العنف الجامعي أسباب ومبررات وحلول !


ان الحديث بكل صراحة عن اسباب العنف الجامعي هذه الايام هو مطلب وطني بعيدا عن مجاملة فئة على حساب اخرى , ففي العقد الماضي كانت جامعاتنا الرسمية وبدون استثناء تنعم بشيء مقبول من الحس الامني المبني على الاهتمام بالنواحي الامنية لحرم الجامعات وما تحويها من مكونات من طلاب وطالبات , ولكن ما يحدث اليوم وعلى مرئى الجميع من تجاوزات تقوم بها بعض الفئات لجعل البيئة التعليمية بيئة غير مستقرة وبالتالي يقود ذلك لخلق حالة من عدم الاستقرار في المجتمع لتحقيق مصالح واطماع سوقية , وبكل صراحة فان ما نشهده هذه الايام من عنف جامعي يعود للاسباب التالية :

اولا: تدني المستوى التربوي للطالب وغياب الدور الفعال للاسرة عن واجبها تجاه ابنائها وتجاه المجتمع : ونقولها بكل موضوعية ان الاسلوب التربوي للابناء من مرحلة المدرسة حتى مرحلة الدراسة الجامعية ودخول الابناء للجامعات اخذ يسير بمنحنى تنازلي منذ اكثر من عشر سنوات مقارنة بما كان من قبل , وهذا الشي ظهر واضحا من خلال بروز دور الفرد على حساب دور الاسرة والجماعة , وبالتالي فأن الرقابة التي كانت تمارسها الاسرة في الماضي على ابنائها في الجامعات بطرقهم الخاصة ومتابعتهم الحثيثة اصبحت اليوم مجرد اخبار تسمعها عن ابنائها هنا وهناك , مما جعل الطالب بمنئى عن الاتصال المباشر بالاسرة والعشيرة وعن الرقابة المؤثرة , وهذا ادى لخلق مجتمع جديد يؤسسه الطالب مع بيئته الجديدة بالجامعات مبنيا باغلب الاوقات على الطموحات الفردية بعيدا عن طموح الاسرة واهتماماتها , وبالتالي تم خلق تجمعات وتحزبات مبنية على الرغبات اكثر من الانسياق وراء العادات والتقاليد الحميدة لمجتمعاتنا كما كانت في الماضي .

ثانيا: ظهور جيل جديد من قادة العملية التعليمية بالجامعات سواءا الرؤساء او المدرسين والتي تغيب عنهم القدرة الادارية الحقيقية التي تؤهلهم للتعامل مع المجتمعات الطلابية وبالتالي يتم تغييب التفاعل الحقيقي بين مجتمع الطلبة والبيئة المحلية من حيث التداخل والتفاعل الايجابي , وهذا يؤدي لتنامي النزعة الفردية لدى الطلاب مع غياب روح العمل الجماعي الصحيح والفعال, ولذلك يجب ان تكون هناك اسس ومرتكزات نابعة من روح التنافس الحقيقي والخبرات العلمية والعملية عند تعيين رؤساء الجامعات ومسؤلين الاقسام بعيدة عن المحسوبية والشللية لما لها من اثر سيء بتنمية الاجيال الطلابية المتعاقبة بالجامعات , فالخبرات التي يمتلكها المسؤول التعليمي تخلق نوع مميزا من التفاعل الحقيقي والبناء بين الطلبة من جهة وبين المجتمعات المحلية من جهة اخرى وبالتالي تتولد لدى الطلاب الروح الحقيقية لتحمل المسؤوليات ناحية الوطن والمجتمع .

ثالثا: ان عدم التركيز بشكل تام على اسس القبول بالجامعات من خلال التنافس فقط يؤدي لبروز اطياف طلابية ضعيفة تعليميا وقوية عنجهيا وبالتالي تزداد حالة الاحتقان واللامبالاة لدى ذالك الطيف من الطلاب مما ينعكس سلبيا على الخريج مستقلا وعلى مسار العملية التعليمية بالجامعات , وهذا بدوره يؤسس لقواعد انفلات اخلاقي وتربوي بالصروح والمعاهد العلمية , لذلك يجب ان يكون العامل المشترك للقبول الموحد بجامعاتنا هو المعدل فقط بدون اي اعتبارات اخرى للبيئة او العشيرة او اي حالات اخرى اذا ما اردنا بناء جيل قوي علميا ملتزم اخلاقيا منتمي للوطن والمواطن .

رابعا: غياب الاسلوب التربوي الفعال بالمدارس الحكومية والخاصة يخلق جيلا ضعيفا اخلاقيا على حساب التنافس العلمي فقط , لذلك يجب ان تعاد هيبة المعلم التربوية واعطائها مساحات اكبر كما كانت بالماضي حتى يشعر الطالب والطالبة بمدارسنا بمسؤلية المدرسة اكثر من اهتمامهم المباشر بالتعليم فقط , فالتربية والتعليم مساران متوازيان لايجب الفصل بينهما باي شكل كان , اما ما نلاحظه هذه الايام ونتيجة لايمان المعلم بمحدودية مساحته التربوية لهو من الاسباب الكبرى التي تؤدي للعنف المستقبلي وخاصة بجامعاتنا الحكومية بالتحديد .

خامسا: ان التغني باساليب العيش والتربية الغربية وما نقلته حكوماتنا على مر السنين من تجارب الدول الاخرى بتنمية وتربية الاجيال لايتفق مع تاريخنا ومعتقداتنا المبنية على التعاليم الدينية السمحة ولذلك يجب الاسراع باعادة هيكلة الاسلوب التربوي الذي يتناسب مع مجتمعاتنا لينعكس ايجابيا على الابناء مستقبلا وهذا واقع على مسؤولية الدولة بشكل رئيسي, فاسلوب التربية الذي يسير حياة جون بالغرب لاينطبق على اسلوب التربية الذي يجب ان يسير حياة احمد في الشرق . فبالرجوع لفترة ليست بطويلة وخاصة باخر التسعينات نلاحظ ان مقياس العنف الجامعي لم يسجل اي حالات مؤثرة بل كانت مجرد خلافات بسيطة سرعان ما تنتهي بالجامعه او الاسرة.

سادسا: الفقر وضبابية الرؤيا المستقبلية للخريجين من الجامعات وغياب الوازع الديني لدى الاكثرية يمهد الطريق نحو الانفلات الاخلاقي لدى الطلاب مما يتسبب بحالة عدم استقرار فكري لدى الاغلبية , وبالتالي ونتيجة لحالة الفقر التي تسود البلاد وعدم امكانية الطالب مع التكيف مع الظروف الاقتصادية الراهنة ينتج كحصيلة لتلك الظروف نموذج هزيل تتجسد من خلاله صور العنف وتصبح طابع مميز لبعض الطلاب , من هنا يجب على اصحاب القرار بالجامعات خلق فرص متواصلة لاقحام الطالب بالعمل الاجتماعي واشراكه بمنهجية حلول قضايا المجتمع , وهذا بدوره يؤدي لزيادة الثقة والمسؤولية لدى الطلاب وتنامي الحس الوطني لديهم .

سابعا : ظهور شخصيات معينة تحاول ان تلعب في الماء العكر وتحقق مكاسب على حساب مستقبل ابنائنا الطلاب من خلال اذكاء روح الفتنة والعنصرية وخلق الاضطرابات , وذلك من خلال عدم قيامهم بتطويق اي نوع من الخلافات بوقتها والعمل على التخلي من مسؤولياتهم الاجتماعية والوطنية نحو جيل مهم من مكونات المجتمع وهو الطلاب , وللاسف ممارساتهم تلك تؤدي لتأزيم الاوضاع وتصاعدها ,فنأمل من النواب والمسؤولين ومن يعتقد انه صاحب مكانة بمحافظته او مدينته ان يكون احدى محاضر الخير وليس الشر فمجتمعنا ووطننا وترابه هو امانة باعناق الجميع واستقراره هو هدفنا السامي . واخيرا: يجب على الدولة وعلى العشيرة والاسرة ان تعيد صياغة اسلوب التعامل الفعال مع المجتمع الطلابي بالجامعات من خلال الارشاد والتوجيه وتنامي دور الحرس الجامعي المؤهل والتعيينات البعيدة عن المحسوبية والواسطة او اي اعتبارات اخرى (وهذا من واجب الدولة فقط) , اما الاسرة فيجب عليها ان تهتم بابنائها وبنهج حياتهم التعليمية والتربوية للحد من الاثار السلبية على طبيعة حياة ابنائهم الجامعية .....والسلام



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات