهرها ويذيبها .
كانت أمي عندما تشتري لي بيجامة أو بنطلون مثلا ويتبين لها بأنه كبير علي تقوم بتقييفه والتقييف مسألة مرتبطة في الغالب على التقصير أو التضييق ليبدو مناسب على الجسم.
والدتي كان لها أيضا عقلية اقتصادية ، فهي لم تكن تقص الأجزاء الزائدة بل كانت "تكفها" وتثنيها إلى الداخل ، ومن ثم خياطتها على أمل أن أستفيد من الثياب لاحقا فيما إذا كبرت أو ازداد وزني "وانصحت" عندها لن يتطلب الأمر سوى أن يتم إزالة الخيط وهذه العملية تسمى "فرط" ورد الكفة المثنية ليستقيم الأمر.
للعلم خياطة الثنيات والكفات لم تكن تتطلب عناية فائقة باختيار لون خيط مناسب ، فكل الألوان كانت جديرة بالمهمة ، حمراء صفراء خضراء لا يهم ، المهم أن تصبح الثياب على "القد" ، وكم كان الأمر محرجا بالنسبة لنا عندما ينقطع الخيط بفعل الحركة والنطنطة وتصبح أرجل البنطال تجر معنا على الأرض ويفتضح أمرنا وينكشف.

للعلم أيضا ... نحن الآن نمارس هذه العملية مع سارة فهي تكبر كل يوم ، ومضطرين للتعامل مع ملابسها على هذا النحو ، لكننا بصراحة نهتم بلون الخيط ودائما ما أوصي والدتها بتمكين الخياطة جيدا.

منذ أن جئنا على هذه الخليقة ونحن معتادين على تقييف أفراحنا وسعادتنا بما يتناسب مع هذا القلب ، معتادين على كف وثني أحزاننا وتعاستنا وتفصيلها على القد ، معتادين على الصمت والصبر ، حتى الضحكة قيفناها ، وحتى أحلامنا قيفناها على العقل أو قيفنا العقل عليها.
ترى ............... متى يمكننا فرط الخيط وفكه.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات